تحديات إعادة الإعمار
يقول المحلل السياسي والأكاديمي الليبي، فوزي الحداد، إن "فكرة مؤتمر إعادة إعمار درنة فكرة خاطئة بالأساس، وهي فكرة مستوردة من العالم الآخر في بعض مناطق العالم التي تشهد اضطرابات أو حروب أو كوارث، إذ أن المجتمع الدولي لكي يساعد الدولة المنكوبة يلجأ إلى طلب مؤتمرات دولية تسمى بمسميات كثيرة، من بينها "مؤتمرات الإعمار".
وتابع في تصريحات لـ"سبوتنيك": "لكن لمؤتمرات الإعمار شروط، أهمها أن البلد المستهدف غير قادر أن يتصرف بنفسه، أو أن أهل البلد نفسه ليس لديهم الإمكانيات، سواء المالية وغيرها لتجاوز هذه الكارثة، فيلجؤون لدعوة العالم لكي يساعدهم، ولكن في ليبيا الأمر مختلف، لأن الأموال متوفرة والدولة قررت قيمة لإعادة الإعمار ومعالجة الأزمة".
وأضاف: "لا يمكن على هذا النحو أن يُعقد هذا المؤتمر، لأنه من الصعب إقناع العالم بأن ليبيا تحتاج الدعم، وأن المؤتمر سيكون مجديا لو تغيّرت صيغته وشكله، وأصبح مؤتمرا لاختيار الشركات التي سوف تعمّر البلد أو تستلم المشاريع التي سوف تعطى لها لإصلاح وتحديث البُنية التي دُمرت، أما غير ذلك سيظل مجرد فرقعات إعلامية وجس نبض إعلامي وسياسي لا هدف منه على الإطلاق لفائدة المنطقة التي تأثرت بهذه الكارثة، وأن من دعوا لهذا المؤتمر هم من هواة السياسة، ويريدون أن يقولوا نحن هنا، حتى وإن اختاروا الأسلوب الخاطئ".
وواصل أن "الموقف من النازحين يصعب تفسيره رغم كل التعهدات من الحكومة حيالهم، والذي يقول إن هناك شكاوى كثيرة من النازحين والمقيمين من عدم وجود الخدمات التي تم الإعلان عنها أو وجود تقصير، وأن المشاكل قائمة والسكان يعانون، والنازحون في المدن المختلفة يعانون مشقة الإيجارات وصعوبات الحياة، وغير راضين على الأداء الحكومي حول هذا الحدث".
وأكد فوزي الحداد أن "هناك فئة كبيرة من أهالي مدينة درنة يعيشون داخل المدينة وتعايشوا مع الواقع والمشاكل بدأت تُحل تدريجيا وإن كانت ببطء في محاولة أن تعود المدينة لعهدها، وهنا يعود الفضل لسكانها الذين رفضوا الخروج منها أو أن يغادروها وأن ينزحوا منها رغم كل الدعوات جاهدين أن تعود درنة كما كانت".
ولفت إلى أن مدينة درنة "لن تعود كما كانت في ظل الانقسامات التي تشهدها الأرض الليبية، وأن هناك شبهات فساد كثيرة حول منح العقود أو إعطاء الأمر لغير أهله، كل هذه الشكوك قائمة، وأن الانقسام بين الحكومتين سيصعب تسييل ميزانية للشركات التي ستعمل في المدينة، ولكن أتمنى أن تعود قريبة كما كانت مع الأمنيات أن تعود أفضل مما كانت عليه، وهذا الأمر يتوقف على الخيّرين من أهل هذا البلد".
الانقسام السياسي وتأثيره على إعادة إعمار المدينة
لفت المحلل السياسي، حسين المسلاتي، إلى أن "أبرز مطالب أهالي مدينة درنة الليبية هو إعادة إعمار المدينة عن طريق شركات دولية غير محلية، جاء على غرارها المؤتمر الدولي لإعادة إعمار مدينة درنة استجابة لمطالبهم، كما أصدرت الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد قرار بمحاسبة المجلس المحلي للمدينة".
وتابع في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "هذا المؤتمر يعكس اهتمام الحكومة بإعمار المدينة، ولكن هناك عدة صعوبات في ذلك، أبرزها الانقسام السياسي ووجود حكومتين، والاعتراف الدولي بحكومة الدبيبة حتى الآن هو ما يعرقل الجهود التي تحاول الحكومة الليبية القيام بها بإعادة إعمار درنة، ولكن مع وجود الرؤية الثاقبة سوف تصل الحكومة الليبية إلى نتائج".
أما بخصوص اهالي المدينة ومعيشتهم فيها، فقد أكد المسلاتي بأن "هناك بعض الأحياء صالحة للعيش ولكن مشكلة المياه فيها كبيرة جدا، وهذا باستثناء المناطق المتضررة، ولكن بالتعاون مع الجهات المختصة سوف تتجاوز الأحياء غير المتضررة هذه الأزمة، أما في المناطق المتضررة هناك حلول مؤقتة، ولكن يجب البحث عن حلول دائمة، ويجب توفير سكن مؤقت لوقت طويل، لأن هناك عائلات لازالت نازحة في المدارس، وهذا الأمر يشكل تحدي كبير، ويجب على الحكومة التصدي له، خاصة وأن أعداد النازحين كبيرة، وضرورة إيجاد حل طويل الأمد لهم، أو أن يتم منحهم بدل إيجار لوقت طويل، لأنهم غير محتاجين للغذاء بقدر السكن الذي يعد شيء أساسي لهم".
وتابع مؤكدا بأن "مدينة درنة ستعود، ولكنها تستغرق وقتا طويلا، وبناء المدينة يحتاج لرؤية وتخطيط وبرامج لمكافحة الفساد، لقد رأينا مدنا شُيّدت في الصحاري وهذا الأمر ليس صعبا على أن تعود درنة كما كانت".