هل ستعود ليبيا للحرب بعد الاشتباكات الأخيرة في مدينة غريان؟

معدات وإمدادات تابعة للجيش الليبي
ليبيا على صفيح ساخن، في انتظار أي شرارة لتشتعل نيران الحرب بين الخصوم العسكريين ‏في البلاد، بعد أن شهدت مدينة غريان في الجبل الغربي في جنوب طرابلس، اشتباكات في الأيام ‏الماضية بين القوى المُشتركة مع لواء حماية غريان، والقوى الأخرى التي تسيطر على المدينة.
Sputnik
وأدى هذا إلى انسحاب القوى المُشتركة التي سيطرت على المدينة ساعات معدودة، بعد ‏اشتباكات أدت إلى خسائر مادية وبشرية.‏
ضعف الأجهزة الأمنية يهدد الانتخابات المقبلة
في هذا الشأن، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي، إلياس الباروني، إن "الفترة الأخيرة شهدت فتح حوار بين عادل الدعاب، آمر القوى المُشتركة، والمشايخ والأعيان والحكماء والجهات الأمنية في مدينة غريان، وذلك من أجل عودة عادل الدعاب للمدينة، لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق".
وأضاف الباروني في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "سبب الدخول كان بحجة أن هناك جريمة منظمة، وتفشّي لبعض الظواهر التي تهدد الأمن داخل المدينة، لكن أدى ذلك لإرباك المشهد من جديد، وعدم رضا الأهالي بدخول هذه القوات، التي سبّبت الإشكالية الأمنية في المدنية، وألحقت أضرارا بالجهات العامة والخاصة، وأدى ذلك للاستعانة بقوات حكومة الوحدة الوطنية، ولبّت الأخيرة النداء، وأرسلت القوات للقضاء على هذا الدخول، وسيطرت حكومة الوحدة الوطنية على كامل المدينة، وخروج قوات أدعاب".
وتابع الباروني أن "هذا الأمر يهدد استقرار المنطقة وأمنها، ويهدد استقرار ليبيا بشكل عام، ويهدد العملية الانتخابية المقبلة، خاصة وأن هناك العديد من المسائل الدستورية والقانونية، والعنصر الأمني، وتكرر هذا الأمر مؤخرا في طرابلس والزاوية، واليوم في غريان، وهذا بطبيعة الحال يعرقل عمل الحكومة من ناحية تنفيذ مهامها، أو من ناحية تنفيذ الاستحقاق الانتخابي القادم".
اشتباكات بين التشكيلات المسلحة في غريان الليبية
ولا يعتقد الباروني أن "هناك ارتباط بين الدعاب وحفتر، لأن الأخير تلقى هزيمة في السنوات الماضية على حد وصفه، ولا يجرؤ على تكرار هذا السيناريو من جديد"، مشيرا إلى أن "المشير، خليفة حفتر، يبعث رسائل للخارج والداخل بأنه مع السلام، وأنه يريد إنهاء المراحل الانتقالية عن طريق صناديق الاقتراع، وبالتالي يُستبعد أن تكون هناك علاقة بين حفتر وقوات أدعاب".
ويؤكد الباروني في الوقت ذاته، أن "هناك إشكالية داخل مدينة غريان منذ سنوات، بتعدد التشكيلات الُمسلحة غير المتفقة وغير المنسجمة مع بعضها داخل المدينة، وهناك من يبحث عن بسط نفوذه وسيطرته داخل المدينة، وبالتالي هناك انقسام كبير وضعف في حكومة الوحدة الوطنية والحكومات السابقة من السيطرة على كامل التراب الليبي".

وتابع، مشيرا إلى أنه "من الناحية الأمنية، لا وجود لقوات أمنية تابعة للدولة قوية، وتكون ندا للجماعات المسلحة، وأن ما حدث سيتكرر حتى في الفترات القادمة، ما لم تسعى الدولة لتكوين جيش حقيقي، وقوات أمنية حقيقية غير مبنية على الجهوية والقبلية، وسيؤدي ذلك إلى ضعف الحكومات القادمة، ويحدث مثلما حدث في غريان مع حكومة الوحدة الوطنية أو مع الحكومات القادمة".

وأكد إلياس الباروني أن "سيطرة الحكومة على مقاليد الأمن من الناحية العسكرية هو أمر مهم، ولا يجب أن تسمح لأي طرف بابتزازها أو تهديدها، وتهديد السلم للمدن الليبية".
وتابع قائلا إن "التوترات الأمنية التي تحدث تؤثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي، لأن ليبيا تعاني من عدم وجود منظومة اقتصادية فاعلة أو قوانين تنظم العمل الاقتصادي حتى هذه اللحظة، نتيجة لقصور البرلمان والاهتمام بتعديل القوانين الاقتصادية".
معادلات صعبة
من ناحيته، أكد المحلل السياسي، فيصل الشريف، إن "ما حدث في غريان هو استغلال للهشاشة الأمنية التي تمر بها بعض مدن الغرب الليبي، ولأن وزارة داخلية في حكومة الوحدة الوطنية لم تهتم بشكل عملي بدعم مديرية الأمن والأجهزة الأمنية في مدينة غريان، بحيث تضمن حماية المدينة من كل الاختراقات الإجرامية".
ويرى الشريف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "عادل الدعاب آمر القوى المشتركة، المطلوب جنائيا، كيف استطاع العودة إلى غريان، على الرغم من تورطه في 2019، في دعم آمر الجيش، خليفة حفتر، في هجومه على غريان ومدن الغرب الليبي والعاصمة طرابلس"، حسب وصفه.
قتلى وجرحى بعد عودة الاشتباكات في غريان... والقوى التابعة للجيش الليبي تنسحب إلى جنوب المدينة
ويقول إن "حكومة الوحدة الوطنية تداركت خطأها بتشكيل غرفة مشتركة، تمكنت من استعادة المدينة، وعليها أن تضمن دعم وحماية الأجهزة الأمنية وعدم تكرار مذل هذه السيناريوهات، وهو واضح من حيث عدم السماح بحدوث أي اختراقات أمنية تزعزع الأمن في مناطق لا يسيطر عليها الجيش".

وأكد أن "المشير حفتر نجح في تحقيق بعض الاختراقات في صفوف خصومه في معسكر الغرب الليبي، محاولا منح فرصة أوسع لإنجاح مشروعه العسكري نحو حكم ليبيا، ولكن سيظل كل ذلك مجرد محاولات يائسة في ظل صراع عسكري سياسي بين المعسكرين شرقا وغربا، وسط تراجع لكل الحلول التوافقية التي يرفضها معسكر الكرامة الساعي لفرض معادلة المغالبة".

وتابع أن "القوى العسكرية بمختلف تكويناتها تدرك أن المعادلة العسكرية يجب ألا تفقد التوازن، وإلا فإن المواجهة ستكون محققة"، مشيرا إلى أن "الغرفة الأمنية التي شُكلت تمّت بمعرفة حكومة الوحدة الوطنية".
وأكد فيصل الشريف أن "ما حدث في غريان ليس له أي تأثير اقتصادي منظور، لكونه لم يستغرق أكثر من ساعات، حتى تم إعادة ضبط الأمور وانتهاء الصراع وحسمه".
مناقشة