وجاء ذلك وسط اتهامات لـ"قحت"، بأنها تتمسك بمنبر جدة بشكل خاص لأنه الوحيد الذي يسمح لها بالبقاء والاستمرار في المشهد السياسي.
لماذا تطالب قوى سياسية وأحزاب أطراف الحرب السودانية بالعودة للتفاوض عبر منبر جدة، رغم أن هناك الكثير من المتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي محليا وإقليميا ودوليا... هل منبر جدة هو الطريق الوحيد للتفاوض؟
بداية يقول اللواء عبد الباقي قرفة، رئيس الحركة الشعبية بالسودان، إن الحرب الدائرة في البلاد والتي دخلت شهرها السابع، يجب أن تتوقف وأن تجلس الأطراف على طاولة التفاوض، وأعتقد أن "منبر جدة" هو الطريق المعبد والجاهز لتلك المهمة الآن بعد إخفاق كل الوساطات والمبادرات.
العقبة الرئيسية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن "منبر جدة هو جهة تلقى دعم وتفويض دولي، ومن جانبنا ندعو كل الأطراف للانصياع لصوت العقل والعودة للحوار قبل فوات الأوان".
وتابع قرفة: "إن المعضلة الرئيسية التي أعاقت مفاوضات جدة أو جعلتها تتوقف بعد أن حققت نتائج إيجابية في البداية، أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان كان يراوغ ولم يكن جادا في عملية التفاوض وكان مسيسا من قبل النظام البائد الذي لا يريد سلام أو استقرار في السودان".
وأكد رئيس الحركة الشعبية أن مفاوضات أو طاولة الحوار في جدة بين أطراف الحرب السودانية هى التي قدمت سيناريوهات وبدائل للحل، وكان يمكن أن تتوقف الحرب لو أن البرهان ومن معه قبلوا العملية التفاوضية ولم يضعوا العقبات أمامها منذ اليوم الأول لانطلاقها بعد اشتعال الحرب.
وأشار قرفة إلى أن المبادرة الوطنية الأخيرة والتي تم التسويق لها هي (مسيسة) وجزء من خطط و آليات النظام الحاكم الآن، لكن قوات الدعم السريع تدرك ما يجري الإعداد له من سيناريوهات.
منبر جدة
في المقابل يقول وليد علي، المحلل السياسي السوداني: "لا أعتقد أن منبر جدة التفاوضي هو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب في البلاد، وأي منبر آخر يمكن أن يكون لديه نفس الفرص التي تؤدي إلى إنهاء الحرب".
وأضاف علي في حديثه لـ"سبوتنيك": "على ما يبدو أن قوى الحرية والتغيير تصر على منبر جدة وتشدد على ضرورة العودة له، لأنه المنبر الوحيد الذي يسمح بشكل مباشر للحرية والتغيير أن تكون متواجدة ومستمرة في المشهد السياسي، أي أنه المنبر الوحيد الذي يسمح للحرية والتغيير وقوى الدعم السريع بالتواجد في المشهد السياسي إذا ما تم الاتفاق".
وتابع المحلل السياسي: "هذا المنبر ذو أهمية كبيرة بالنسبة لقوى الحرية والتغيير ويتمسكون به للأسباب السابق ذكرها، علاوة على أن السعودية هى التي تقوم على منبر جدة بنفس وساطة السفير السعودي على بن جعفر الذي كان يقود أو يرعى العملية السياسية منذ ما يقرب من عامين بعد أحداث 25 أكتوبر 2021، والتي تمخضت قبل الحرب عن التوصل إلى الاتفاق الإطاري بالتعاون مع البعثة الأممية وإيقاد".
الحرية والتغيير
وأشار علي إلى أن الاتفاق الإطاري كان يضمن للحرية والتغيير تشكيل الحكومة وأن تكون المنفذ للقرارات السياسية التي تخص الجهاز التنفيذي والعملية السياسية، لذلك هم يتمسكون بمنبر جدة على أمل أن تقوم المملكة بالإصرار على وجودهم في أي عملية سياسية قادمة، وإن كنت أرى أن الوضع تغير والسعودية تعي جيدا الواقع السوداني الجديد الذي لا يسمح بفرض جهة على حساب جهة أخرى، وفي نفس الوقت نجد أن الرياض وواشنطن لا يصران على منبر جدة كما تصر عليه الحرية والتغيير والدعم السريع.
وأوضح المحلل السياسي، أن منبر جدة لم يحقق أي شيء على الأرض سوى الشق الإعلامي، فكل الهدن التي جرى الحديث عنها لم تكن إلا في الإعلام فقط ولم تشهد مناطق الحرب أي وقف لإطلاق النار أو دخول مساعدات إنسانية إلا في المناطق البعيدة عن جبهات القتال كما هو الحال في شرق السودان على سبيل المثال، ولا يزال القتال مستمر وكل طرف يسوق الحجج لتبرير من يقوم به من عدم انصياع للأصوات التي تنادي بوقف الحرب ولو لساعات.
وكان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، دعا، خلال وجوده في نيويورك، المجتمع الدولي إلى تصنيف قوات الدعم السريع "منظمة إرهابية".
ونفى الاتهامات التي وجهت للجيش السوداني بارتكابه أي انتهاكات بحق المدنيين، مشيرًا إلى أن "القوات السودانية تتمركز في أماكن محددة ولا تهاجم، وهي تدافع عن نفسها، وهو أمر معلوم للجميع".
من جهته، أكد قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في كلمة مسجلة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الخميس الماضي، أن قواته على استعداد تام لوقف إطلاق النار، والدخول في محادثات سياسية شاملة لإنهاء الصراع مع الجيش.
ودعا حميدتي إلى تأسيس جيش سوداني جديد "لبناء مؤسسة عسكرية مهنية تنأى بنفسها عن السياسة وتحمي الدستور والنظام الديمقراطي"، حسب تعبيره، موضحًا أن الحرب سببت دمارا "لم يسبق له مثيل" في السودان، لا سيما في الخرطوم، وأحدثت أزمة إنسانية في دارفور، لافتًا إلى أن فريقه انخرط "بصدق" في المفاوضات التي استضافتها السعودية في جدة، وطرح رؤية لإيقاف الحرب.
وتتواصل، منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من أنحاء السودان، حيث يحاول كل من الطرفين السيطرة على مقار حيوية، بينها القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات الدعم السريع وعدد من المطارات العسكرية والمدنية.
واتفق طرفا النزاع مرات عدة على وقف لإطلاق النار، لكن لم يتم الالتزام به.