دبلوماسي جنوب أفريقي: "بريكس" ليست ضد الدولار ولكن ضد استخدام العملة "للبلطجة" على الآخرين
قال دبلوماسي جنوب أفريقي إن قمة البريكس المنعقدة في بلاده ليست ضد الدولار الأمريكي بل ضد استخدام العملة "للبلطجة" على الآخرين.
Sputnikجاء ذلك في تصريحات للدكتور سيابونجا سيبريان كويلي، سفير جنوب أفريقيا لدى الصين ووزير الداخلية السابق، أدلى بها لـ "
سبوتنيك" في اليوم الأخير من قمة بريكس الـ15 المنعقدة في جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، يومي 22 و24 أغسطس/ آب.
وقال كويلي إن العملات البديلة تعتبر ضرورية لتعزيز الاستقرار في النظام التجاري العالمي والتخفيف من تأثير العقوبات الأحادية.
ورغم عدم معارضته للدولار الأمريكي، أعرب السفير كويلي عن مخاوفه بشأن استخدامه كأداة للبلطجة وفرض عقوبات لا تستند إلى تفويضات الأمم المتحدة.
وقال إن هذه الإجراءات لها آثار سلبية على الدول النامية، ما دفع بريكس إلى استكشاف عملات بديلة للتعاون التجاري والاقتصادي.
ومضى الدبلوماسي الجنوب أفريقي بقوله: "أريد فقط أن أقول هذا الشيء، نحن لسنا ضد
الدولار، ولكن ما نحن ضده هو استخدام العملات، التي تستخدم في التجارة، للبلطجة على الآخرين، لدفع العقوبات التي لا تستند إلى الأمم المتحدة، والتي تسبب مشاكل لنا جميعا، لأن تلك العقوبات المفروضة على روسيا وآخرين لها الآن تأثير على الدول النامية".
وشدد السفير كويلي على أهمية استخدام العملات التي لا تخضع للتلاعب الجيوسياسي والعقوبات. وأشار إلى أن قادة بريكس اتفقوا على أن يعمل وزراء مالية بلدانهم على هذه القضية ويقدموا تقريرًا مفصلا عن الحلول المحتملة.
وبحسب الدبلوماسي، فإن استكشاف العملات البديلة يشمل النظر في استخدام العملات الرقمية إلى جانب العملات الوطنية.
وأضاف: "لذلك نحن نبحث عن عملات بديلة، ونتطلع إلى التداول بأموالنا. ونتطلع إلى العملات الجديدة، بما في ذلك العملات الرقمية، وما إذا كان بإمكاننا الاستفادة منها حتى يكون هناك استقرار في نظام التجارة العالمي".
وأعرب السفير كويلي عن سعادته بانضمام دول جديدة إلى أسرة "بريكس" وشدد على أهمية الوحدة والرؤية المشتركة للتنمية.
وبتسليط الضوء على تجربة جنوب أفريقيا، باعتبارها واحدة من أوائل المستفيدين من توسع بريكس في عام 2010، أكد كويلي على أن بريكس هي شراكة من أجل التنمية وليست كتلة ضد أي دولة محددة، وينصب تركيزها الأساسي على التنمية العالمية وإدراج وجهات نظر البلدان النامية على المستوى المتعدد الأطراف.
وقال كويلي: "نحن شراكة من أجل التنمية. ولسنا كتلة. ولسنا ضد أحد، ولكننا قلقون بشأن التنمية العالمية وشمول وجهات نظر الدول النامية، خاصة على المستوى المتعدد الأطراف (...) ولهذا السبب نتحدث جميعا عن إصلاح هذه المؤسسة لتلبي احتياجات وتطلعات البلدان النامية".
وقوبل الإعلان الأخير عن انضمام الأرجنتين وإثيوبيا و
مصر وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كأعضاء جدد بتهنئة السفير كويلي، الذي ذكر أيضًا إمكانية الترحيب بالمزيد من الأعضاء في العام المقبل بناءً على المعايير والمنهجية المتفق عليها.
وقال الدبلوماسي الجنوب أفريقي في هذا السياق: "نعتقد أنه ربما سيتم الترحيب بالمزيد من الأعضاء في العام المقبل، لأننا الآن أصبحنا واضحين بشأن المعايير. وهنا في جوهانسبرغ، في جنوب أفريقيا، اتفق قادتنا على المعايير والمنهجية والأنظمة اللازمة لكم من أجل تحقيق أهدافنا".
وشدد على أن المبادئ الأساسية التي تربط دول بريكس معًا، هي رؤية مشتركة لتنمية شعوبها، والسعي لتحقيق السلام كحافز للتنمية، والالتزام بالتعددية بدلا من الأحادية.
وأكد أن صنع القرار داخل بريكس يعتمد على الاحترام المتبادل، مع منح الكلمة المتساوية لجميع الدول الأعضاء بغض النظر عن حجمها الاقتصادي، مضيفا: "يضمن بناء توافق الآراء أخذ جميع وجهات النظر بالاعتبار، ما يسهم في عمليات صنع القرار أقوى وأكثر شمولا".
