الوثيقة كشف عنها موقع "سيحا ميكوميت" اليساري، وهي صادرة عن وزارة الاستخبارات بتاريخ 13 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وتوصي الوثيقة إسرائيل بالتحرك "لإجلاء سكان غزة إلى سيناء" خلال الحرب، عبر "إنشاء مدن خيام ومدن جديدة في شمال سيناء، تستوعب السكان المرحلين، ثم "إنشاء منطقة لعدة كيلومترات داخل مصر وعدم السماح للسكان بالعودة أو الإقامة بالقرب من الحدود الإسرائيلية".
الوثيقة المكونة من عشر صفحات تحتوي على شعار وزارة الاستخبارات برئاسة الوزيرة جيلا غامليل، من حزب الليكود بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
من إخلاء جنوب القطاع إلى التهجير لسيناء
وأكد مسؤول في وزارة الاستخبارات، للموقع أن هذه الوثيقة صحيحة، وتم توزيعها على الجهاز الأمني نيابة عن شعبة السياسات في الوزارة، و"لم يكن من المفترض أن تصل إلى وسائل الإعلام".
وتوصي الوثيقة، بشكل لا لبس فيه وصراحة، بتنفيذ عملية نقل المدنيين من غزة باعتبارها النتيجة المرجوة من الحرب.
وتنقسم خطة النقل إلى عدة مراحل: في المرحلة الأولى، يجب "إجلاء سكان غزة إلى الجنوب"، في حين ستركز ضربات سلاح الجو الإسرائيلي على الجزء الشمالي من القطاع.
وفي المرحلة الثانية، سيبدأ الدخول البري إلى غزة، ما سيؤدي إلى احتلال القطاع بأكمله، من الشمال إلى الجنوب، و"تطهير المخابئ تحت الأرض من مقاتلي حماس".
وفي الوقت نفسه الذي يُحتل فيه قطاع غزة، سيُنتقل مواطنو غزة إلى الأراضي المصرية، ويغادرون القطاع، ولن يسمح لهم بالعودة إليه بشكل دائم. وجاء في الوثيقة: "من المهم ترك الممرات باتجاه الجنوب صالحة للاستخدام، للسماح بإجلاء السكان المدنيين باتجاه رفح".
إقناع الفلسطينيين بضياع أرضهم
في الوثيقة، تقترح وزارة الاستخبارات الإسرائيلية حملة مخصصة للمواطنين في غزة، من شأنها "تحفيزهم على الموافقة على الخطة"، وجعلهم يتخلون عن أراضيهم، "يجب أن تتمحور الرسائل حول خسارة الأرض، أي توضيح أنه لم يعد هناك أمل في العودة إلى الأراضي التي ستحتلها إسرائيل في المستقبل القريب، سواء كان ذلك صحيحا أم لا".
بالإضافة إلى ذلك، أوصت الوثيقة الحكومة الإسرائيلية بأن تقود حملة عامة من شأنها الترويج لبرنامج الترانسفير في العالم الغربي "بطريقة لا تحرّض وتشوه إسرائيل"، والتي سيتم فيها تقديم ترحيل السكان من غزة على أنه "خطوة ضرورية إنسانيًا وستحظى بتأييد العالم لأنها ستؤدي إلى سقوط عدد أقل من الضحايا بين السكان المدنيين مقارنة بالعدد المتوقع في حال بقي الفلسطينيون في غزة".
وتنص الوثيقة أيضًا على أنه ينبغي تسخير الولايات المتحدة في هذه الخطوة حتى تتمكن من الضغط على مصر لاستيعاب سكان غزة، وتسخير الدول الأوروبية الأخرى، وخاصة اليونان وإسبانيا وكندا، للمساعدة في استيعاب وتوطين سكان غزة.
محاولات إسرائيلية للضغط على السيسي
يشار إلى أنه في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن محاولات إسرائيلية للضغط على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لقبول اللاجئين من قطاع غزة، وأن نتنياهو أجرى محادثات مع زعماء العالم وطلب منهم محاولة إقناعه.
وقالت الصحيفة الأكثر انتشارًا في الدولة العبرية: "تحاول إسرائيل الضغط على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاستقبال اللاجئين من قطاع غزة - وقد قدمت اقتراحا جديدا: سيقوم البنك الدولي بشطب الديون المالية الكبيرة لمصر، مقابل موافقتها على هذه الخطوة".
وأضافت: "مؤخرًا، لجأت إسرائيل أيضا إلى القادة الدوليين وطلبت منهم محاولة إقناع الرئيس المصري السيسي بقبول اللاجئين في سيناء".
