دخل التصعيد غير المسبوق بين حماس وإسرائيل، اليوم الأربعاء، يومه الـ 25 دون أن تستطيع المساعي الدولية ودعوات الأمم المتحدة تحقيق وقف لإطلاق النار.
وكان الهجوم غير المسبوق لحركة حماس على إسرائيل، والرد الإسرائيلي العنيف عليه بالقصف المركز على قطاع غزة ثم الهجوم البري على القطاع، قد تسبّب بمقتل أكثر من 8 آلاف فلسطيني وإصابة أكثر من 20 ألف آخرين، فيما قتل من الجانب الإسرائيلي حوالي 1400 وأسر أكثر من 200 رهينة لدى حماس.
ولكن بشكل عام، لا يزال الدعم التقليدي للقضية الفلسطينية في دول أمريكا اللاتينية قويا، حيث عبرت عنه بعض الدول أما بقطع العلاقات أو استدعاء السفراء احتجاجا على الحرب العنيفة التي تشنها إسرائيل على غزة.
وأثار ذلك كثيرون من مواطني الدول العربية، الذين يرون أن الدول اللاتينية أحرجتهم بمواقفها الشجاعة ولم تكتف فقط بتقديم مساعدات أو إصدار بيانات الشجب والإدانة التي لا تستجيب لها إسرائيل.
في هذا التقرير نلقي الضوء على أبرز مواقف الدول اللاتينية تجاه ما يحدث في قطاع غزة.
بوليفيا تقطع علاقاتها بإسرائيل
أعلنت بوليفيا، أمس الثلاثاء، أنها قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب ارتكاب "جرائم حرب ضد الإنسانية" في قطاع غزة.
وقال نائب وزير الخارجية البوليفي، فريدي ماماني، في مؤتمر صحفي: "قررت بوليفيا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل".
وأضاف: "سيتم إبلاغ إسرائيل رسميا بهذا القرار من خلال القنوات الدبلوماسية المنشأة بين البلدين بما يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة".
وتابع: "بوليفيا تدين الأعمال العدوانية الإسرائيلية في قطاع غزة، وتعتبرها تهديدا للسلام والاستقرار الدوليين".
واعتبرت السلطات البوليفية أن إسرائيل ترتكب "جرائم حرب ضد الإنسانية" في قطاع غزة، داعية إلى وقف الهجوم الإسرائيلي.
بدورها، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالقرار، مؤكدة أنه يعكس حقيقة الموقف البوليفي المتضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني والرافض لرؤية هذه المجازر التي ترتكب بحقه.
كما أشادت "حماس" بالموقف الشجاع لحكومة بوليفيا، وجددت دعوتها للدول العربية والإسلامية المطبّعة بقطع كافة علاقاتها مع إسرائيل، انتصاراً لقيم الإنسانية، ورفضاً لما يقترفه هذا "الكيان المجرم" بحق الأطفال والمدنيين العزّل.
تشيلي وكولومبيا تستدعيان سفيريها لدى إسرائيل
أعلنت كل من كولومبيا وتشيلي المجاورتين لبوليفيا استدعاء سفيريهما في تل أبيب للتشاور بسبب التصعيد في قطاع غزة.
وأعلن رئيس تشيلي، غابرييل بوريك، اليوم الأربعاء، استدعاء سفير بلاده لدى إسرائيل وذلك "لانتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني في قطاع غزة".
وقال بوريك، في منشور عبر منصة "إكس": "أمام الانتهاكات غير المقبولة للقانون الدولي الإنساني التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة، قررنا كحكومة تشيلي استدعاء سفير تشيلي في إسرائيل، خورخي كارفاخال، للتشاور في سانتياغو".
وأضاف: "تدين تشيلي بشدة وتشعر بقلق كبير إزاء أن هذه العمليات العسكرية - التي في هذه المرحلة من تطورها تشكل عقوبة جماعية للسكان المدنيين الفلسطينيين في غزة - ولا تحترم القوانين الأساسية للقانون الدولي، كما يظهر ذلك في أكثر من ثمانية آلاف ضحية مدنية، معظمهم من النساء والأطفال".
أما الرئيس الكولومبي جوستابو بيترو فقد وصف الهجمات الإسرائيلية في منشور على موقع "إكس"، بأنها "مذبحة للشعب الفلسطيني".
