ويفصل بين قطاع غزة والأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل جدار أمني مدجج بالأجهزة التكنولوجية المتطورة، ومليء بالأسلاك الشائكة والكاميرات وأجهزة الاستشعار، ومحصن بقاعدة خرسانية ضد الأنفاق ومدافع رشاشة يتم التحكم فيها عن بعد، وهو جدار طالما اعتقدت السلطات الإسرائيلية أن من المستحيل اختراقه.
لكن الهجوم المفاجئ الذي شنه مسلحو حركة "حماس"، يكشف عن بعض أوجه القصور الاستخباراتية والعملياتية الشديدة التي مكنت من الاختراق السهل بشكل مدهش للسياج الحدودي، وفقا لمسؤولين عسكريين إسرائيليين، تحدثوا إلى موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلي الإخباري.
ونقل الموقع، الخميس، عن جنود إسرائيليين خدموا في مهمة مراقبة بالقرب من مستوطنة "ناحال عوز"، قولهم إن المسلحين الفلسطينيين اخترقوا السياج الفاصل بسرعة كبيرة، واحتلوا قاعدة الجيش العسكرية، وسيطروا عليها لسبع ساعات كاملة.
وأكدت مجندة إسرائيلية أنه خلال إسقاط الصواريخ من قطاع غزة على تلك المستوطنة، والتي استمرت لمدة ساعة كاملة، احتمى الجنود بينما اجتاح المسلحون القاعدة، حيث "ركضت حافية القدمين إلى الملجأ، وبعد ساعة، بدأنا نسمع أصواتا بالعربية، وبدأوا بإطلاق النار عند المدخل".
وقالت المجندة إن قاعدة الجيش الإسرائيلي تحوّلت لساعات إلى معسكر للمسلحين الفلسطينيين، حتى استعادتها وحدة خاصة من الجيش الإسرائيلي.
وقع الهجوم تحت غطاء وابل من الصواريخ التي استهدفت مناطق إسرائيلية، وشمل نيران القناصة وإسقاط المتفجرات من طائرات مسيّرة على أبراج المراقبة والاتصالات، وجرافات مزقت السياج الحدودي الذي يبلغ علوه ستة أمتار في ما يقدر بنحو 30 مكانا على طول الحدود، وفقا للموقع.
وتدفق أكثر من 1500 مسلح بسرعة على متن شاحنات صغيرة ودراجات نارية، وانضم إليهم آخرون باستخدام الطائرات الشراعية والزوارق السريعة في البحر، لشن هجمات بالأسلحة النارية على البلدات المجاورة.
وتقول مجندة إسرائيلية أخرى، إن "الهجوم الذي وقع في ساعات الصباح الباكر من فجر السبت الماضي، لم يكن من الممكن أن أتخيله في أسوأ كوابيسي".
وتابعت المجندة: "لم أعتقد أبداً أنني سأرى شيئا كهذا خلال المراقبة. لقد بذلت قصارى جهدي حتى أصاب قناص نظام المراقبة".
وقالت مجندة ثالثة كانت متمركزة في نقطة مراقبة:
إن المسلحين الفلسطينيين بدأوا بإطلاق النار على كاميرات المراقبة، ووصل الأمر إلى نقطة لم يعد بإمكاننا فيها مراقبة الحدود.
وأوضحت المجندة الإسرائيلية أن "التقارير بدأت تصل عن مداهمة تشمل حشودا من المسلحين، شيء مجنون، وقيل لنا إن خيارنا الوحيد هو… الركض إلى غرفة العمليات للنجاة بحياتنا".
وتابعت: إن قوات الأمن لم تعرف من أين تبدأ. كان هناك الكثير من الإرهابيين، وأشياء كثيرة [تحدث].
وأعلن القائد العام لـ"كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" الفلسطينية، محمد الضيف، يوم السبت 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بدء عملية "طوفان الأقصى" لوضع حد "للانتهاكات الإسرائيلية". وقال الضيف في بيان: "الضربة الأولى والتي استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصيناته العسكرية قد تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة".
فقد تمكنت حركة حماس من أسرِ عدد غير معروف من الإسرائيليين بينهم جنود وضباط، والعودة بهم إلى قطاع غزة.
من جانبه، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم الأحد 8 أكتوبر الجاري، أن المجلس الوزاري الأمني المصغر(الكابينيت)، صادق رسميًا على بدء الحرب على قطاع غزة، ردًا على إطلاق حركة "حماس" الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى".
وعلى الفور، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية "السيوف الحديدية"، وشن غارات قوية على قطاع غزة، بالإضافة إلى اشتباكات مع مقاتلي "حماس" داخل المستوطنات.
وفي المقابل، تشن الطائرات الإسرائيلية غارات على مواقع "حماس" في قطاع غزة، فيما أعلنت الحكومة الإسرائيلية، يوم الأحد 8 أكتوبر الجاري، تفعيلها للمادة 40 من القانون الأساسي، ما يعني دخول البلاد رسميًا في حالة حرب.