لماذا ترفض تركيا مقترح إيران بشأن الانسحاب من سوريا وتطبيع العلاقات؟

في خضم الجهود المبذولة لتقريب وجهات النظر ما بين أنقرة ودمشق، اقترحت طهران خطة عمل بشأن انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.
Sputnik
وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إنه اقترح أن تلتزم تركيا أولا بسحب قواتها العسكرية من الأراضي السورية، وثانيا أن تلتزم سوريا بنشر قواتها على الحدود حتى لا تتعرض الأراضي التركية للتهديد، مؤكدا أن إيران وروسيا ضامنتان في هذا الاتفاق.
واستبعد مراقبون قبول تركيا المقترح الإيراني لأسباب عدة، أهمها قضية اللاجئين، والمخاوف الأمنية على الحدود، وكذلك الأطماع المتعلقة بالسيطرة على المحافظات الشمالية.

رفض تركي

اعتبر جواد كوك، المحلل السياسي التركي، أن أنقرة لن تقبل بأي شكل من الأشكال بمقترح الوساطة الإيرانية، حيث لا يوجد أي ضوء أخضر من تركيا للانسحاب عسكريا من داخل سوريا.
تركيا تحيد قيادية من حزب العمال الكردستاني في سوريا
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن ملف التواجد العسكري التركي في سوريا قد يظل للمراحل المقبلة، حيث أن أنقرة تصر على تواصل مباشر مع دمشق بلا شروط استباقية، فيما يريد الجانب السوري الانسحاب التركي من الأراضي السورية قبل أن تتم عملية التواصل، مؤكدا أن المقترح الإيراني مرفوض على المستوى التركي.
وفيما يتعلق بطريقة عقد مصالحة بين أنقرة ودمشق، قال كوك إنه لا بد من تغيير السياسة التركية، لكنه مستبعد في الوقت الراهن، حيث من الممكن أن يكون هناك ضغط روسي في المراحل المقبلة، وأن يكون هناك ضمان لنشر القوات السورية على الحدود مع تركيا، وفي هذه الحالة يمكن لأنقرة الانسحاب.
طهران: روسيا وسوريا وتركيا وإيران ستواصل العمل على خارطة الطريق لأنقرة ودمشق
وقال إن السيناريو الأقرب هو ممارسة روسيا لبعض الضغوط من أجل التواصل المباشر ما بين الجيشين التركي والسوري، ومن ثم انسحاب القوات التركية واستقرار القوات الحكومية والجيش السوري في أماكنهم الطبيعية، لكنه بحاجة إلى وقت لتنفيذه.

أطماع أنقرة

من جانبه، قال عمر رحمون، المحلل السياسي السوري، إن المقترح الإيراني المتعلق بانسحاب تركيا من الأراضي السورية وتواجد الجيش السوري على الحدود لضمان استقرار المنطقة وضبط الحدود، قديم جديد، وجاء كنوع من أنواع الدفع لعملية المصالحة بين دمشق وأنقرة إلى الأمام.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فقد سبق أن تقدمت طهران بهذا المقترح أكثر من مرة، وعملت عليه سياسيا وأمنيا وعسكريا، لكن تركيا لم تلتزم بخروجها من الأراضي السورية، مؤكدا أن المطلب الإيراني، وإن كان قديمًا، فهو مطلب الدولة السورية، لكن هناك تساؤلات بشأن إمكانية قبول والتزام تركيا به.
ويستبعد رحمون أن توافق أنقرة على مقترح طهران لعدة أسباب، أبرزها اعتقاد تركيا بضعف الدولة السورية عن ضبط المنطقة التي ستخرج منها إن قررت ذلك، حيث وجود قوات "قسد" وحزب العمال الكردستاني على الحدود السورية التركية قد يؤرق الأمن القومي التركي، لذلك من غير المعقول أن تخرج هذه القوات بناءً على مقترح إيران.
مقتل مسلحين موالين للجيش الأمريكي باستهداف جوي تركي شرقي سوريا... صور
وأكد أن هناك كذلك قضية اللاجئين، وتدفقها بالملايين إلى تركيا، وخروجها من الشمال السوري من شأنه أن يزيد هذه المسألة تعقيدًا ويضاعف عدد النازحين إلى أنقرة.
وقال المحلل السياسي السوري إن المقترح الإيراني سبق أن طرح أكثر من مرة في الغرف المغلقة، والآن يتم طرحه في الإعلام، لكن لا يوجد توافق تركي بشأنه، خاصة في ظل الأطماع التركية داخل الأراضي السورية، والميثاق الذي تحدث عن أن المحافظات السورية والعراقية الشمالية هي محافظات تركية، وأنقرة لديها أطماع في إعادة تفعيل هذا الميثاق وعودة سيطرتها على هذه المحافظات.
طهران تقترح على دمشق وأنقرة خطة لانسحاب القوات التركية من سوريا
وأوضح عمر رحمون أن ما يمنع تركيا كذلك من قبول هذا المقترح، هو مشروعها التوسعي ودعمها للمعارضة السورية الذي لن يتوقف، معتبرًا أن التواجد التركي في الشمال السوري هو أكبر داعم لهذه المعارضة حتى تحقق بعضا من أهدافها.
وقبل أيام، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن نظيره السوري بشار الأسد "يتابع من بعيد الخطوات المتخذة ضمن الصيغة "التركية - الروسية - الإيرانية - السورية" فيما يتعلق بالتطبيع بين أنقرة ودمشق".
ودعا أردوغان، خلال تصريحات نقلتها وكالة "الأناضول" التركية، "سوريا إلى التحرك وفق الحقائق على الأرض"، مشددا على أهمية أن "تبتعد (سوريا) عن التصرفات التي تلحق الضرر بهذا المسار".
وأكد أنه "حتى الآن، لا يوجد موقف إيجابي من الجانب السوري تجاه جهود تطبيع العلاقات بين البلدين".
وكان الرئيس السوري بشار الأسد، قد أكد من قبل أن "الانسحاب التركي من الأراضي السورية، أمر حتمي ولا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية بين دمشق وأنقرة".
عبد اللهيان: إقامة علاقات ودية بين سوريا وتركيا أمر في صالح البلدين والمنطقة
من جهته، أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أن بلاده "ترغب بإحلال السلام في سوريا"، مشيرًا إلى أن صياغة دستور جديد لسوريا واعتماده هو أهم مرحلة لإحلال السلام هناك.
يذكر أنه في عام 2011، اندلع نزاع في سوريا، وانحازت تركيا التي كانت قبل هذا الصراع على علاقات وثيقة مع دمشق، إلى معارضي الرئيس السوري بشار الأسد.
ومنذ ذلك الحين تدهورت علاقات أنقرة مع دمشق، لكن في الآونة الأخيرة، بدأ الطرفان، وكذلك وسائل الإعلام التي تهتم بالعلاقات بين البلدين، تتحدث عن إمكانية التطبيع التدريجي.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، استضافت روسيا، أول محادثات منذ 11 عامًا، بين تركيا وسوريا على مستوى وزيري الدفاع.
مناقشة