لترسل هذه الحواجز المعروفة بـ"أسنان التنين" و"القنافذ" رسالة واضحة لحلف شمال الأطلسي ووكلائه الأوكرانيين، بأن روسيا موجودة وأن نظام كييف لن يحصل على شبر واحد من الأراضي الروسية.
لتنال هذه التحصينات إشادة كبيرة من قبل الخبراء العسكريين حول العالم والدور الذي أدته في إيقاف تقدم القوات الأوكرانية وترسانة الأسلحة الغربية.
ما هي "أسنان التنين"؟
هي عبارة عن عوائق دفاعية خرسانية على شكل هرم مضاد للدبابات، لا يزيد ارتفاعها على متر إلى 1.2 متر، ويمكن وضعها وتركيبها بسهولة ولا تحتاج لأي قواعد خاصة، ولزيادة فعاليتها الدفاعية يمكن ربطها ببعضها بعضا بواسطة كوابل حديدية، كما يمكن تغطيتها بأسلاك شائكة.
ومثلها مثل أي نوع من الحواجز يمكن استخدامها سواتر دفاعية، إذ يمكن وضع رشاشات ومدفعية خلفها وأنظمة صواريخ، بحيث تصبح قوات العدو بمثابة أهداف سهلة عند محاولتها اجتياز هذه الحواجز.
كيف تعمل "أسنان التنين"؟
وضح الخبراء العسكريون آلية العمل المثلى لهذه الدفاعات بالتوازي مع تدعيمها بإجراءات دفاعية أخرى:
1- تركيب صف واحد من "أسنان التنين" لن يكون له أي معنى و يجب وضع القطع في عدة صفوف وبترتيب خاص حتى يصعب التغلب عليها. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون "الأسنان" بأشكال مختلفة حسب مكان تركيبها.
2- حفر خندق خلف هذه "الأسنان" مضاد للدبابات، بعمق 2 متر وعرض 5 أمتار على الأقل، وأن يكون جدار الخندق المواجه للعدو بدرجة ميلان تتراوح بين 45-60 درجة والجدار المقابل 60-65 درجة حتى لا ينهار.
3- لتأمين هذه الحواجز يتم إضافة ألغام مضادة للأشخاص وللدبابات لسد الفراغات الموجودة بين "الأسنان".
4- لمنح هذه الخطوط فعالية دفاعية أكبر يمكن مراقبتها من الجو من خلال طائرات من دون طيار.
متى تم استخدام "أسنان التنين" لأول مرة؟
استخدامت تحصينات "أسنان التنين" على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الثانية لإعاقة حركة الدبابات والمشاة والآليات. وكانت مهمة هذا الهيكل الدفاعي هي إبطاء تقدم مركبات العدو المدرعة وتوجيهها إلى منطقة القتال ثم تدميرها بأسلحة مضادة للدبابات.
تم استخدام "أسنان التنين" من قبل العديد من الجيوش الأوروبية، حيث استخدمها الألمان على نطاق واسع على "خط سيغفريد"، وهو خط دفاعي تم بناؤه خلال ثلاثينيات القرن العشرين ليمتد هذا النظام الدفاعي الألماني لأكثر من 630 كيلومترًا مع أكثر من 18000 مخبئ وأنفاق وأفخاخ للدبابات.
كما استخدمت فرنسا أعدادًا كبيرة من "أسنان التنين" في بناء "خط ماجينو"، وقام البريطانيون بتركيب "أسنان التنين" في 1940-1941 من أجل تعزيز الدفاعات الساحلية للبلاد ضد الغزو الألماني المحتمل.
ملامح جديدة في الحروب المعاصرة
في لقاء مع "سبوتنيك" تحدث الخبير العسكري، عمر المعربوني، عن هذه الخطوط، قائلا: "أسنان التنين" كناية عن كتل اسمنتية بشكل هرمي وبأحجام متناسبة ارتفاعا ومساحة مع تشكيل إعاقة حقيقية لكل المركبات، وهو اجراء دفاعي استخدم منذ الحرب العالمية الأولى، والمستغرب أن القوات الروسية أعادت استخدامه لأنه منذ الحرب العالمية الثانية لم يتم استخدامه في الحروب التي نشأت على مستوى العالم".
ووصف المعربوني هذه "الأسنان" بأنها جزء من خط الدفاع الروسي وليست كله، قائلا: "أسنان التنين" هي جزء من خط الدفاع الروسي وليست كله وبحسب المعلومات المتوافرة تأتي هذه العوائق بعد حقول الألغام مباشرة، حيث تشكل هذه الحقول عائقا ناريا بوجه المدرعات والدبابات الأوكرانية لتأتي "أسنان التنين" وتشكل العائق الأكبر الذي لا يمكن تجاوزه، علما أن تجاوز هذه العوائق سيجعل الأرتال الأوكرانية إذا ما تجاوزت حقول الألغام في حالة ثبات، ما يعرضها للنيران الروسية".
مضيفا أن خلف هذا العائق يوجد سلسلة من الخنادق التي توقف تحرك الدبابات والعربات ولا يمكن عبوره إلا من خلال بناء جسور، وهذا بحد ذاته عائق إضافي سيساهم باستهدافها.
أضف الى ذلك أن خطوط الدفاع الأولى تأتي مباشرة بعد حقول الألغام و"أسنان التنين" ما يعرض العربات التي يمكن أن تجتاز هذه العوائق للضربات النارية.
وحتى اللحظة منذ بدء الهجوم الأوكراني المضاد لم يتم تسجيل عبور للدبابات والمدرعات الأوكرانية لخط "أسنان التنين" بالتالي المعركة لا تزال في المنطقة الرمادية الفاصلة بين تموضع القوات الروسية والأوكرانية.
وحول ظهور نمط جديد للحروب من خلال استخدام "أسنان التنين"، قال المعربوني: "أسنان التنين" ليست نمطا جديدا وتم استخدامها في الحربين العالميتين الأولى والثانية ولكن بالنظر لطبيعة الجغرافية التي تشكل مسرح العمليات الآن، من الواضح تماما أن العودة لهذا النمط من العوائق الميدانية هدفه الأساسي استنزاف وإعاقة تقدم القوات الاوكرانية وبالتالي تسهيل استهداف تجمعاتها أمام خط الألغام وخط "أسنان التنين"، بحيث يمكن القول إن ملامح جديدة للحروب المعاصرة بدأت مع استخدام جديد لهذه العوائق، مضافا لها أنماطا ومعدات جديدة وعلى رأسها الطائرات المسيرة والصواريخ المضادة للدروع والقذائف الموجهة بدقة وأنماط جديدة مختلفة تماما يمكن القول إنها مزيج من العوائق القديمة والمعدات الجديدة، وبالتالي هذا ما يمكن أن نصفه بأنه نمط جديد وملامح جديدة للحروب المعاصرة".