وأصدرت صحيفة "ماليتاري واتش"، تقريرا يوضح تاريخ أعنف الضربات العسكرية الأمريكية، التي تعرضت لها المستشفيات أثناء أشهرالحروب، التي دارت على مدى 75 عاما مضى.
وبعد مرور11 يوما، على اندلاع الأعمال العدائية واسعة النطاق مع حركة "حماس" الفلسطينية، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية، في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، مستشفى "الأهلي العربي" في قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل أكثر من 500 مدني بتقدير أولي، وبلغ إجمالي عدد الضحايا الفلسطينيين جراء الغارات الإسرائيلية على مدار11 يومًا الماضية أكثر من 16 ألف شخص، و تدمير المستشفى أثار غضبًا دوليًا، مع إدانات قاسية صدرت من روسيا والهند إلى جنوب شرق آسيا وأفريقيا، ساهم أيضًا في تسليط الضوء على تاريخ طويل من الغارات الجوية، التي ضربت المستشفيات ودمرتها بالكامل في كثير من الأحيان.
خلال الحرب العالمية الثانية، سُمح باستخدام الأسلحة الحارقة، وذلك لتنفيذ غارات من قبل القوات الجوية للجيش الأمريكي، وأدت هذه الهجمات "العشوائية" إلى تدمير مستشفيات متعددة في اليابان، وأدى قصف طوكيو بالقنابل الحارقة، في الفترة من 9 إلى 10 مارس/ آذار 1945، إلى قتل العديد من اليابانيين بما يزيد عن 100 ألف شخص، ومحو أحياء بأكملها من المدينة بين عشية وضحاها، وتم تدمير على العديد من المستشفيات والمدارس والمعابد وغيرها من الأهداف.
بعد الحرب العالمية الثانية، أدى استمرار استخدام المواد الحارقة في الغارات الجوية التي استهدفت اليابان، إلى ضمان استمرار تدمير المستشفيات في الصراعات اللاحقة، وخصوصا أثناء الحرب الكورية، حيث أمر القائد الأعلى لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الجنرال دوجلاس ماك آرثر، بقصف "جميع وسائل الاتصال، وجميع المنشآت والمصانع والقرى" في كوريا الشمالية، مشيرًا إلى أن "كوريا الشمالية ستصبح "منطقة صحراء"، كما وأكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي دين راسك، أن "القاذفات ستهاجم كل ما يتحرك في كوريا الشمالية".
ولم تكن المستشفيات مستثناة على الإطلاق، وقُدّر في نهاية الحرب عدد المستشفيات التي تم تدميرها ما يقارب من 1000 مستشفى في جميع أنحاء كوريا الشمالية، فضلًا عن مقتل عدد هائل من الكوريين الشماليين الذين يقدر عددهم بـ 3 إلى 4 ملايين شخص لقوا حتفهم في الحرب.
شهدت حرب الخليج استهدافا للمستشفيات العراقية بشكل مماثل، وفي الحالات التي لم تتضرر فيها المستشفيات بشكل مباشر، تم الاستهداف الجماعي للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك الصرف الصحي والكهرباء، وفي مقابلة أجراها باتريك تايلر، في صحيفة "نيويورك تايمز"، في يوليو/ حزيران 1991، مع مدير مستشفى "صدام" للأطفال في بغداد، الدكتور قاسم إسماعيل، والذي ذكر أنه "في الليلة الأولى للحملة الجوية الغربية، أدى استهداف البنية التحتية المدنية إلى قطع الكهرباء في المستشفى، ونتيجة لذلك، انتزعت الأمهات أطفالهن من الحاضنات، وأخرجن أنابيب الوريد من أذرعهن، وتم إخراج آخرين من غرف الأكسجين، وركضوا إلى الطابق السفلي، حيث لم تكن هناك تدفئة، لقد توفي أكثر من 40 طفلًا، أول 12 ساعة من القصف".
مع دخول القرن 21، استمر شن الغارات الجوية على المرافق الطبية الرئيسية، وكان أحد أبرز الأمثلة هو الهجوم على المجمع الطبي، الذي يضم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في كابول، كما تم قطع الإمدادات الغذائية والطبية لعشرات الآلاف من اللاجئين الأفغان، ومع شن قوات حلف شمال الأطلسي ضربات في البلاد، منذ ما يقارب عقدين من الزمن، أصبحت المرافق الطبية الأفغانية بعيدة كل البعد عن الأمان، وإحدى الهجمات القوية اللاحقة، كانت الغارة التي شنتها القوات الجوية الأمريكية، في أكتوبر من عام 2015، على مركز "قندوز" الذي تديره منظمة أطباء بلا حدود، وحظيت هذه الهجمة بتغطية إعلامية أكبر من الهجمات الأخرى على المرافق الطبية الأفغانية لأن المبنى المستهدف كانت تديره منظمة غربية.
وختم التقرير بإدانة قوية للاستهداف الإسرائيلي على مستشفى "المعمداني" في قطاع غزة، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة الأمريكية استمرت بنفس السياسة القديمة، والتي من شأنها تقديم الأعذار "الواهمة"، التي تبرر هكذا نوع من الهجمات".