إعادة فرض العقوبات على إيران.. ما أسباب الخطوة الأوروبية وتداعياتها على جهود التقارب؟

أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل.
في خطوة قد تنسف مساعي تقريب وجهات النظر بين إيران وواشنطن حول الاتفاق النووي، ينوي الاتحاد ‏الأوروبي فرض عقوبات على طهران.‏
Sputnik
قال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أمس الخميس، إن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أبلغوه بنيتهم مواصلة العقوبات ضد إيران، بعد 18 أكتوبر/ تشرين الأول، بسبب عدم امتثال طهران المزعوم لالتزاماتها النووية.
وحذرت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الجمعة، الدول الأوروبية من نيتها فرض حظر جديد ‏على الأسلحة ضد طهران.‏
وقالت في بيان لها إن "اعتماد إجراءات تثير التوتر سيؤدي بالتأكيد إلى تعقيد إدارة العلاقات بينهما وسيكون له تأثير سلبي على عملية التعاون، بما في ذلك المفاوضات لرفع العقوبات"، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية "إيرنا".
وطرح البعض تساؤلات عن أسباب الخطوة الأوروبية، وإمكانية أن تنسف كل الجهود المبذولة لإقناع إيران بالعودة لطاولة المفاوضات للتوصل لحل بشأن الاتفاقية النووية.
إيران: تمديد الدول الغربية الثلاث العقوبات على طهران تصاحبه "نوايا خبيثة" وسنرد عليها
تبعية أمريكية
اعتبر المحلل السياسي الإيراني، الدكتور عماد ابشناس، أن "المنهج الذي تتبعه الدول الأوروبية منذ التوقيع على الاتفاق النووي وحتى اليوم هو منهج قديم، تلعب من خلاله دور الشرطي الجيد تارة، والشرطي السيئ تارة أخرى، في خضم التعامل بينها وبين طهران".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك":
"بدأت الدول الأوروبية حاليا في لعب الدور السيئ مجددا، في ظل خروج أمريكا من الاتفاقية النووية، وعدم تمكنها من فرض أو طلب تنفيذ أي مطالب أو شروط لها، وذلك بسبب أن العقوبات الدولية على البرنامج الصاروخي الإيراني تنتهي، وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي في شهر أكتوبر من العام 2023".
وقال إن "الدول الأوروبية تريد أن تفرض العقوبات التي تأمرها بها أمريكا والكيان الصهيوني، فخلال السنوات الأخيرة وجدنا أن قرار الدول الأوروبية لم يعد يعود لمصالحها، بل يعود لما يأتمرون به من قبل أمريكا، كما يحدث الآن في أوكرانيا والملف النووي".
ويرى ابشناس أن "الدول الأوروبية تعمل – لا سيما في هذين الملفين - وفق الأوامر والمصالح الأمريكية، وليست لمصالح شعوبهم"، معتبرا أن "أزمة هذه الدول تقبع حاليا في المفاوضات غير العلنية التي أجرتها واشنطن مع طهران، وتوصلا من خلالها إلى بعض الاتفاقات".
وفيما يتعلق بإمكانية عرقلة التحركات الأوروبية جهود التوصل لتسوية للاتفاق النووي، يعتقد عماد ابشناس أن "الأوروبيين وباعتبارهم الخاسر الأكبر من العقوبات الأمريكية والدولية على طهران، يريدون القول إن بإمكانهم عرقلة كل شيء، حتى ضمان حصتهم من المصالح في الكعكة الإيرانية الاقتصادية، حيث تصب مشكلتهم الرئيسية حول هذه النقطة تحديدا".
واشنطن تفرض عقوبات على مؤسسات إعلامية إيرانية بارزة
نهج أوروبي
بدوره، قال الباحث في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشؤون الإيرانية، محمد خيري، إن "دول الاتحاد الأوروبي فرضت عقوبات جديدة على إيران، بعد المعلومات التي أعلنت عنها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود آثار يورانيوم مخصب بنسبة كبيرة في موقعين نوويين إيرانيين، وبالتحديد في موقع "تورقوز آباد" و"ورامين".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك": "ترى هذه الدول أن هذا ينسف أي جهود أوروبية من شأنها تقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالاتفاق النووي بين إيران وامريكا والقوى الأوروبية، إضافة إلى الأزمة الأوروبية المتعلقة بالاتفاقات العسكرية الموقعة ما بين إيران وروسيا".
وتابع الباحث في الفلسفة السياسية مشيرا إلى أن
"كل تلك المؤشرات دفعت دول أوروبا لاتخاذ نهجا أكثر تشددا مع إيران، متمثلا في محاولة فرض عقوبات جديدة عليها، كمحاولة لإثنائها عن موقفها الداعم لروسيا من جهة، ووقف تطوير طهران لقدراتها النووية من ناحية أخرى".
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيانها، إن "إيران تعتبر قرار الاتحاد الأوروبي و3 دول أوروبية بعدم الوفاء بالتزاماتها بحلول السنة الثامنة من خطة العمل الشاملة المشتركة غير قانوني، ويتعارض مع التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة والقرار 2231، كما أنه عمل يخلق التوتر ويصاحبه نوايا خبيثة".
وتابعت أن "تصرفات الأطراف الأوروبية سيكون لها بالتأكيد آثار سلبية على جهود إدارة التوتر، وخلق بيئة مناسبة لمزيد من التعاون بين أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة".
إيران تكشف عن مبادرة من سلطان عمان لرفع العقوبات عنها
ومضت قائلة: "لا شك أن إيران سترد بشكل مناسب وفي إطار حقوقها على هذا العمل الاستفزازي غير القانوني، الذي يشكل انتهاكا واضحا لالتزامات الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإنجلترا وفقا لخطة العمل الشاملة المشتركة والأمم المتحدة، وقرار مجلس الأمن رقم 2231".
وتم الاتفاق على الموعد النهائي في 18 أكتوبر بموجب الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وهي صفقة نووية وقعتها إيران عام 2015 مع الدول الأوروبية الثلاث، بالإضافة إلى الصين وروسيا وأمريكا، للتخلص من العقوبات الدولية مقابل تقليص برنامجها النووي.
وانسحبت أمريكا من الاتفاق في عام 2018، في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، لكنها استأنفت المحادثات مع إيران في محاولة لإحياء الاتفاق في عهد خليفته، جو بايدن، وتعتبر محادثاتهم في فيينا حاليا مجمدة.
مناقشة