في هذا الجانب، يقول المحلل السياسي عصام الزبير، إن الحكومات الليبية متوغلة في الفساد، واعتبر الزبير في تصريحه لـ"سبوتنيك"، بأن هناك عمليات خارج نطاق القانون، وأن هناك إيرادات لا تدخل للخزينة العامة، وبحسب وصفه، فإن أي إيرادات لا تدخل للخزينة العامة تعتبر أموال مسروقة.
صراع من أجل البقاء
وأكد أن البلاد لا بد أن تقوم على القانون، وأن القانون يكمن في الدستور الذي يقف أمامه كل الشعب الليبي، وأن تعطيل الدستور حتى هذه اللحظة يعتبر أكبر أنواع الفساد ويزيد الأمور سوءا.
ووصف الحكومات بأنها متورطة في قضايا فساد، وأنه من الغريب أن الوزراء في هذه الحكومات سوف يتقلدون مناصب جديدة في حكومات مقبلة وسيترشحون للبرلمانات المقبلة.
وأكد أن أغلب المشاكل جاءت عن طريق المحاصصة التي أفرزت هذه المخرجات الموجودة الآن على الساحة، وأنها السبب الأكبر في عدم محاسبة أي مسؤول متورط في قضايا فساد، لأن قبيلته ستكون داعما كبيرا له ضد محاسبته، وهذه المشكلة أصبحت كبيرة جدا.
ولفت إلى أن الصراع القائم الآن والمناداة بحكومة جديدة غير محددة المهام، هي أمور ليست واضحة للمطالبة بحكومة جديدة على حد وصفه، وأشار بأن الاجتماع الأخير بين مجلسي الدولة والنواب لن يؤدي إلى نتيجة، ووصف رئيس المجلس الأعلى للدولة بأنه متعاطف مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأن مجلس النواب لا يريد الدبيبة وستبقى العملية محددة في هذا الحال وستبقى البلاد في حالة صراع بين الشرق والغرب.
وأكد الزبير بأن الصراع بين الحكومتين هو صراع من أجل البقاء، وأن حكومة حماد تأثرت كثيرا خاصة بعد مؤتمر الإعمار، فلم تجد في نفسها الصلاحيات حتى عملية درنة، وعدم الاعتراف الدولي بها ولم تجد لنفسها موطئ قدم، وقضية الفساد ليست مرتبطة بالحكومات فقط، وأن الحكومات جاءت عن طريق اعتراف مجلس النواب، ثم بعد ذلك يتولى عليها وهو المسؤول عن هذه المشاكل، واعتبر اختلاف البرلمان مع الحكومات هو عدم تماشي الحكومة مع رغبات وطلبات المجلس ومصالحه، حسب رأيه.
وأشار أنه ستبقى في هذه الأمور البلاد بدون جيش رسمي وقانون ودستور حتى ولادة الدستور الذي يضبط هذه القوانين، ومجلس النواب لا يريد ضبط هذه الأمور بعدم اعترافه بالدستور حتى الآن، كارثة ليبيا ستبقى موجودة وسيبقى هذا الصراع مستمر.
واكد بأن الرقابة الإدارية لم تقدم أي تفاعل أو تجاوب مع التقارير، وأن الضرائب لم تتحول للخزينة العامة في المنطقة الشرقية وقد تكون هذه هي القيم التي يتحدثون عنها.
ويعتقد بأن السلطة الرقابية لا تنتمي لأي طرف من الحكومات ولا تدين بالولاء لأحد، وأن الكل يعلم بأن هناك فسادا وتقارير للأجهزة الرقابية والمحاسبية، وأن أبرز أسباب الفساد هي من مجلس النواب بسبب اختياره للوزراء وأن مجلس النواب يبحث عن مصالحه، وتكرر هذا الأمر مع حكومة الوفاق ومع حكومة الوحدة الوطنية الآن، البلاد في حالة صراع واستغلال لمصالح البلاد ومواردها عن طريق القادة المسلحين الذين فوضهم السياسيين لإتمام مصالحهم.
وشدد بأن الفساد كامن من هذه النواحي، والسياسيين محمين من قِبل قادة التشكيلات المُسلحة في بقائهم، وأن بعض وزراء حكومة الوحدة الوطنية تعرضوا للإيقاف والمساءلة ورأيناهم عادوا بعد ذلك لمناصبهم، وأن ديوان المحاسبة يتحدث عن الكثير من التجاوزات.
استمرار الانقسام السياسي
ووصف المحلل السياسي محمد محفوظ، الاتهامات بين الحكومات بأنها ظاهرة طبيعية وليس مستغربا، بحكم أن حالة الانقسام سوف تولد صرف أموال، وأن الأموال لن تكون خاضعة للمسارات الصحيحة أو الأجهزة الرقابية.
