وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كلير لوجاندر، إن زيارة المبعوث الفرنسي لبيروت تسعى لوضع حد للمأزق السياسي الذي يشل البلاد، حيث يعمل بالتنسيق مع الشركاء في المنطقة.
واستبعد مراقبون أن تصل مساع المبعوث الفرنسي لأي نتيجة، حيث سبق وأن فشلت كافة المبادرات الفرنسية في لبنان، إضافة إلى أن القوى السياسية هناك لا تزال متمسكة بمواقفها التي لا يمكن حلحلتها في الوقت الراهن.
فشل متوقع
اعتبر الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، أن "المبعوث الفرنسي لا يحمل جديد للأزمة السياسية في بلاده، بل جاء ليرى ما إن كانت القوى السياسية في لبنان لديها حلول جديدة، خاصة أنه تبنى المبادرة التي قدمها رئيس البرلمان، نبيه بري، والتي تقوم على الحوار لمدة أسبوع، ومن ثم دورات نيابية متتالية حتى انتخاب رئيس الجمهورية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن
"لودريان حضر إلى لبنان بجعبة فارغة، واتصالاته مع القوى السياسية لم تحرز أي تقدم، فالكل متمسك برأيه، فيما يسعى المبعوث الفرنسي إلى البحث عن مخرج للأزمة القائمة مع توقعات دائمة بالفشل".
وأكد أن "لودريان يعلم بأن عدم نجاح مبادرة بري يعني دخول لبنان في نفق مظلم إلى المجهول، وهو يراهن على الحس الوطني عند اللبنانيين الذين قد يتجاوبون مع مبادرة الحوار للوصول إلى انتخاب رئيس الجمهورية"، معتقدا أنها "لن تنجح أيضا، إذ من يسعى وراء هذه المبادرة هم فريق الممانعة وليس لديهم أي مصداقية في الشارع، وسبق وأن دعوا لحوارات متعددة وأخلفوا بكل وعودهم".
ويرى وهبي أن "ما يحدث مجرد محاولات كسب المزيد من الوقت، لغرض شروط معينة، وفرض مرشح تحت ضغط الفراغ والأزمة الاقتصادية والسلاح، والتهويل بالدخول في حرب مع إسرائيل".
مرحلة انتظار
في السياق، اعتبر المحلل السياسي اللبناني، سركيس أبو زيد، أن "زيارة المبعوث الفرنسي للبنان فسرها البعض بشكل مختلف، هناك من يرى أنها لرفع العتب عن فرنسا، فيما يرى البعض الآخر أنها جاءت للتأكيد على استمرار المبادرة الفرنسية، وأنها بانتظار تغييرات وتعديلات جوهرية تسمح لها باكتشاف خروقات معينة".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك":
"زيارة المبعوث الفرنسي للبنان هي الأخيرة له، إذ ينطلق إلى ملفات أخرى، فيما ينتقل الملف إلى مسؤولين آخرين لفتح أبواب جديدة علّها تثمر في إنجاح المبادرة بعد تعديلات أو تغييرات في الموازين تتوقعها فرنسا، وتسعى لحلحلتها مع المملكة العربية السعودية وغيرها من الشركاء في مجموعة الدول الخمس".
وقال إن "هذه المرحلة لا يمكن اعتبارها مرحلة حل، بل مرحلة انتظار وترقب، لناحية إيجاد خروقات سياسية جديدة علها تساعد في إيجاد حلول مرضية لجميع الأطراف، وتنهي حالة الفراغ الرئاسي، وما ترتب عليها من أزمات سياسية ودبلوماسية واقتصادية".
وتقول فرنسا إن مبعوثها سيلتقي مع جميع الجهات الفاعلة السياسية الممثلة في البرلمان المنتخب من الشعب اللبناني، والتي تقع على عاتقها مسؤولية انتخاب رئيس الجمهورية، مؤكدة أن الهدف الرئيسي التوصل إلى حل توافقي لتجاوز الفراغ المؤسساتي، وفقا لقناة "العربية" السعودية.
وأطلق رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، بتاريخ 31 أغسطس/ آب مبادرة للخروج من مأزق انتخاب رئيس للجمهورية، داعيا إلى حوار في شهر سبتمبر/ أيلول لمدة أقصاها 7 أيام، والذهاب بعدها لعقد جلسات مفتوحة ومتتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية.
ويمر لبنان بحالة فراغ رئاسي، بعدما أخفق البرلمان اللبناني خلال 12 جلسة في انتخاب رئيس للجمهورية، خلفا لميشال عون، الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، ولم ينتخب أي مرشح جديد بعد 12 جولة غير حاسمة من التصويت النيابي، وهناك خلاف قائم بين فريق سياسي يتزعمه "حزب الله" اللبناني، وبين فريق المعارضة السياسية إلى جانب "التيار الوطني الحر"، الذي يصرّ على عدم السير بمرشح "حزب الله" وحلفائه، الوزير السابق سليمان فرنجية.
يأتي ذلك في ظل معاناة لبنان، من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، والتي وصفها البنك الدولي بأنها "الأكثر حدة وقسوة في العالم".