وعلل مصطفى ذلك بأن المنظمة الدولية تتكون من دول ذات مصالح استراتيجية لا يمكن أن تتنازل عن تحقيقها ولو كان ذلك على حساب الدول التي تعاني من الحروب والأزمات.
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك"، اليوم الأربعاء، الواقع أن حمدوك كان رئيس وزراء الفترة الانتقالية، وترأس أول حكومة انتقالية بعد التغيير، لكنه لم يستطع تنفيذ أجندة الانتقال رغم الشعبية الكبيرة التي حظي بها من قبل الثوار، حتى بعد أن تراخت عن دعمه الحرية والتغيير، كان ذلك بسبب ضعف شخصيته القيادية والإدارية.
وتابع مصطفى، كانت شعبية حمدوك بعد تشكيل أول حكومة ثورية كبيرة وسط الثوار، إذ كان بإمكانه تنظيمهم وجعلهم الحاضنة الثورية القوية له، وبالتالي إدارة الفترة الانتقالية مستندا على قاعدة جماهيرية وثورية عريضة، لكنه لم يستطع النظر إلى القوة الحقيقية الداعمة له، بل ظل يلتفت للضجيج السياسي الأجوف وبعض الإملاءات العسكرية المفخخة، أي أنه تحول بقدميه من الأساس الثوري المتين إلى الفخ السياسي والعسكري الأجوف.
وأضاف رئيس الحركة الشعبية أنه "نتيجة عدم قدرة حمدوك على تفهم الواقع والمرحلة الانتقالية بدأت الأوضاع تتعقد، فسرعان ما انقسمت الحرية والتغيير، ودعم أحدهما الجيش ودعاه لقلب حكومة الفترة الانتقالية ونفذ الأخير طلبه، ليرتكب حمدوك خطأ آخر عندما قبل مفاوضة المكون العسكري دون طلب تفويض من قاعدته الثورية المتينة، مما جعل الثوار يرفضون نتائج مفاوضاته ليضطر لتقديم استقالته ويغادر حمدوك الذي لم يستطع قيادة سفينة الثورة الجاهزة إلى بر الأمان".
وأشار مصطفى إلى أن "عدم مقدرة رئيس الحكومة السابق على القيادة الصحيحة للمرحلة الانتقالية هو ما أوصلنا إلى الحالة التي نعيشها اليوم، لذلك لا أعتقد أنه يمكن أن يحقق أي جديد عبر بوابة الأمم المتحدة تتكون من دول ذات مصالح إستراتيجية لا يمكن أن تتنازل عنها حتى لو كان تحقيقها على حساب شعوب الدول المأزومة".
ولفت رئيس الحركة الشعبية إلى أن "دعوة المنظمة الدولية للبرهان لحضور اجتماعات الدورة 78 للأمم المتحدة لم تكن خطوة عفوية من المنظمة، بل هي نتاج مشاورات وتحليلات سبقتها فرضيات، والآن نحن في مرحلة النتائج، لذا فإن مذكرة حمدوك مجرد قذيفة مدفع أطلقها في الهواء دون تصويب كي يقول للثوار أنا هنا".
ووجهت الحكومة الانتقالية السابقة في السودان، برئاسة عبد الله حمدوك، "مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، احتجاجًا على مشاركة القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة".
ووفقا للمذكرة، التي نشرها حمدوك على صفحته على "فيسبوك"، (أنشطة شركة "ميتا"، التي تضم منصتي "فيسبوك" و"إنستغرام"، محظورة في روسيا، باعتبارها متطرفة)، فإن "مشاركة قائد الجيش السوداني في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ترسل إشارات خطيرة ومشجعة للانقلابات العسكرية التي راجت مؤخرا في أفريقيا".
ومن بين الموقعين على المذكرة، عضوا مجلس السيادة السابقان محمد الفكي سليمان ومحمد الحسن التعايشي، إلى جانب 11 وزيرا ومستشار واحد في الحكومة بالإضافة إلى رئيس الحكومة السابقة عبد الله حمدوك.
وقالت المذكرة إن توجيه الدعوة لمن "أسمته بقائد انقلاب 25 أكتوبر 2021، ولمن هو طرف في الحرب الحالية، يتعارض مع رغبة السودانيين في الديمقراطية والسلام والعدالة".
وأضافت أن "مشاركة البرهان من شأنها إطالة أمد الحرب الجارية بالسودان، وتتناقض مع مواقف المؤسسات الدولية والإقليمية الرافضة للانقلاب الذي قوض الحكومة الانتقالية وأوقف عملية التحول الديمقراطي بالسودان"، حسب المذكرة.
ودعا البرهان في حديثه، خلال وجوده في نيويورك، المجتمع الدولي إلى تصنيف قوات الدعم السريع "منظمة إرهابية".
ونفى الاتهامات التي وجهت للجيش السوداني بارتكابه أي انتهاكات بحق المدنيين، مشيرًا إلى أن "القوات السودانية تتمركز في أماكن محددة ولا تهاجم، وهي تدافع عن نفسها، وهو أمر معلوم للجميع".
من جهته، أكد قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في كلمة مسجلة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الخميس الماضي، أن قواته على استعداد تام لوقف إطلاق النار، والدخول في محادثات سياسية شاملة لإنهاء الصراع مع الجيش.
ودعا حميدتي إلى تأسيس جيش سوداني جديد "لبناء مؤسسة عسكرية مهنية تنأى بنفسها عن السياسة وتحمي الدستور والنظام الديمقراطي"، حسب تعبيره.
وأوضح أن الحرب سببت دمارا "لم يسبق له مثيل" في السودان، لا سيما في الخرطوم، وأحدثت أزمة إنسانية في دارفور، لافتًا إلى أن فريقه انخرط "بصدق" في المفاوضات التي استضافتها السعودية في جدة، وطرح رؤية لإيقاف الحرب.
وتتواصل، منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من أنحاء السودان، حيث يحاول كل من الطرفين السيطرة على مقار حيوية، بينها القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات الدعم السريع وعدد من المطارات العسكرية والمدنية.
واتفق طرفا النزاع مرات عدة على وقف لإطلاق النار، لكن لم يتم الالتزام به.