وزير جزائري سابق لـ"سبوتنيك": سياسية العقوبات الغربية دافع قوي لنجاح "البريكس"
صاحب التحوّلات الجيوسياسية في العقدين الأخيرين في العالم، الكثير من التغيرات على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري للدول، لا سيما تلك التي تضررت من ويلات الحروب والنزاعات التي أقحمها الغرب فيها، ما جعل عدة دول تتخذ مسارا ونهجا جديدا تسير به في تعاملاتها مع الدول العظمى في العالم.
Sputnikومما لا شك فيه أنّ هناك دولا سارت في طريق النمو والتقدم وسعت بشكل مستمر لإحداث نقلة نوعيّة في اقتصاداتها وتنويع مصادرها وزيادة حجم النتاج المحلي، خاصة تلك الدول المنتجة للنفط والغاز، مثل دول الخليج والتي باتت اليوم رائدة في عدة مجالات واعدة. وفي الآونة الأخيرة شهدنا انضمام كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى التكتل الاقتصادي الجديد "بريكس+". فما مستقبل الاقتصاد العالمي للدول التي اختارت أن تكون بعيدة عن التكتل الغربي وما أهمية عالم متعدد الأقطاب لتحقيق العدالة الاجتماعية؟
رغبة وقرار بالتخلي عن الهيمنة الغربية
أجرت وكالة "سبوتنيك" حوارا مع وزير المالية الجزائري الأسبق، ورئيس مؤسسة "لوك مونتانييه" بجنيف، علي بنواري، وتحدث لنا حول توجه عدة دول لنهج جديد وتشكيل تكتلات اقتصادية جديدة بعيدا عن الغرب:
"إنّ الدافع الأول لهذا التكتل ونجاح "البريكس" هو سياسية العقوبات الغربية غير المنطقية التي أدّت لمعظم البلدان وأيضا تلك التي لديها طموح في الانضمام للـ "بريكس"، علما أنّ المملكة العربية السعودية والإمارات ليست ضد الغرب أو أمريكا أو أوروبا، ولكن لأنّ فيه تخوّفا من أن هذه العقوبات التي طُبّقت بداية على كوبا واليوم على روسيا ربما تطبق عليها هي الأخرى يوما ما، إن لم تتماشى مع السياسات الغربية".
وأشار الوزير بنواري إلى أنّه "وإذا ما تحدّثنا عن الأسباب الاقتصادية فهي كما تعلمون تابعة للنظام المصرفي الدولي غير العادل، فالقرارات المهمة في صندوق النقد الدولي تتطلب 85 في المئة من أصوات الأعضاء، وأمريكا لديها 17 في المئة، وبالتالي لن تكون هناك أي إصلاحات دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية".
التحرر من الدولار
وأضاف: "أعتقد أن تلك الدول تريد الخروج من هيمنة الدّولار الأمريكي، والعملة المشتركة بين تلك الدول هي وسيلة فقط، وقبل هذا الحل هناك سياسة التبادل بالعملات الوطنية والتي باشرت بتطبيقها دول مثل السعودية، والعملة المشتركة هي دافع من جملة الدوافع الأخرى للخروج من هيمنة الغرب في الاقتصاد، ولقد تطرّقت إلى إنشاء عملة موحدة للحسابات وليس للدفع".
قمة "أوبك" سنة 1975
وأوضح الوزير بنواري أنّه لو تمّ السّماح بتغيير عملة النفط من الدولار الأمريكي إلى عملة النقد الدولي لكان الوضع تغير كثيرا وبات قوة صاعدة، وقال لـ "سبوتنيك":
23 سبتمبر 2023, 13:23 GMT
"لقد كان لهذه القمة بعد استراتيجي كبير وتأثير عاليا بالنسبة لبلد مثل الجزائر، وكما ترون أن الأعضاء كلهم توفوا في ظروف غامضة، بداية بملك السعودية بعد ثلاثة أسابيع من القمة والرئيس بومدين بمرض نادر، وشاه إيران والرئيس صدام حسين والرئيس معمر القذافي فيما بعد، وأربط ما حدث بالمشروع الأساسي في الأجندة بتغيير عملة النفط من الدولار إلى "SDR" وهي حقوق السحب الخاصة التابعة لصندوق النقد الدولي فهي عملة النقد الدولي الذي كان سيكوّن قوة كبيرة وخطورة على أمريكا، وللأسف فشلت "أوبك" في اتخاذ القرار".
