وانطلاقا من مركز قيادة عمليات فوج الحدود البرّي الأول، في بلدة شدرا الحدودية، استعرض مسؤول العمليات في قيادة الفوج الحدودي البري، الرائد محمد صلاح، تفاصيل النزوح في عام 2011 وتسهيل دخولهم من قبل الدولة اللبنانية لأسباب إنسانية، وتمويل ملف النازحين من المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات دولية، إلى بدء تسجيلهم من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتحدث صلاح عن "مرحلة تكليف الحكومة اللبنانية الأمن العام اللبناني بإبلاغ مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بوقف عمليات التسجيل للنازحين السوريين في عام 2015 لأن أسباب النزوح اختلفت كالتهرب من خدمة العلم أو للبحث عن فرصة عمل أو للحصول على مساعدات من الأمم المتحدة"، وتطرق إلى "عام 2019 حين صدر قرار من المجلس الأعلى للدفاع فوض الأمن العام بترحيل السوريين الذين يدخلوا إلى لبنان خلسة، وصولا إلى الوقت الحالي وموجة النزوح الكبيرة في ظل الأوضاع الاقتصادية في سوريا نتيجة قانون قيصر".
عدد السوريين في نطاق عمل الفوج يوازي عدد اللبنانيين
وشرح صلاح عن انتشار النازحين وتوزعهم في المخيمات التي يبلغ عددها 15 في نطاق عمل الفوج، وقال إن "عدد السوريين يبلغ 80 ألف نسمة مقابل 95 ألف نسمة من اللبنانيين، وانتشارهم عشوائي وغير منظم مما يخلق أعباء كبيرة على الجيش اللبناني لأن الموضوع يتطلب جهدا استعلاميا إضافيا لتحديد أماكن تواجدهم ولكي نتعامل مع أي عمل مشبوه يخل بالأمن".
ويعمل فوج الحدود البري على خط حدودي يبلغ 110 كلم، ويبلغ عديده 1200 عنصر موزعين على 31 مركزا و10 أبراج مراقبة مجهزة بكاميرات وأجهزة استشعار ليلية، والمهمات هي منع التهريب وضبط من يدخل إلى لبنان خلسة.
وأوضح الرائد محمد صلاح أن "فوج عسكري عديده 1200 عنصر يستطيع تغطية قطاع من 8 إلى 10 كلم، في حين أن الفوج يعمل على 110 كلم ونحتاج إلى 10 أفواج لتغطية الحدود".
وبحسب إحصائيات الجيش، بلغت التوقيفات في عام 2022 لمن دخل خلسة إلى لبنان 20325، أما في عام 2023 حتى شهر أغسطس/ آب فقد بلغت التوقيفات 22820 سوريا وهو ارتفاع كبير في الأعداد، بالإضافة إلى ابتكارات التهريب.
وعدّد الصعوبات والمشاكل التي تعترض عملهم قائلا: "النقص في العديد مقارنة بحجم القطاع، واتساع بقعة الانتشار على طول الحدود الشمالية فضلاً عن قطاع المسؤولية، والوضع الاقتصادي المتردي السائد في لبنان وسوريا وتأثيره السلبي على وضع الحدود، وكثافة الثغرات الموجودة ضمن القطاع وسهولة فتح ثغرات جديدة، وقيام المهربين بإعادة فتح بعض الثغرات التي يتم إغلاقها، وكذلك طبيعة الأرض والتضاريس التي يصعب مراقبتها عند بعض النقاط مما يسمح باستحداث ممرات جديدة بواسطة الجرارات الزراعية والجرافات، وتداخل الأراضي والعائلات على جانبي الحدود وصلات القرابة والتزاوج فيما بينها مما يدفع المواطنين إلى عبور الحدود بطريقة غير شرعية طلبا للطبابة، التعليم، التموين، زيارة الأقرباء واستثمار الأراضي.. ولذلك فإن ضبط عمليات التهريب يتطلب التعاون بين الطرفين لبنان وسوريا"، وأضاف أن من أكثر الصعوبات خطورة هي "إطلاق النار المباشر الذي يتعرض له العسكريون خلال تنفيذ مهمات مكافحة التهريب، وعدم وجود إجراءات قانونية رادعة لمحاسبة المهربين".
وانطلقت الجولة الميدانية من الثكنة عبر باصات للجيش إلى الضفة اللبنانية لمجرى النهر الكبير في منطقة وادي خالد، حيث جرى عرض الثغرات والمعابر غير شرعية التي تبين سهولة الدخول والخروج، واختتمت الجولة بزيارة برج مراقبة للجيش اللبناني في بلدة شدرا.
جولة ميدانية على الحدود اللبنانية السورية "22820 نازح غير شرعي وطرق مبتكرة للتهريب".
© Sputnik . Abdul Kader Albay
وبعد الجولة، قال العميد الركن الياس عاد مدير التخطيط للتواصل الاستراتيجي: "انتقلنا من شدرا إلى الحدود بين لبنان وسوريا في نقطة النهر الكبير، رأينا طبيعة الأرض السهلية، وسهولة التنقل بين الجهتين، كل من يدخل خلسة إلى لبنان يتم إبعاده إلى سوريا من هذه النقطة كما دخل، الغاية من الموضوع هو التعرف على طبيعة الأرض التي تتطلب عدد كبير من العسكريين والآليات لتسيير دوريات، بالإضافة إلى تدخل سريع للوصول للشخص الذي يدخل خلسة لأنه بمجرد وصوله إلى الجهة اللبنانية تصبح عملية البحث عنه صعبة".
وأشار العميد الركن الياس عاد، إلى أن "موضوع الحدود لا يقتصر على الحل التكتيكي الذي تقوم به المؤسسة العسكرية، بل يتطلب تعاون المواطن والبلديات والمخاتير من جميع الأجهزة الأمنية وكل وزارات الدولة المعنية بشؤون النازحين لكي نحد من النزوح أو إيجاد حل، لأن منع النزوح أو عبور الحدود صعب جدا ويوجد أمثلة عن دول لديها أجهزة وإمكانيات متطورة ولم تستطع منع عبور الحدود كليا لذلك نحن نخفف بالحد الأقصى ونعمل بالطاقة القصوى الموجودة، والعسكري يجهد ويضحي بأوقات استراحته لتنفيذ المهمة المطلوبة منه".
وحول التجهيزات، قال إن "انتقال العسكريين يحتاج إلى آليات، فالطرقات الوعرة إلى جانب استخدام الآليات على مدى 24 ساعة يعرضها للأعطال وتحتاج إلى صيانة، ونحتاج أيضا إلى عديد أكبر من العسكر وكاميرات مراقبة، نحن لدينا 10 أبراج مراقبة في حين أن الـ110 كلم وهي طول الحدود التي يعمل ضمن نطاقها الفوج تحتاج من 20 إلى 25 برج مراقبة وتكلفتها عالية جدا".