وأكدت أن نتنياهو "طلب من زعماء العالم إقناع المصريين، لأن هذا هو الحل الأفضل"، لافتة إلى أن "الفكرة الأخرى التي سيتم بحثها هي إجلاء الجرحى الفلسطينيين بالسفن - وإنشاء مستشفى ميداني في مصر".
وشددت الصحيفة على أن الرئيس المصري يرفض بقوة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وطالب بدلا عن ذلك بنقلهم إلى النقب جنوب إسرائيل.
ويتفق ذلك مع الموقف المصري، حيث أكد الرئيس السيسي مرارًا رفضه لمخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
رفض مصري قاطع لمخطط التهجير
وفي 18 أكتوبر الجاري، جدد السيسي التأكيد على رفض تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء "لعدم تصفية القضية الفلسطينية"، ولوّح بخروج ملايين المصريين لدعم هذا الموقف الرسمي.
ووقتها، قال السيسي، في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس، في العاصمة المصرية القاهرة، إن مصر "ترفض تصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية أو أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريا من أرضهم، أو أن يأتي ذلك على حساب أي من دول المنطقة".
وأضاف السيسي أن "تصفية القضية الفلسطينية أمر في غاية الخطورة"، مشيرًا إلى أن ما يحدث في غزة الآن "ليس فقط الحرص على توجيه عمل عسكري ضد حماس، وإنما محاولة لدفع السكان المدنيين إلى اللجوء والهجرة إلى مصر".
ومضى مشددا: "نحن دولة ذات سيادة، حرصت خلال السنوات الماضية منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل (عام 1979) على أن يكون هذا المسار خيارًا استراتيجيًا نحرص عليه، ونسعى لأن يكون هذا المسار داعمًا لدول أخرى للانضمام إليه"، محذرا من تداعيات أي تهجير للفلسطينيين خارج غزة.
وأوضح السيسي أن "فكرة نزوح الفلسطينيين من القطاع إلى مصر يعني ببساطة أن يحدث أمر مماثل وهو تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن، وبالتالي تصبح فكرة الدولة الفلسطينية التي نتحدث عنها غير قابلة للتنفيذ لعدم وجود شعب".
واعتبر أن "نقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء ببساطة عبارة عن نقل فكرة المقاومة والقتال من قطاع غزة إلى سيناء"، وعليه، رأى السيسي أن تلك الخطوة قد تؤدي إلى أن " تصبح سيناء قاعدة للانطلاق بعمليات ضد إسرائيل"، مضيفا: "في هذه الحالة ستقوم إسرائيل بالرد وتوجه ضربات للأراضي المصرية، ومصر دولة كبيرة حرصت على السلام بإخلاص ونحتاج إلى عدم تبديده (السلام)، بفكرة غير قابلة للتنفيذ".
وقال الرئيس المصري آنذاك: "إذا كان هناك فكرة لتهجير الفلسطينيين فتوجد صحراء النقب في إسرائيل، حتى تنتهي إسرائيل من مهمتها المعلنة في تصفية المقاومة أو الجماعات المسلحة، حماس والجهاد الإسلامي، على أن يتم إعادتهم مجددا مرة أخرى إذا شاءت".
وتابع، ملوحا بخروج الملايين رفضا للمخطط الإسرائيلي: "مصر فيها 105 ملايين والرأي العام المصري والعربي يتأثر بعضه ببعض، وإذا استدعى الأمر أن أطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض هذه الفكرة (التهجير إلي سيناء)، فسترون ملايين من المصريين يخرجون للتعبير عن دعم هذا الموقف".
وفي وقت سابق من اليوم الثلاثاء، شدد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، على أن بلاده مستعدة لـ"بذل ملايين الأرواح" من أجل حماية سيناء، مؤكدا أن بلاده لن تقبل بأن يتم "تصفية" قضايا إقليمية على حسابها.
وأضاف مدبولي خلال زيارته إلى مقر الكتيبة 101 في سيناء: "مستعدون لبذل ملايين الأرواح من أجل حماية سيناء"، وأردف قائلا: "سيناء بقعة غالية في قلب كل مصري".
واعتبرت إذاعة الجيش الإسرائيلي (غالي تساهال)، أن تصريحات مدبولي موجهة إلى إسرائيل بشكل مباشر.
ويشهد قطاع غزة قصفا إسرائيليا كثيفا، منذ 7 أكتوبر الجاري، بعدما أعلن القائد العام لـ"كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" الفلسطينية، محمد الضيف، بدء عملية "طوفان الأقصى" لوضع حد "للانتهاكات الإسرائيلية"، بحسب قوله.
وأعلن بعدها الجيش الإسرائيلي بدء عملية "السيوف الحديدية"، وشن غارات قوية على قطاع غزة، بالإضافة إلى اشتباكات مع مقاتلي "حماس" داخل المستوطنات.