العملية العسكرية الروسية الخاصة

أجور تصل إلى 2000 دولار يوميا... كم يكسب المرتزقة من القتال في أوكرانيا؟

جنود أوكرانيون يصطفون خلال حدث تذكاري بمناسبة ذكرى مرور عام على العملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا في كييف، 24 فبراير 2023.
بينما كشف الجيش الروسي عن زيادة كبيرة في تجنيد أوكرانيا للمرتزقة الأجانب، فإن التقديرات بشأن حجم ‏رواتب هؤلاء "الجنود الأثرياء" تشهد تباينا كبيرا، من أقل من 1000 دولار شهريا وحتى 2000 دولار في اليوم.
Sputnik
تحدثت "سبوتنيك" مع اثنين من الخبراء العسكريين المخضرمين، للكشف عن حقيقة الأمر فيما يتعلق بمسألة المرتزقة في أوكرانيا.
في البداية، كشف أحد المحاربين القدامى في الجيش الألماني، الذي تطوع للقتال إلى جانب الجيش الأوكراني، في تصريحات لوسائل الإعلام الألمانية مؤخرا، عن المعدل المنخفض بشكل مدهش للأجانب المشاركين في حرب "الناتو" ضد روسيا في أوكرانيا.
وقال موضحا أن "الأمر يعتمد على مقدار الوقت الذي تقضيه في الخطوط الأمامية، وهناك مبدأ المدفوعات القتالية، القائم على الدفع مقابل كل يوم يقضونه في المعركة، ويصل المبلغ شهريا إلى نحو 2000 إلى 2500 يورو، بينما القوات التي تقضي وقتا أطول على الجبهة، يمكنها الحصول على المزيد، بما يصل إلى نحو 3000 يورو (أو 3260 دولارا) شهريا، وتلك المبالغ كبيرة جدا بالنسبة لأوكرانيا".
وتتطابق شهادة المرتزق الألماني مع الأرقام التي عرضتها لجنة التحقيق الروسية في شهر فبراير/ شباط الماضي، والتي كانت تقوم بجمع معلومات حول جرائم حرب محتملة داخل أوكرانيا.
ووفقا لأرقام المحققين الروس، فإن المرتزقة الأجانب يحصلون في أوكرانيا على نحو 815 إلى 2710 دولارا.
ورفعت لجنة التحقيق الروسية قضايا جنائية ضد 160 من التجار من 33 دولة مختلفة، منها جورجيا، وأمريكا، ولاتفيا، وإسرائيل، والسويد، فيما يتعلق بجرائم مشتبه بها ضد القوات والمدنيين الروس.
كما أشار تحقيق أجرته وسائل الإعلام الفرنسية، خلال فصل الصيف الحالي، إلى أن المتطوعين يشكون باضطرارهم إلى الدفع من جيوبهم الخاصة، مقابل شراء المركبات والإمدادات وحتى الأسلحة الصغيرة، على الرغم من المساعدات التي قدمها الغرب حتى الآن لشراء الأسلحة، والتي تبلغ قيمتها نحو 100 مليار دولار أمريكي.
العملية العسكرية الروسية الخاصة
إعلام: إسبانيا تجند مرتزقة بشكل علني لصالح القوات المسلحة الأوكرانية
وتتناقض تلك الوقائع تماما مع المعلومات المتناثرة، التي تم الإبلاغ عنها خلال المراحل الأولى من الأزمة الأوكرانية في العام الماضي، بما في ذلك التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام البريطانية في مارس/ آذار 2022، بشأن مدفوعات تصل إلى 2000 دولار يوميا، بالإضافة إلى مكافآت للجنود السابقين متعددي اللغات، المستعدين للتوجه إلى أوكرانيا.
مبالغ هزيلة
يقول إيرل راسموسن، المقدم المتقاعد بالجيش الأمريكي، والذي أصبح مستشارا دوليا، يتمتع بخبرة عسكرية تزيد عن عقدين من الزمن في تصريحاته لـ"سبوتنيك": "أعتقد أن مبلغ 1000 إلى 2000 دولار شهريا هو مبلغ منخفض نوعا ما، إذا أخبرتني أن هذا ليوم واحد، فسأقول حسنا، أستطيع أن أفكر في ذلك، لكن إذا كنت تتحدث على أساس شهري، فهو في الواقع منخفض جدا بالنسبة لحالة المرتزقة".
وتابع: "لقد رأيت بعض المناقشات التي تقول إن المرتزقة يحصلون على ما بين 30 ألف دولار إلى 50 ألف دولار سنويا مقابل وظيفتهم، وأن قادة الفرق يتقاضون ما يصل إلى 100 ألف دولار"، مشددا على أن "ما بين 1000 إلى 2000 دولار شهريا يبدو بالنسبة لي "في الجانب المنخفض".
