التصريحات الأمريكية منذ البداية، أكدت على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، الأمر الذي استنكرته العديد من دول العالم، إذ اعتبرته بمثابة الضوء الأخضر لإسرائيل وأنه مشاركة أمريكية في الحرب على غزة.
في هذا الإطار، قال خبيران سياسيان إن الموقف الأمريكي يؤسس لـ"قانون الغابة"، ويشرعن لـ"منطق القوة"، بدلا من القانون الدولي، ما يهدد بموجة عنف وإرهاب محتملة يمكن للجانب الأمريكي أن يدفع ثمنها، نتيجة دعمه لهذا المنطق.
ولم تفلح الجهود الدولية في وقف الحرب الدائرة في غزة، فيما تتصاعد موجات الكراهية والعنف إثر ما يحدث هناك.
واستنكر مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، اليوم السبت، ما وصفه بـ"الزيادة الحادة في مستويات الكراهية" حول العالم.
وقال تورك إنّه "في جميع أنحاء العالم، تزايدت المضايقات والهجمات وخطابات الكراهية المعادية للإسلام ومعاداة السامية، بما في ذلك في سياق الاحتجاجات المرتبطة بالنزاع".
وحثت الحكومة الإسرائيلية مواطنيها على إعادة النظر في السفر إلى الخارج، ودعتهم إلى توخي الحذر أثناء تواجدهم في الخارج، في ضوء زيادة أعمال العنف المعادية للسامية، في الأسابيع الأخيرة.
في البداية، يقول المحلل السياسي المغربي، بلال التليدي، إن عدم احترام القوانين الدولية والإنسانية وحقوق الإنسان عامة، واختلال الموازين في إعمال الشرعية الدولية والازدواجية في المعايير، تمثل عوامل مؤسسة للإرهاب وصانعة له.
وأضاف، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن العالم أصبحت ثقته ضعيفة في الفاعل الدولي، وأصبحت القناعة أن الحاكم في العلاقات الدولية هو منطق القوة وليس القانون.
وشدد التليدي على أن "ما يؤسَس له الآن بأن "منطق القوة" هو السائد والحاكم يدفع نحو تغذية الشعور بمنطق "الغابة" والدفع نحو المزيد من العنف والتطرف".
ولفت إلى أن الأجيال الصاعدة يصعب إقناعها بقوة القانون والعلاقات الدولية والشرعية الدولية، إذ تظل المشاهد الآنية مؤثرة وفاعلة بشكل أكبر، وأن واشنطن ستدفع ثمن المشاهد الحالية، وأنها ستكون المتضرر الأكبر من موجات الإرهاب والعنف مستقبلا.
وشدد المحلل السياسي المغربي على أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تقدم الدعم والمساندة والمشاركة في العمليات العسكرية، عبر الحضور العسكري والمشاركة في غرفة إدارة العمليات في إسرائيل.
من ناحيته، قال المحلل الاستراتيجي، محمد سعيد الرز، إن كل مزاعم الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان التي طالما ادعاها الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية سقطت، وانكشف زيفها في غزة وعموم فلسطين.
ويضيف الرز، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "مقولة "إسرائيل تدافع عن نفسها" هي "أكذوبة كبرى"، إذ كيف يدافع المحتل عن نفسه في مواجهة حركة تحرر وطني، والمعروف أن غلاف غزة هو تابع لغزة، وفق القرار 181 الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، أو ما اصطلح على تسميته بقرار التقسيم".
وأوضح أن "عملية طوفان الأقصى هي محاولة تحرر وليست إرهابا"، متسائلا: "هل يمكن لفرنسا أن تعتبر الجنرال ديغول قائد حركة المقاومة ضد الاحتلال الألماني إرهابيا؟".
وشدد على أن واشنطن لا يمكن أن تكون صادقة بحديث بايدن وبلينكن، بوصفهما العدوان على غزة بأنه استعادة للعدالة الأخلاقية في العالم.
وأشار المحلل الاستراتيجي، محمد سعيد الرز، إلى أن العدالة التي يشير إليها بادين تبنى فوق جماجم 4 آلاف طفل في غزة، أكبرهم في العاشرة من عمره.
وتابع: "إنها ليست تغذية للعنف والتطرف فقط، بل سقوط مدوي لكل ادعاءات أمريكا والغرب ومبادئها التي تستخدمها وسيلة لاستعمار الشعوب".
وشدد الرز، على أن "واشنطن التي فتحت ترسانتها العسكرية لدعم إسرائيل لا يمكنها أن توفق بين مبادئ نيلسون ومقولة وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت، بأنه يسعى لقتل الحيوانات البشرية في غزة".
وتابع: "حين تصمد المقاومة وتكبد جيش الاحتلال خسائر كبرى وتمنع نتنياهو من تحقيق أي هدف سياسي أو ميداني، يسارع بلينكن بالعودة إلى المنطقة ليطرح وقف إطلاق النار مع هدنة إنسانية، والعمل على حل الدولتين".
واستطرد: "بعد توظيف النظام الأوكراني ليصبح شوكة في خاصرة روسيا ودول الشرق الآسيوي لمصلحة أمريكا والغرب، تحركت روسيا وخاضت ولا تزال حربا لاقتلاع هذه الشوكة الإرهابية والنازية الجديدة، وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ولد "حزب الله"، وبعد اجتياحات غزة ولدت حماس، وهذا أمر طبيعي لرد فعل الجماهير التي تتعرض للظلم والقمع والحصار والتجويع وإهدار حقها في الحياة الحرة الكريمة".
وشدد المحلل الاستراتيجي محمد سعيد الرز، على أن ما يجري الآن في غزة يشكل سقطة استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين، ويترتب عليه تضاعف قناعات الشعوب بأن العالم الحر ليس في الغرب، ولن يكون، بل هو في الشرق الذي يرفع راية التعاون والتكامل وتبادل المنافع بدلا من تسليط المدافع.
ويتواصل التصعيد بين حركة "حماس" الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، بعد إطلاق "حماس"، يوم السبت 7 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، عملية "طوفان الأقصى"، التي أسفرت عن مقتل نحو 1400 وأسر نحو 200 إسرائيلي، لترد عليها إسرائيل ببدء عملية "السيوف الحديدية"، وإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة.
وأسفر القصف الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة عن مقتل أكثر من 9 آلاف وإصابة نحو 26 ألف جريح من المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
ويعاني سكان قطاع غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، من كارثة إنسانية محققة، نتيجة قلة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل القطاع.