وشدد حسن نصر الله، الأمين العام لـ"حزب الله" على ضرورة أن يتفق اللبنانيون على هذه الخطة، ويضغطوا بها على حكومة تصريف الأعمال ومؤسسات الدولة والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، من أجل معالجة ملف النازحين، وفقا للميادين.
وقال نصر الله إن المسؤول الأول عن النزوح السوري الأمني إلى لبنان هو أمريكا، المسؤولة أيضا عن النزوح السوري الاقتصادي إلى البلد، بعد فرضها قانون قيصر على سوريا"، مؤكدا أن مئات آلاف السوريين سيعودون إلى بلدهم لو رفع قانون قيصر، وبدأت الشركات تستثمر في سوريا.
وقال مراقبون إن الحديث عن خطة وطنية موحدة لمواجهة أزمة النزوح السوري في لبنان باتت خطوة ضرورية في ظل ما يمثله هذا الملف من تهديد، مؤكدين ضرورة انتخاب رئيس جمهورية والتوافق على باقي الملفات.
دعوة وطنية ولكن
اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن نداء الأمين العام لـ"حزب الله" بشأن وضع استراتيجية وطنية لمعالجة أزمة اللجوء السوري، بمثابة إعلان سياسي، وتحميل مسؤولية هذا الملف لمختلف مكونات الحياة السياسية والشعب اللبناني، خاصة الجهات التي تمارس تعبئة بغيضة وعنصرية ضد الآخرين والمقصود هنا السوريين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن دعوة نصر الله تعد مخرجا وطنيا، وتأتي انطلاقا من وعيه ومعرفته وحرصه على لبنان الكيان والشعب والميثاق، لكن من غير المتوقع أن يستجيب أي أحد لهذا النداء، خاصة وأن اللبنانيين منقسمون انقساما عموديا وكبيرا.
وأكد عوض أن الانتخابات الأخيرة أنتجت برلمانا في حالة أشبه بالفراغ، كما أن الفراغ الرئاسي عزز الفراغات في مختلف المجالات.
ومضى قائلا: "لو كان اللبنانيون وطنيون بغالبيتهم وراغبون في حل مشاكلهم وأزماتهم لكانوا اجتمعوا واتفقوا على استراتيجية دفاعية، واشتركوا على انتخاب لرئيس الجمهورية، ومعالجة الأزمة الكارثية التي ضربت في لبنان وتهدد ليس الاستقرار وحسب بل استمرار النظام والكيان".
رؤية مشتركة
بدوره اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن دعوة نصر الله مهمة وتعبر عن معاناة جميع اللبنانيين، لكن الأزمة ليست في النداء الذي يتقاطع مع مختلف الأطراف والفئات والقوى السياسية، بل للجهة السياسية التي طرحتها، مؤكدا أنه سيكون هناك ردود فعل سلبية ومتناقضة وغير واضحة لهذه الدعوة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فمن أجل تطبيق هذا الحل بشكل عملي، يجب أن يكون هناك حكومة فاعلة وجدية، وقوى سياسية مستعدة للتحاور فيما بينها، من أجل وضع رؤية مشتركة لهذه الأزمة، التي تهدد وتطال جميع اللبنانيين.
وأوضح أبو زيد أن المشكلة في جوهرها مهمة جدا، وتعتبر تحديًا للبنانيين، لكن بسبب التناقضات السياسية وتقاطع المصالح والعلاقات الخارجية، فإن معظم ردود الفعل على الجهة التي تدعو وليس على مضمون الدعوة، كما أن هذه التناقضات لا تسمح للقوى السياسية بالجلوس على طاولة واحدة، لتحديد وصياغة إطار جامع وخطة استراتيجية يمكن تنفيذها بشكل عملي.
وقال إن هذا التحدي الصعب سيظل قائمًا ومهددًا للبنان، طالما أن هناك فئات سياسية متضاربة ومتناقضة، لا يمكن التوصل معها إلى خطة موحدة ترأب الصدع في هذا الملف.
قرار سياسي مطلوب
في السياق ذاته، قال داوود رمال، المحلل السياسي اللبناني، إن هناك إجماعا في لبنان على أن النزوح السوري خاصة بعد الموجة الأخيرة، أصبح يشكل تهديدا وخطرا وجوديا، وأنه لا بد من معالجة هذه الأزمة، خاصة أن الأبواب الدولية مغلقة، والغرب لا يريد للبنان أن يذهب إلى اتخاذ إجراءات عملية كما فعلت تركيا في الآونة الأخيرة، عندما أبعدت 600 ألف نازح سوري إلى أراضيها ودفعت بهم إلى الأراضي السورية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن المشكلة في لبنان أن هذا الإجماع الوطني حول خطر النزوح السوري لا يترجم إلى قرار موحد للاتفاق على خطة محددة بآليات تنفيذية خلال فترات زمنية محددة، نتيجة الانقسام السياسي الموجود حاليا ونتيجة خلو مقعد الرئاسة، إذ أن القانون اللبناني ينص على أن رئيس الجمهورية هو الذي يفاوض في الخارج ويبرم ويعقد اتفاقات، وإذا كانت هناك مفاوضة مع سوريا فلا بد أن تتم بتكليف من رئيس الجمهورية وهو غير موجود.
ويرى رمال أن هذا لا يلغي أن تقوم الحكومة اللبنانية على أعلى المستويات بواجبها ودورها في بحث السبل الكفيلة كخطوة أولى، بوقف عملية تسرب السوريين باتجاه الأراضي اللبنانية، لبنان لم يعد يحتمل ووصل لمرحلة الانفجار جراء النزوح السوري، وغير قادر على تحمل هذا العدد الهائل اقتصاديا وماليا ومعيشيا وأمنيا.
وشدد المحلل السياسي اللبناني على ضرورة المسارعة للتواصل مع الحكومة السورية وعقد اجتماعات مكثفة للاتفاق على كيفية ضبط الحدود بين لبنان وسوريا من جانبيها وليس الاكتفاء فقط من الجانب اللبناني، حيث هناك بعض الأماكن الوعرة التي لا يمكن ضبطها إلى من الجانب السوري.
ومضى قائلًا: "الخطوة الثانية تتمثل في البحث بإمكانية اعتماد الخيار الأردني والتركي والمتمثل في وضع النازحين السوريين في المنطقة العازلة بين لبنان وسوريا، وبإمكان الأمم المتحدة ومنظمة شؤون اللاجئين إقامة مخيمات هناك، واتخاذ الترتيبات اللوجستية لاستيعاب أعداد النازحين في هذه المنطقة، وتقديم المساعدات والخدمات لهم لحين بدء عملية إعمار المدن والبلدات والقرى التي ينتمون إليها".
وفيما يتعلق بطرح "حزب الله"، قال داوود رمال إن هذه الأزمة ليست مسألة "حزب الله" أو غيره، فلا يوجد جهة وحيدة تمتلك القرار الخاص بحسم ملف النزوح السوري في لبنان، والأمر يحتاج لقرار سياسي وإجماع وطني.
وتابع: "رغم وجود الإجماع الوطني إلا أن لبنان يفتقد إلى القرار السياسي الموحد، وهذا يوجب الإسراع بانتخاب رئيس جمهورية في لبنان".
وكان وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين، أكد في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، بأن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي هما من يعرقل عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، مشيرا إلى أن الحصار على سوريا يشجع على عمليات نزوح جديدة.