حل بديل قد يكون قوة واعدة
وحول رؤيته لمستقبل الدول الأعضاء في الـ "بريكس" وإمكانية تداول عملة موحدة بدلا من الدولار الأمريكي في السنوات المقبلة، يقول الوزير بنواري لوكالة "سبوتنيك":
"لقد طرحت اليوم اقتراحا وحلّا بديلا، بأن تختار بلدان الـ "بريكس" عملة دولية مشتركة مبنية على "SDR"، وتكون فيها سلة متنوعة من العملات الدولية حتى تكون قيمتها مستقرة".
الجزائر والتكتلات الاقتصادية الجديدة
وحول قدرة الجزائر في الانضمام لحلف "البريكس" في السنوات المقبلة وفرصها في تنويع اقتصاداتها، قال الوزير بنواري لنا:
"إنّه من المؤكد أن الجزائر ستنضم للـ "بريكس" في المرة المقبلة، ولقد كان هناك احتمال أن عدد أعضاء الجدد لا يتجاوز خمسة أو ست دول، والإشكال الذي طرح هو من هي هذه الدول، فمثلا السعودية والإمارات وإيران هي دول "أوبك +" وهذا يقوّي التكتل، والبرازيل هي أمريكا اللاتينية وكذلك مصر لا نقاش في ذلك، وأثيوبيا كدولة أيضا في الشق السفلي لأفريقيا وكان هناك دعما كبيرا من جنوب أفريقيا".
وتابع: "أنا لست متأسف لعدم انضمام الجزائر هذه المرة في التكتل الاقتصادي "بريكس"، ولكن أنا متفائل في أنه في سنة 2024 ستدخل للحلف وستعطي قوة له".
منافس قوي جديد للتكتل الغربي
وعن الصعوبات التي تواجه تكتل "البريكس" اليوم، قال وزير المالية الجزائري الأسبق، ورئيس مؤسسة "لوك مونتانييه" بجنيف، علي بنواري لـ "سبوتنيك":
"إنّني أخشى فقط أن تكون هناك نزاعات أو عدم وجود موقف توافقي فيما يخص أزمة أوكرانيا أو في بعض المسائل ذات الطابع السياسي والأيديولوجي، لأن المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر محايدين في مواقفهم وغير منتمين للحلف الروسي، والشيء الذي يجعلنا متفائلين أنّها حيادية، وربما في بعض الأحيان قد تتخالف ولكن المصلحة التي تربط بينهم أكبر من النزاعات والاختلافات".
30 سبتمبر 2023, 18:37 GMT
واختتم الوزير بنواري حديثه عن مستقبل النفط الجزائري ورغبة الجزائر في تنويع صادراتها، وقال لنا:
وختم: "إنه بكل صراحة لا أرى ربطا متينا بين انضام الجزائر للـ "بريكس" ونجاحها في تنويع صادراتها، لأن هذه المسألة تهم السياسة الداخلية وكيف يمكن للسلطات الوطنية أن تسهر على هذا التنويع فهو طموح قديم ولكنه طال، والجزائر ترى اليوم أنه لا بد وإن أرادت لعب دور هام في الميزان الدولي ويكون لها تأثيرا ويكون لديها قوة ناعمة يجب أن تخرج من التسيير المركزي، والتسيير الشبه اقتصادي، فالجزائر كانت من البلدان التي أخذت اتجاه الاتحاد السوفيتي الاشتراكي سابقا، لهذا يجب عليها أن تتجه نحو اقتصاد السوق حتى تستطيع
التنويع في اقتصاداتها وهذا من بين الأمور الأساسية للانضمام لتكتل الـ "بريكس".