ولا تستهدف هذه الحملات السلع الإسرائيلية بشكل مباشر، على اعتبار أن تونس تمنع بشكل رسمي أي شكل للتعامل مع إسرائيل، وإنما تدعو إلى مقاطعة السلع الأمريكية والأوروبية الداعمة لإسرائيل بالإضافة إلى منتجات الشركات العالمية التي أعلنت أن مواردها ستذهب لدعم نشاط الجيش الإسرائيلي في إطار حربه على غزة.
عقاب اقتصادي
وفي تصريح لـ "سبوتنيك"، قال المحامي الجيلاني اللموشي، الذي يشرف على حملة "مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية في تونس"، إن أقل ما يمكن أن تفعله الشعوب العربية هو تسليط عقاب اقتصادي على الدول الغربية التي تستمر في دعم إسرائيل رغم ما ترتكبه من مجازر في حق الشعب الفلسطيني.
وتابع "الفكرة الأساسية لهذه الحملات هي المساهمة في تقليص الدعم المالي الممنوح لإسرائيل، فالحروب لا تدار بالسلاح فقط، وإنما أيضا بالاقتصاد، والمقاطعة تندرج ضمن الحرب الاقتصادية".
وأشار اللموشي إلى أن دور هذه الحملات يرتكز على نشر الوعي بين المستهلكين واطلاعهم على قائمة المنتوجات أو الشركات الداعمة لإسرائيل، والتي تذهب في النهاية مواردها لقتل الأطفال والنساء في فلسطين.
وأضاف: "هناك العديد من الشركات العالمية المعروفة والمتوغلة في العديد من دول العالم لا تخفي دعمها لإسرائيل، بل وتفاخر بأنها تخصص مداخيل قارة لها، ومعظمها أمريكية وأوروبية المنشأ".
وقال اللموشي إن حملة المقاطعة التي يقودها انطلقت كمبادرة فردية، ولكنها لاقت تفاعلا واسعا من التونسيين وحتى من خارج تونس، مشيرا إلى أن دائرة المقاطعة شملت السلع الإسرائيلية والغربية.
وترى الناشطة سندس الخذيري، أن مقاطعة المنتوجات الداعمة لإسرائيل هي "مقاومة موجعة ومكلفة ومؤثرة اقتصاديا".
وأشارت في حديثها لـ "سبوتنيك" إلى أن "الحرب الاقتصادية هي جزء من النضال العربي دفاعا عن القضية الفلسطينية، وهو أقل ما يمكن أن تفعله الشعوب الحرة ردا على تقتيل الأبرياء في قطاع غزة".
ولفتت الخذيري إلى أن المسلمين يمثلون ربع سكان العالم، وأن الشركات الغربية الداعمة لإسرائيل تستفيد من طاقتهم الاستهلاكية الواسعة التي تغذي اقتصادهم، مشيرةً إلى أنه لا يجب الاستهانة بسلاح المقاطعة.
الفلسطينيون ليسوا أرقاما
وقال رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي في تصريح لـ "سبوتنيك"، إن حملات المقاطعة تستهدف النسيج الاقتصادي والصناعي للدول الغربية التي تدعم إسرائيل.
وأوضح: "في تونس ليس لدينا منتوجات إسرائيلية، فبلدنا بدأ حملة مقاطعة إسرائيل منذ عام (1948)، ولكن لدينا منتوجات وصناعات غربية تذهب لدعم إسرائيل وتستغلها في إنفاقها العسكري".
وأكد الرياحي أن المنظمة أطلقت دعوة للجالية التونسية بالخارج من أجل المشاركة في حملات المقاطعة، مضيفا: "عدد التونسيين المقيمين بالدول الداعمة لإسرائيل كبير ويتجاوز المليون مواطن، ويمكن لهؤلاء أن يسهموا في إنجاح هذه الحملات".
ويرى الرياحي أن هذه الحملات ليست الأولى التي يطلقها تونسيون في الداخل، ولكنها ستكون مفصلية هذه المرة، معتبرًا أن الفلسطينيين ليسوا أرقاما ولا يمكن السكوت عن تقتيلهم وتهجيرهم.
وشدد على أن حملات المقاطعة تحمل رسالة إلى دول العالم وخاصة منها دول الغرب حتى تفتح أعينها على المجازر التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، والتي تجاوزت جميع الخطوط الحمراء، وفقا لقوله.
وقال الرياحي إن حملات المقاطعة لا يجب أن تكون موسمية بل طويلة الأمد، مشيرا إلى أن مقاطعة السلع الغربية تصب أيضا في مصلحة الاقتصاد المحلي وتدعم النسيج الصناعي التونسي واليد العاملة التونسية.
تضليل إعلامي غربي
وبالتزامن مع هذه الحملات، أطلق تونسيون ونشطاء ومنظمات دعوات لوقف ما يصفونه بالتضليل الإعلامي الغربي لحقيقة الوضع في قطاع غزة، منتقدين انحيازه المفضوح لإسرائيل وتبنيه لروايتها.
وقالت عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ريم سوودي، لـ "سبوتنيك"، إن التغطية الإعلامية الغربية لما يجري في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، اتسمت بانحياز واضح ومفضوح للجانب الإسرائيلي على حساب الجانب الفلسطيني.
وأضافت: "هذه التغطية عكست غيابا كبيرا للحرفية والمهنية، لقد أضاع الإعلام الغربي ومن ورائه حكوماتهم بوصلة حقوق الإنسان والمبادئ العامة التي بني عليها العمل الصحفي، وأولها نشر الحقيقة".
ولاحظت سوودي أن عددا من وسائل الإعلام الغربية المعروفة اتجهت نحو تزييف الحقائق من خلال بث أخبار مضللة وغير صحيحة وحتى نشر فيديوهات وصور مفبركة، في ضرب واضح لأخلاقيات ومبادئ المهنة.
وأطلقت أكثر من 30 منظمة في تونس من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة الصحفيين لجنة وطنية لدعم القضية الفلسطينية، بهدف التعريف بهذه القضية في العالم.
وتؤكد سوودي أن هذه اللجنة ستقود جملة من التحركات الميدانية والتظاهرات الثقافية، كما ستنظم حملات لجمع التبرعات وإرسالها إلى الأراضي الفلسطينية.
وقالت: "أول خطوة قامت بها هذه اللجنة، هي بعث رسالة استنكار إلى تمثيلية الاتحاد الأوروبي بتونس احتجاجا على موقف الدول الأوروبية من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني الأعزل".
وأكدت أن رسائل الاستنكار شملت تمثيلية جامعة الدول العربية والتمثيليات الدبلوماسية للجهات التي أبدت مساندتها لاسرائيل والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان على غرار المفوضية السامية لحقوق الإنسان.