وبحسب المرسوم، يُنهى العمل بالمرسوم التشريعي رقم /109/ تاريخ 17 أغسطس/ آب 1968 وتعديلاته المتضمن إحداث محاكم الميدان العسكرية.
وقال مراقبون إن هذه الخطوة تعبر عن تطور واسع وكبير في سياق انتهاء العمليات العسكرية في سوريا، فيما يعد تمهيدًا مهمًا لعملية المصالحة السياسية، خاصة وأن قوى المعارضة طالما أعلنت رفضها لهذه المحاكم.
تطور إيجابي
قال الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، إن "المحاكم الميدانية العسكرية "court trial" تُفعل في ظروف الحرب والقتال، حيث يتطلب الأمر الحفاظ على انضباط الوحدات القتالية عبر إجراءات قضائية تضمن التماشي مع الظروف الخاصة التي تقتضيها الحرب والأعمال القتالية".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تتمتع المحاكم العسكرية بسلطة محاكمة مجموعة واسعة من الجرائم العسكرية، والتي يشبه الكثير منها الجرائم المدنية مثل الاحتيال أو السرقة أو شهادة الزور، إضافة إلى البعض الآخر من الجرائم العسكرية البحتة مثل الجبن والفرار والعصيان، وتعمل هذه المحاكم في غالبية دول العالم في ظروف الحرب.
وفي سوريا أُنشئت هذه المحكمة (التي تعد من المحاكم الاستثنائية) منذ نحو خمسين عامًا، وتضمّن قانون إحداثها أنها تعمل في ظروف الحرب أو العمليات الحربية، وفقا لدنورة.
ويرى دنورة أن إلغاء محاكم الميدان العسكرية هو تطور إيجابي في أكثر من اتجاه، فهو يدل على أن حالة الأعمال القتالية التي صاحبت الحرب على سوريا قد انتهت عمليًا أو أنها في طور الانتهاء، وهو ما تشير إليه مجموعة من المراسيم الأخرى التي صدرت في الأسابيع الأخيرة، والتي تضمنت تسريح أعداد لا يستهان بها من المقاتلين المحتفظ بهم، والذين تم استدعاؤهم للاحتياط.
ومن جانبٍ آخر - والكلام لا يزال على لسان دنورة - تأتي هذه الخطوة على طريق إلغاء المحاكم الاستثنائية في سوريا، وهي خطوة كان قد سبقها إلغاء محكمة أمن الدولة العليا منذ سنوات، وهي المحكمة التي سبق إنشاؤها هي الأخرى في الستينيات من القرن الماضي.
طريق المصالحة
من جانبه، اعتبر عمر رحمون، المحلل السياسي السوري، أن القرار جاء في وقت مناسب، حيث لم يعد هناك حاجة لتلك المحاكم التي سبق تدشينها بسبب الاضطرابات الداخلية في سوريا، خلال الفترة السابقة، لكن الآن وصلت البلاد إلى بر الأمان، واجتازت المؤامرة الأمريكية الغربية التي كانت تريد الإطاحة بالدولة وهدم النظام القائم، وفرض آخر موالٍ لها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا النوع من المحاكم العسكرية ترتبط دائمًا بالأحداث والأزمات الداخلية، وكانت ضرورية في الوضع السابق، لكن الآن وبعد أن خرجت سوريا من عنق الزجاجة، بات إلغاء هذه المحاكم ضروريًا لاكتفاء الحاجة منها، مع العودة لنظام المحاكم المدنية المعروفة بشكلها الطبيعي.
ويرى رحمون أن هناك الكثير من التداعيات التي تحيط بهذه الخطوة المهمة، أبرزها تمهيد طريق التسوية السياسية في سوريا، حيث من الممكن أن يمهد القرار لمصالحة كبرى مع المعارضة وجمهورها، والتي كانت تعترض سابقا على أي مساع للصلح بسبب وجود هذه المحاكم العسكرية والتي كانت تعرقل الاتفاق.
وأكد أن إلغاء العمل خطوة في الاتجاه الصحيح، بعد أن أصبحت سوريا لا تحتاج لهذه المحاكم في الوقت الراهن، بل يمكنها فتح صفحة جديدة على طريق المصالحة والتسوية السياسية في دمشق.
وبحسب مرسوم الرئيس السوري، "تُحال جميع القضايا المحالة إلى محاكم الميدان العسكرية بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري لإجراء الملاحقة فيها، وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /61/ لعام 1950 وتعديلاته".