وتخشى مصر والسودان من تأثير سد النهضة السلبي على مواردهما المائية، وتعتمد مصر بشكل كبير على مياه النيل كمصدر رئيسي للمياه العذبة، وتخشى أن يؤدي ملء السد إلى تقليل حصتها من المياه وإلى تأثير سلبي على الزراعة ومياه الشرب في البلاد.
وتسعى الدولتان إلى ضمان حصتهما المائية العادلة والمستدامة من مياه النيل، في حين تسعى إثيوبيا إلى توفير الكهرباء لتلبية احتياجات تنميتها الاقتصادية من خلال بناء سد النهضة، ومع ذلك، تواجه الدول الثلاث صعوبة في التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف ويحقق توازنًا بين المصالح المتنازعة.
اجتماع القاهرة
وتتضمن المفاوضات الجديدة في القاهرة مناقشة القضايا المتعلقة بمعدل ملء السد وتشغيله وآلية توزيع المياه، بالإضافة إلى آلية لحل النزاعات وتسوية الخلافات، ويهدف الطرفان إلى التوصل إلى اتفاق شامل يحقق المصالح المشتركة ويضمن استدامة موارد المياه في المنطقة.
وأكدت مصر أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يراعى مصالح وشواغل الدول الثلاث، مشددة على أهمية التوقف عن أية خطوات أحادية في هذا الشأن، وأن استمرار ملء وتشغيل السد في غياب اتفاق يعد انتهاكا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015".
كما أعلن رئيس وفد إثيوبيا المفوض سيلشي بيكلي أن "هناك فوائد ستجنيها مصر والسودان من استكمال بناء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي"، مؤكدا أن بلاده لن تتراجع عن حقوقها وتمسك بموقفها الذي يرتكز على مبدأ الاستغلال المتساوي والعادل.
موقف إثيوبيا لم يتغير
وأعلنت الحكومة المصرية أن "جولة التفاوض المنتهية بالقاهرة لم تشهد تغيرات ملموسة في مواقف الجانب الإثيوبي"، مشيرة إلى أن "هدف المفاوضات هو الوصول إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة".
وأكد البيان أن "مصر تستمر في مساعيها الحثيثة للتوصل في أقرب فرصة إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، على النحو الذي يراعى المصالح والثوابت المصرية بالحفاظ على أمنها المائى والحيلولة دون إلحاق الضرر به، ويحقق المنفعة للدول الثلاث".
جولة جديدة
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية، أن أديس أبابا ستستضيف الجولة المقبلة من مفاوضات سد النهضة مع مصر والسودان، الشهر المقبل.
وقالت الخارجية الإثيوبية إن "وفود إثيوبيا ومصر والسودان أكملت الجولة الأولى بالقاهرة من المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة"، مشيرة إلى أن المشاركين في المفاوضات تبادلوا الآراء للوصول إلى موقف مربح للجميع.
وأكد البيان "سعي الدول الثلاث إلى اختتام المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة على أساس مبدأ الانتفاع المنصف مع ضمان حصتنا المشروعة من مياه النيل".
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اتفقا الشهر الماضي على الانتهاء خلال أربعة أشهر من صوغ اتفاق حول ملء وتشغيل السد.
وأتى لقاؤهما على هامش اجتماع الدول المجاورة للسودان، الذي سعى لإيجاد حلول للأزمة التي يشهدها بسبب الصراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
خلافات بعد جولات طويلة
ومنذ 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق حول ملء سد النهضة وتشغيله، إلا أن جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر اتفاقا حتى الآن.
ورغم أن مصر والسودان حضتا مراراً إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السد إلى حين التوصل لاتفاق شامل، أعلنت أديس أبابا في 22 يونيو/ حزيران استعدادها لإطلاق المرحلة الرابعة من ملء خزان السد الذي تبلغ سعته نحو 74 مليار متر مكعب من المياه.
ودشنت إثيوبيا رسميًا في فبراير/ شباط 2022 إنتاج الكهرباء من السد الذي تقول إنه من بين الأكبر في أفريقيا بتكلفة بناء تجاوزت أربعة مليارات دولار، ويتوقع أن يبلغ كامل طاقته الإنتاجية عام 2024.
ويقع سد النهضة على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول – قمز، على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان، ويبلغ طوله 1.8 كلم وارتفاعه 145 متراً.
وتعتمد مصر على نهر النيل لتأمين 97% من احتياجاتها المائية.