البرازيل والمكسيك تدعوان إلى وقف إطلاق النار
دعت دول أخرى مجاورة في أمريكا اللاتينية، مثل المكسيك والبرازيل، في الآونة الأخيرة إلى وقف إطلاق النار.
يشار إلى أن البرازيل تتولى حاليا الرئاسة الدورية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الجمعة الماضية، إن "ما يحدث الآن هو جنون من رئيس وزراء إسرائيل الذي يريد محو قطاع غزة".
وأضاف دا سيلفا "أن ترتكب حماس عملًا إرهابياً ضد إسرائيل لا يعني أن على إسرائيل أن تقتل ملايين الأبرياء".
وأكد "دوري هو العمل من أجل أن تكون المفاوضات ممكنة" بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار. لكن محاولته في تمرير قرار في مجلس الأمن بشأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي باءت بالفشل.
وتتخذ المكسيك كذلك موقفا مماثلا للموقف البرازيلي، حيث قال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيس أوبرادور، في هذا الصدد "لا نريد أن ننحاز إلى أي طرف لأننا نريد أن نكون عاملًا في البحث عن حل سلمي".
فنزويلا اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية
أكد وزير الخارجية الفنزويلي، إيفان خيل في بيان صدر عنه، فجر اليوم الأربعاء، رفض بلاده القاطع للإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل، والهجوم الجديد على مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، الذي استشهد وجرح فيه المئات من المدنيين.
وأضاف: "تدين فنزويلا مرة أخرى الانتهاك المنهجي لمبادئ القانون الإنساني الدولي، وعدم مراعاة وتجاهل اتفاقيات جنيف من قبل دولة الاحتلال، الأمر الذي يشكّل جريمة حرب تتطلب تحقيقا دوليا مستقلا لتحديد المسؤولين عنها".
وجددت فنزويلا دعوتها للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووقف الفظائع التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين، والبحث عن حلول فورية استنادا لقرارات الشرعية الدولية من أجل إحلال السلام.
4 دول لاتينية تتضامن مع إسرائيل
وعلى عكس أغلب دول أمريكا اللاتينية، أعربت الباراغواي والأوروغواي والإكوادور، وهي جميعها (دول يديرها اليمين)، عن تضامن أكبر مع إسرائيل.
وفي الأرجنتين التي يرأسها ألبرتو فرنانديز (وسط يسار) والتي تضمّ أكبر عدد من اليهود في أمريكا اللاتينية ويبلغ عددهم نحو 250 ألف شخص، عُرضت صور لبعض الرهائن الذين احتجزتهم حماس في غزة مطالبة بالإفراج عنهم.
الموقف السائد في أمريكا اللاتينية
يعتبر الموقف السائد في الدول اللاتينية هو إدانة هجمات حماس ولكن دون دعم الإجراءات غير المتناسبة التي تتخذها إسرائيل.
حيث نددت معظم الدول في أمريكا الجنوبية بالهجمات الإسرائيلية على غزة، وأدانت مقتل المدنيين الفلسطينيين.
كما دعت الدول إلى وقف إطلاق النار، وحثت على مرور المساعدات الإنسانية إلى القطاع، واتهمت إسرائيل بانتهاك القانون الدولي.
وتعترف معظم دول أمريكا اللاتينية بالأراضي الفلسطينية كدولة ولديها مكاتب دبلوماسية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
ويشهد قطاع غزة قصفا إسرائيليا كثيفا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بعدما أعلن القائد العام لـ"كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" الفلسطينية، محمد الضيف، بدء عملية "طوفان الأقصى" لوضع حد "للانتهاكات الإسرائيلية"، بحسب قوله.
وتمكنت حركة "حماس" من أسرِ عدد من الإسرائيليين بينهم جنود وضباط، والعودة بهم إلى قطاع غزة.
وأعلن بعدها الجيش الإسرائيلي بدء عملية "السيوف الحديدية"، وشن غارات قوية على قطاع غزة، بالإضافة إلى اشتباكات مع مقاتلي "حماس" داخل المستوطنات.
كما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن "المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت)، صادق رسميا على بدء الحرب على قطاع غزة، ردا على إطلاق حركة "حماس" الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى".
وفي المقابل، تشن الطائرات الإسرائيلية غارات على مواقع "حماس" في قطاع غزة، فيما أعلنت الحكومة الإسرائيلية، يوم 8 أكتوبر الجاري، تفعيلها للمادة 40 من القانون الأساسي، ما يعني دخول البلاد رسميا في حالة حرب.