طالب بعودة سياسة الاغتيالات.. ما تداعيات تصريحات بن غفير وهل تقود لمزيد من العنف؟

أثارت التصريحات التي أطلقها وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، المخاوف من تصعيد حالة تطرف المستوطنين تجاه الفلسطينيين، والدخول في مواجهات أكثر عنفًا.
Sputnik
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن بن غفير، قوله إنه يعتزم فرض حصار شامل على عدد من المدن الفلسطينية، ووضع الحواجز والعودة إلى سياسة الاغتيالات، وإلغاء تصاريح عمل الفلسطينيين، وفرض قيود على حركتهم في الضفة الغربية بحجة منع العمليات ضد المستوطنين الإسرائيليين.
وقال مراقبون إن هذه التصريحات تعبر عن توجه إسرائيلي وسياسة متطرفة تتنافى مع القانون الدولي، وقد تورط المنطقة برمتها في حرب مفتوحة، مطالبين بضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف مثل هذه السياسات العنصرية.
بن غفير: حقي وأولادي في الحركة داخل الضفة الغربية أهم من حق العرب
إعدام ميداني
اعتبر نبيه عواضة، الباحث اللبناني المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن تصريح بن غفير يتضمن مستويين من الدعوة للعنف، الأول؛ القتل من أجل القتل عبر إطلاق الاغتيالات كمبدأ يومي في التعامل مع الأحداث في فلسطين، وهو أشبه بقرار إعدام ميداني يتنافى مع أبسط الحقوق والمواثيق الدولية التي تنص على الحماية المشروعة للسكان في المناطق المحتلة، وأن تكون تلك السلطات ملزمة بضمان حياة الأفراد والمجموعات، مؤكدًا أن العودة لسياسة الاغتيال هو فعل إجرامي يقود حتما إلى تشجيع المستوطنين على تنفيذ أعمال العنف التي تقوم بها المؤسسة الرسمية، مثل الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية دون اللجوء إلى المحاكم.
أما البعد الثاني في موقف بن غفير، بحسب ما قاله عواضة لـ "سبوتنيك"، يتضمن خطورة كبيرة كذلك، حيث دعوته لإقامة الحواجز ومنع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من التنقل، وكأن هذا الحق فقط للمستوطنين، وهو أمر يحول الفلسطينيين في الضفة إلى سجناء، ما يعد ممارسة عنصرية تتنافى مع القانون الدولي.
وأكد أن الأمم المتحدة تعتبر الضفة أراضي محتلة، والمستوطنات بداخلها تجمعات غير شرعية وليس لها سند قانوني، وأقيمت على أراضٍ محتلة، وتصريحات بن غفير ممارسة فاشية لا تتناسب إلا مع العصور القديمة، مشيرًا إلى أن الموقف الإسرائيلي في مجمله يتفق على ضرورة تعزيز الاستيطان.
وأوضح عواضة أن هذا الاستيطان يضاف إليه الدعوة الصريحة إلى ممارسة القتل عبر الإعدام الميداني وعبر السجن ومنع التنقل والتحرك؛ بحجة الحفاظ على المستوطنين الذين لا يشكلون سوى ثلث المتواجدين في مناطق الضفة، مقابل أغلبية فلسطينية من أصحاب الأرض، وهم مهددون بالقتل وتقييد حريتهم.
"حماس": عملية حوارة نتاج وعد المقاومة للدفاع عن شعبنا
حرب مفتوحة
من جانبه، قال محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يستمد سياسته عمليًا من بن غفير وحزبه، لكن هذا الأمر يعد واردا في حسابات حكومته، خاصة فيما يتعلق بالاغتيالات السياسية، وليس صدفة التحذيرات التي أطلقتها حماس والجهاد تجاه العودة لهذا الأمر، وأنه قد يؤدي لفتح مواجهة ما بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن نتنياهو لا يريد في ظل هذه الظروف الدولية والإقليمية مواجهة مع المقاومة في قطاع غزة، لكن الوضع الأمني في الضفة الغربية مقلقًا من قبل المستوطنين، خاصة مع زيادة المقاومة الفلسطينية هناك ضد انتهاكات الاحتلال، وهو أمر طبيعي لكل شعب محتل في أن يقاوم بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة للتخلص من هذا الوضع.
وأكد كنعان أن الحكومة الإسرائيلية والكابينت (المجلس الوزاري الأمني المصغر) اتخذا قرارات بالتشديد على الفلسطينيين، سواء بالاعتقال أو تضييق الخناق الاقتصادي والسياسي، وكذلك على القيادة الفلسطينية والشعب في كل أماكن تواجده، وهو أمر متوقع في ظل هذه الحكومة الفاشية والعنصرية، ووزراء مثل بن غفير وسموتريتش.
وأوضح أن تحركات كهذه لنتنياهو يمكن أن تقحم المنطقة برمتها في حرب لا يعرف أحد مداها، خاصة أن بن غفير يرى ضرورة اللجوء إلى القتل والاغتيالات، ولا يكترث بالقانون الدولي، أو الإدارة الأمريكية وأوروبا، مشيرًا إلى أن الوضع العام بات خطيرًا.
جريمة جنين وتهديدات حماس… هل تتجهز إسرائيل لمعركة جديدة في قطاع غزة؟
تجارب فاشلة
بدوره، توقع الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، فشل بن غفير في مخططه تمامًا كما فشل الحاخام مائير كاهانا من قبله، لكن الوضع الآن أكثر خطورة من ذي قبل، حيث هناك 7 من أتباعه في مراكز قيادية وتحت إمرة بن غفير.
وقال في حديثه لـ "سبوتنيك"، إنه لا جدوى من العودة لسياسة الاغتيالات، والتي فشلت من قبل، حيث سيكون التصعيد المتبادل حصادها، واتساع دائرة العنف، التي بدأت تطل برأسها، ودخول الجميع في مستنقع خطير يصعب الخروج منه.
واعتبر أنور أن مثل هذه المواقف المتطرفة، بالإضافة إلى سياسة هدم المنازل والحديث عن ترحيل جماعي، أمور من شأنها أن تؤجج الأوضاع الميدانية أكثر، وتضيف إلى فشل بن غفير حتى في تحقيق وعوده الانتخابية، حيث سبق وأن وعد بتقليل العنف داخل المجتمع العربي، لكن الوضع حاليا يتفاقم، وهناك نحو 155 قتيلا داخل المجتمع العربي في إسرائيل، وهو مسؤول كوزير عن أمنهم، وفي المقابل هناك عمليات مقاومة تجري ويفشل الأمن الإسرائيلي في إجهاضها أو التصدي لها.
وأكد أن هذه الأمور، وفشل سموترتيش رفيق درب بن غفير في تمرير 700 مليون شيكل عاجلة لدعم الاستيطان، تدفع المستوطنين للانطلاق في عمليات تنكيل للفلسطينيين، حيث اقتحام المنازل وحرق الحقول والمقدسات، لكنها في النهاية لا يمكن أن تكسر من إرادة الفلسطينيين، معتبرًا أن بن غفير يحاول الهروب إلى الأمام، وتجريب حلول سبق وأن تم تجريبها وفشلت.
اعترف وزير الأمن القومي بأنه لا يملك صلاحية العمل في أراضي الضفة الغربية، والتي تقتصر على الجيش وليس الشرطة، لكنه كرر دعواته للعودة إلى الاغتيالات الممنهجة وحرمان الفلسطينيين من تصاريح العمل.
مناقشة