وقال بأنه لا يمكن الحديث عن فاعلية الأجهزة الرقابية لكونها تعيش حالة ضعف وحالة انقسام، لذلك هناك دورة كاملة من حلقة إدارة الأموال المفقودة التي تبدأ من الأجهزة التشريعية باعتبارها هي التي تختار السلطة التنفيذية وهي التي تختار الأجهزة الرقابية.
وبالتالي هي سلطة ضعيفة، السلطة التنفيذية التي تقوم بصرف هذه الأموال منقسمة، والأجهزة الرقابية والسيادية منقسمة وهي ضعيفة، وعليها الكثير من علامات الاستفهام، ولا تستغرب الأرقام التي صرفت والاتهامات المتبادلة، وإن كل طرف يلقي باللائمة على هشاشة الوضع على خصمة.
وأكد محفوظ في تصريحه لـ"سبوتنيك"، أن حكومة الدبيبة مستمرة في عملها حتى يضغط المجتمع الدولي في اتجاه تشكيل حكومة جديدة ويرعى هذا المسار الواضح، وأن المجتمع الدولي هو من جاء بحكومة الدبيبة وهو قادر على القدوم بحكومة جديدة، حالة الانسداد سوف تستمر، ليس هناك من مؤشرات على قرب حلحلة السلطة التنفيذية أو مسألة الانتخابات بشكل عام، بحالة اليوم وما يحدث في غزة، ليبيا لن تكون على سلم الأولويات في المجتمع الدولي، لذلك سيبقى الحال على ما هو عليه.
الأجهزة الرقابية حبر على ورق
فيما يرى المحلل السياسي ناصر أبوذيب، في تصريحه لـ"سبوتنيك"، أن المناكفات والصراعات السياسية هي من أجل السلطة والأموال، وما يدار من تبادل للاتهامات بين الحكومات شيء طبيعي، لأن أسامة حماد رئيس الحكومة المُكلفة من البرلمان ينفق من أموال الاقتراض من البنوك، وهذه الحكومة غير معترف بها داخليا وخارجيا، وما تحدثت به حكومة الوحدة الوطنية شيء صحيح ،وما نراه في الشرق من مصروفات لم تقُم حكومة الوحدة الوطنية والمصرف المركزي بالصرف عليه.
مشيرا بأن الأجهزة الرقابية تقوم بعملها وواجباتها، ولكنه يتساءل عمن وردت أسماؤهم في التقارير الرقابية والمحاسبية هل سيتم محاسبتهم في هذه الحكومات، أم انها مجرد تقارير من أجل المصروفات.
ووصف هذا التلاسن بين الحكومتين أنه شيء طبيعي، لأن كل الأطراف تريد البقاء في المشهد السياسي ولا تريد الذهاب للانتخابات، لأن هذا الوضع يسمح لهم بصرف المزيد من الأموال، وأن المواطن لم يرَ أي شيء ملموس في الجوانب الاقتصادية، بالعكس يعاني المواطن الليبي من عدة أزمات، آخرها ارتفاع سعر الدولار، في اليومين الماضيين.
وأكد أن الحكومات سوف تستمر في عملها في ظل غياب الوطنية لمتصدري المشهد وعدم التوافق في الذهاب للانتخابات، ويجب أن تكون هناك ضمانات للذهاب للانتخابات، وما يحدث الآن هو صراع على الحكومة بدليل لقاء عقيلة صالح مع محمد تكاله، والنقاش حول حكومة جديدة قبل تعديل القوانين والتوافق على القوانين.
ووصف ما تحدث به أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، من مبالغة في مصروفات حكومة الوحدة الوطنية، بأنه أمر طبيعي في بند المصروفات، خاصة في دول العالم الثالث.
ويقول بأن رؤساء الحكومات يدّعون بأنهم تحت بند الرقابة والمحاسبة، وأن هذه الأجهزة عامل مساعد لعمل الحكومات من أجل التحسين وإرشاد الحكومات، ولكن ما يصدر عن هذه الأجهزة هو حبر على ورق، لم نرَ محاسبة كل من أخطأ وصنع لنفسه إمبراطورية مالية، الليبيون مستاؤون من هذا الأمر، الليبيون يريدون الذهاب للانتخابات الديمقراطية والدولة المدنية وتغيير الحكومات، ولن نذهب للانتخابات وسوف تستمر هذه الحكومات في السلطة وسوف يستمر هذا العبث والصرف ودعم المحروقات وغيرها، حسب تصريحه.