وأضاف أن الأسوأ من ذلك هو أن العجز يتزايد كل عام، ومنذ اندلاع الحرب في العام 2015، تضاعف العجز وتقلصت الإيرادات العامة واستفحلت الأزمات وخلّفت تداعيات اقتصادية وإنسانية كارثية.
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن "التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء اليمني بوصول العجز في الموازنة إلى ما يقارب الـ50 في المئة وربما أكثر ليس مستغربا، وربما الأمر سوف يبلغ أكثر من ذلك في ظل بروز ثلاثة عوامل تشكل خطورة بالغة في العام الأخير، على رأسها توقف صادرات النفط الخام التي كانت تشكل المصدر الرئيس لتمويل الموازنة العامة، في ظل الاستهدافات المتكررة من قبل جماعة "أنصار الله" لمنشآت وموانئ تصدير النفط، إضافة إلى استمرار التهديدات للشركات المشغلة".
وتابع الشعيبي أن "العامل الثاني الذي فاقم من العجز في الموازنة هو التفاهمات الأحادية برعاية إقليمية ودولية مع أنصار الله، والتي أفضت إلى هدنة على الحدود مع السعودية قابلها فتح ميناء الحديدة، وكان لهذا الأمر تأثير مباشر على نشاط ميناء عدن، حيث قلص الواردات عبر ميناء عدن لأكثر من 80 في المئة، ما انعكس في ضياع ثاني أهم مورد بعد النفط وهو الإيرادات الجمركية، أضف إلى ما سبق انحسار وتراجع المساعدات الخارجية وتعهدات المانحين في ظل استمرار الصراع، منذ العام 2015 حتى اليوم".
وأشار خبير الاقتصاد السياسي إلى أن "الحكومة اليمنية تعوّل على المنحة السعودية الأخيرة المقدرة بنحو 1.2 مليار دولار لتغطية البند الأهم في الموازنة العامة (الأجور والمرتبات)، حيث تم جدولة هذه المنحة على دفعات تتسلمها الحكومة بهدف تغطية عجز دفع مرتبات القطاع العام، إذ استعملت منها حتى الآن نحو 250 مليون دولار كدفعة أولى".
وحول السيناريوهات التي قد تلجأ لها الحكومة للتقليل من تلك الأزمة الكارثية، يقول الشعيبي إنه "ليس أمام الحكومة من حلول لتفادي أو الحد من خطر هذا العجز سوى تقليص وترشيد الإنفاق العام إلى أدنى مستوياته، ولا يتم الإبقاء سوى على النفقات الضرورية، ومن تلك النفقات التي يجب تقليصها، هي المرتبات والمخصصات التي تحول بالعملة الأجنبية إلى الخارج للبعثات الدبلوماسية وأعضاء الرئاسة والحكومة المقيمين في الخارج، إلى جانب تقليص النفقات والمخصصات الضخمة للمقيمين (المسؤولين) في الداخل والاكتفاء بدفع مرتباتهم الأساسية وفق القانون".
وطالب الشعيبي الحكومة اليمنية بإصدار نافذ بمنع الواردات من السلع والخدمات غير الضرورية، وإلى جانب ما سبق، يجب على المجتمع الإقليمي والدولي القيام بدوره المطلوب وعلى أقل تقدير الالتزام بالتعهدات السابقة لدعم الاقتصاد اليمني ومنعه من الانهيار، إذ أن التداعيات الكارثية التي قد تنتج عن ذلك سوف تتعدى الجغرافيا اليمنية وتصل تبعاتها إلى الدول المحيطة والإقليمية.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنه في ظل تداعيات الحرب هناك فساد مستشري في مفاصل الدولة وتضخم في جانب الإنفاق العام غير المتوازن مع حجم الإيرادات التي يتم تحصيلها، وأغلب تلك الانحرافات ناتجة عما يسمى باقتصاد الحرب وغياب الرقابة والمحاسبة.
وقال معين عبد الملك، رئيس الحكومة اليمنية، الاثنين الماضي، إن عجز الموازنة يتراوح حاليا بين 40 إلى 50 في المئة، مشيرا إلى أن "إيرادات الدولة تأثرت بشدة جراء استهداف جماعة "أنصار الله" لموانئ نفطية في جنوب وشرق البلاد أواخر العام الماضي".
وأضاف في مؤتمر صحفي في مدينة عدن، أن "حجم الإنفاق في النصف الأول من العام 1.1 تريليون ريال (1.595 مليار دولار)، وتقريبا الآن 1.3 تريليون ريال، والإيرادات كانت في حدود 600 مليار ريال في النصف الأول"، بحسب "رويترز".
وأكد أن العجز في الموازنة العامة للدولة وصل تقريبا إلى ما بين 40 إلى 50 في المئة، في قفزة كبيرة من 20 في المئة السنة الماضية.
وأضاف: "طوال العام ومنذ الهجمات على موانئ تصدير النفط الخام الذي يشكل 60 في المئة من الإيرادات، لم يحصل أي إصدار نقدي جديد، واعتمدت الحكومة على الإصلاحات لتعزيز الإيرادات ومكافحة التهريب والتهرب الضريبي والجمركي".
وتقول الحكومة اليمنية إن اقتصاد اليمن تكبد خسائر بنحو 1.5 مليار دولار خلال 11 شهرا من استهداف جماعة "أنصار الله" موانئ تصدير النفط الخام.
وقال متعاملون في سوق الصرف في عدن إن سعر الدولار وصل إلى 1450 ريالا، من 1300 بداية الشهر الماضي.