ولم يستبعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان انعكاس تحسين العلاقات بين طهران والرياض إيجابيا على المنطقة، والمساهمة في استقرار لبنان، حيث جدد خلال زيارته الأخيرة لبيروت دعم بلاده لجهود رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، والتيارات السياسية اللبنانية لانتخاب رئيس الجمهورية في البلاد.
وقال إن "خلال المباحثات التي أجريناها مع المسؤولين السعوديين، سمعنا منهم تصريحات إيجابية وبناءة من أجل دعم لبنان، وندعو جميع الدول للتعاون مع لبنان ودعمه، والجمهورية الإيرانية ستستمر بدعمها القوي للبنان".
وطرح البعض تساؤلات بشأن التوجهات الإيجابية السعودية تجاه لبنان، وما الذي يمكن أن تقدمه المملكة لحلحلة الوضع السياسي والاقتصادي المتأزم هناك.
نفوذ سعودي
اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن المملكة العربية السعودية يمكنها حلحلة الوضع السياسي في لبنان، إذا ما مارست نفوذها على النواب السنة الذين يعيشون حالة ضياع بسبب غياب المرجعية، ويعتبرون أن أي إشارة من السعودية بمثابة رعاية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ما يسمى بالنواب التغيريين والمستقلين ينتظرون إشارة من السعودية أيضا، وكذلك القوى اللبنانية التي تعود مرجعيتها للمملكة، فإن كان هناك موقفا إيجابيا سعوديًا لإنجاز العملية الانتخابية يكون حديث رئيس المجلس النيابي عن مهلة الأسبوع من أجل الحوار والتداول مبنيًا على معطيات مادية وعلى توافق إقليمي بطبيعته يحتوي على توافق دولي.
ويرى أن التقارب السعودي الإيراني الأخير، والشروع بتسوية الخلافات على قاعدة التفاعل وتقاطع المصالح يريح المنطقة برمتها، وبكل السياقات والاتجاهات، هذا أمر يعد تحولا استراتيجيا وذو أهمية نوعية ليست عادية أو تقليدية.
قدرة المملكة
اعتبر الدكتور فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، أن المملكة تقوم بدور إيجابي وقيادي لتحقيق وتعزيز الأمن والسلم على المستوى العربي والإسلامي والإقليمي والعالمي، وما قامت به مؤخرا من تقارب مع إيران في ظل المظلة الصينية، تأتي لإنهاء جميع الفجوات السياسية، ما يؤشر على جهود السعودية لإحلال السلام، وهو ما ترتكز عليه مبادئ السياسة الخارجية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني للمملكة ولقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وذلك بعد أشهر من الاتفاق السعودي الإيراني، يؤشر على حرص المملكة على تحقيق مثل هذه الاتفاقية، فيما لا يزال هناك حالة من البطء لدى الجانب الإيراني فيما يتعلق بنفوذها في الدول العربية، من بينها الأزمة اللبنانية الاقتصادية والسياسية.
وقال إن إيران لا تزال تمارس سياسة التدخل في الدول العربية، على الرغم من أنها فتحت سفارتها بالمملكة العربية السعودية كاستثمار دبلوماسي وإعلامي، فيما تحرص المملكة على الأمن القومي العربي، والدفع في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، معتبرًا أن هذه العقيدة لن تدفع الأمور في لبنان إلى حيز التنفيذ.
واعتبر العنزي أن إيران يمكنها لعب دور محوري في المنطقة، والتأثير على الكثير من الملفات، مرورا بسوريا ولبنان، مؤكدًا أن التواصل السياسي ما بين الرياض وطهران وكذلك النظام السوري لا يوجد أمامه أي نوع من العوائق، سوى وقف التدخل الإيراني في الشؤون العربية.
ويرى أن المملكة لها اتصال سياسي ودبلوماسي قوى في لبنان، ويمكنها التأثير هناك في الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية، وتملك القدرات والإمكانيات تحريك مثل هذه الملفات، فيما لا تحتاج إلى مثل هذه التصريحات، حيث تملك المملكة قنوات اتصال كبيرة مع كافة الدول الأشقاء، بما فيها لبنان وسوريا والعراق واليمن.
وكان رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، قد أعلن عن ارتياحه للتطورات الإيجابية التي شهدتها العلاقات بين السعودية وإيران، واصفا إياها بأنها "مفيدة للمنطقة بأكملها".
وكانت السعودية وإيران قد أعلنتا، في مارس/ آذار الماضي، اتفاقهما على استئناف العلاقات الدبلوماسية، بعد سنوات من القطيعة، حيث جرى التوافق بين الدولتين بوساطة الصين، التي قامت بدور مهم في إتمامه، وكانت أحد الموقعين على البيان المشترك للدولتين.