وقال راسموسن: "إن لم يكن ذلك المبلغ يوازي قضية أؤمن بها بشدة، فلن أضع حياتي على المحك من أجل ذلك القدر من المال"، في إشارة إلى المخاطر التي يتعرض لها المرتزقة الأجانب.
من ناحيتها، تعتقد كارين كوياتكوفسكي، وهي ملازم متقاعد في القوات الجوية الأمريكية، وضابط الأركان السابق في البنتاغون، وتعمل حاليا كمتحرية، أن "معدل البقاء على قيد الحياة بالنسبة للكثيرين من المرتزقة على الخطوط الأمامية ضعيف، وأتوقع أن الجودة المنخفضة للقيادة العسكرية والمطالب السياسية في أوكرانيا لا تجذب الكثير نحو هذا الراتب المحدود".
وأضافت لـ"سبوتنيك": "يبدو كما لو أن الجيش الأوكراني قد تضاءل أمام أولئك الذين سيقاتلون من أجل القتال، أو أولئك الذين يضطرون إلى القتال".
وتابعت: "إن أوكرانيا ترسل رجالا تزيد أعمارهم عن 70 عاما للتدريب في حلف شمال الأطلسي في ألمانيا، وعندما يقترن هذا النوع من التطرف بالتقارير التي تفيد بأن عددا قليلا جدا من اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا يعتزمون العودة إلى ديارهم بعد الحرب، فإن ذلك يكشف الكثير عن الوضع الحالي لأوكرانيا، وقدرتها على على الدفاع عن حدودها المتبقية ومستقبلها كدولة منتجة".
العملية العسكرية الروسية الخاصة
الدفاع الروسية: تدمير مركز إدارة المرتزقة الأجانب في نيكولايفكا
ما هي مصادر الأموال؟
وردا على سؤال حول مصادر تمويل المرتزقة، أكد المقدم المتقاعد بالجيش الأمريكي إيرل راسموسن، أنه "في حين أن الشيكات قد يتم توقيعها من قبل الحكومة الأوكرانية، فمن الواضح أن الأموال تأتي من الداعمين الغربيين لكييف".
وقال: "بحسب فهمي، فإن حكومة الولايات المتحدة تدفع رواتب كبار المسؤولين الحكوميين في أوكرانيا لتشمل التقاعد والتغطية الطبية، ولن أتفاجأ إذا تم دفع رواتب جيشهم من الولايات المتحدة".
وتابع مضيفا أنه سمع شائعات مفادها أن واشنطن تقدم مليار دولار إضافية شهريا نقدا لمدفوعات الحكومة الأوكرانية.
ولفت راسموسن إلى أنه "بخلاف الأموال القادمة من الدول الغربية المانحة، فهناك صندوق ضخم من الأموال التي ساهم بها المانحون من القطاع الخاص".
وهنا يوضح: "لديك منظمات غير حكومية، ولديك أشخاص مثل رجل الأعمال الأمريكي الهنغاري، جورج سوروس، من منظمة "Open Society"، الذي يعرف كيف يقوم بتحويل أمواله، وإلى أين تذهب هذه الأموال، أنا متأكد من أنه يتم غسلها من خلال عدة منظمات مختلفة".
العملية العسكرية الروسية الخاصة
مرتزقة أمريكيون يكشفون الخسائر الفادحة للقوات الأوكرانية خلال الهجوم المضاد
"أسوأ يوم في أفغانستان والعراق هو يوم عظيم في أوكرانيا"
يقدر الجيش الروسي أن ما يقرب من 5000 من التجار الأجانب قتلوا، بينما فرّ قرابة 4900 آخرين من البلاد خلال العام ونصف العام الماضيين، وفي شهر مايو/ أيار 2023، قدّرت وزارة الدفاع الروسية أن نحو 2500 من المرتزقة ما زالوا في ساحة المعركة يقاتلون من أجل أوكرانيا.
وقد روى العديد من التجار الأجانب الذين تمكنوا من الفرار أحياء منذ ذلك الحين قصصا مرعبة عن تجربتهم، إذ أعرب البعض الذين أتوا إلى البلاد "بمثالية مشرقة" في وقت لاحق عن أسفهم، بعد اكتشافهم الحقائق القاسية للخدمة، بما في ذلك الفساد، والافتقار إلى الاحتراف، والعلاج السيء، والأجر الضئيل.
بينما شكا تجار آخرون من أن حرب "الناتو" في أوكرانيا لا تتشابه مطلقا مع الحروب التقليدية التي تخوضها أمريكا وحلف شمال الأطلسي في أماكن، مثل العراق وأفغانستان، والتي تتميز بدعم مدفعي وجوي ساحق.
وقال جندي أمريكي لوسائل إعلام أمريكية في يوليو/ تموز 2023 "إن أسوأ يوم في أفغانستان والعراق هو يوم عظيم في أوكرانيا".
مناقشة