وتابع كويلي بقوله: "الأمر الأكثر أهمية، أعتقد أن بعض الناس لا يعرفون، هو كيف تتخذ مجموعة بريكس قراراتها؟ بريكس منتدى للاحترام المتبادل، ولا تمارس دوله البلطجة لأن اقتصادها أكبر من اقتصاد دوله الأخرى. لكن لدينا آراء متساوية. واحترام متبادل. وقادتنا يحترمون بعضهم البعض، بقدر ما لدينا سياسات مختلفة".
كما أكد الدكتور كويلي على التحول نحو التعاون العملي بين دول بريكس. ورغم أهمية الاتفاقات السياسية، فإن التركيز الآن ينصب على التعاون العملي الذي يفيد الشعب بشكل مباشر، وفق قوله.
وسلط السفير الضوء على "الفوائد الملموسة" لتعاون بريكس، خاصة في مواجهة جائحة كوفيد-19 الأخيرة، حيث قدم بنك التنمية الجديد، ومقره في شنغهاي، لكل دولة عضو مبلغ طوارئ قدره 2 مليار دولار أمريكي للمساعدة في التخفيف من تأثير الوباء.
ووفقا له، أظهر هذا الدعم الطبيعة العملية والمفيدة لعلاقات بريكس، والتي تمتد إلى ما هو أبعد من الاتفاقات السياسية وتهدف إلى إفادة الشعب بشكل مباشر على الأرض.
وقال للصحفيين: "لذلك يرى الناس هذه العلاقات المفيدة. إذا نظرت إلى التجارة بين دول بريكس، فإنني أتحدث من منظور جنوب أفريقيا، منذ انضمامنا في عام 2010، زادت تجارتنا مع هذه الدول".
وأضاف الدكتور كويلي أن الإحصائيات تتحدث عن نفسها، ما يشير إلى أن شراكة بريكس تتجاوز الخطابة وتحقق نتائج ذات معنى.
وسلط الدبلوماسي الجنوب أفريقي الضوء على المواءمة بين شراكة بريكس والأهداف الرئيسية لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، مؤكدا الرؤية المشتركة للجانبين في دفع التنمية الأفريقية.
وأكد الدكتور كويلي على أن التصنيع يعد برنامجًا بالغ الأهمية لتحديث أفريقيا، بما يتماشى مع أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تم إطلاقها في عام 2019، وأجندة الاتحاد الأفريقي 2063. وأعرب عن تقديره للدعم الذي تلقاه من شركاء بريكس في هذا المسعى.
ومضى بقوله: "من المهم أن نحصل على هذا الدعم الآن من شركائنا في مجموعة بريكس. جميعهم ملتزمون بالعمل من أجل التصنيع لأن هذا برنامج مهم للغاية لتحديث أفريقيا وفق أجندة 2063. وكان رئيسنا يقود هذه العملية بالفعل مع نظرائه في القارة الأفريقية".
وشدد الدكتور كويلي على أهمية فتح سلاسل التوريد الصناعية والتجارة، بدلا من إغلاقها.
ولفت إلى أن هذا النهج يتوافق مع مبادئ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تسعى إلى تسهيل التجارة الحرة بين البلدان الأفريقية وتعزيز التكامل الاقتصادي.
ووفقا للدكتور كويلي، فإن تقارب بريكس ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في تعزيز التجارة المفتوحة والتعاون الاقتصادي أمر بالغ الأهمية لإطلاق الإمكانات الاقتصادية لأفريقيا.
وسلط الوزير السابق الضوء على التحدي المتمثل في تحول الطاقة في ظل تغير المناخ. واعترف بأن البلدان النامية، بما في ذلك تلك الموجودة في أفريقيا، لا تزال تعتمد على الوقود الأحفوري ولكنها ملتزمة بتوسيع توليد الطاقة المتجددة.
وقال في هذا الصدد: "ما زلنا دولا نامية، لكننا نلعب دورا رائدا في جلب الطاقة المتجددة بينما لا نزال نستخدم الوقود الأحفوري لأننا مازلنا نتطور (...) ولكن حتى في مجال التكنولوجيات الأحفورية، ستجد أن دول بريكس تتعاون من حيث جلب التكنولوجيات للحد من الانبعاثات، حتى في توليد الفحم".
يشار إلى أنه تم دعوة دولتين أفريقيتين - مصر وإثيوبيا - لتصبحا عضوين كاملي العضوية في بريكس بدءا من 1 يناير/ كانون الثاني 2024، حسبما صرح رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا خلال خطاب قادة الكتلة في مؤتمر صحفي في اليوم الأخير من قمة بريكس.
وبالإضافة إلى الدولتين الأفريقيتين، تمت دعوة الأرجنتين وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للانضمام إلى الكتلة في أوائل العام المقبل.
ووفقا لرئيس جنوب أفريقيا، فإن قبول الأعضاء الجدد هو المرحلة الأولى من عملية توسيع المجموعة، حيث تقدمت أكثر من 20 دولة رسميا للانضمام إلى الكتلة.