إذ أصدر المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا بيانا شديد اللهجة، حصلت سبوتنيك على نسخة منه، هدد من خلاله وبشكل صريح حكومة الوحدة الوطنية التي قامت بنشر قوات مشتركة في نطاق مناطق الامتداد الأمازيغي على شريط الساحل الغربي بالقرب من الحدود التونسية، الأمر الذي لم يلقَ القبول عند الأمازيغ الليبيين.
صراع نفوذ
من جهته، يقول المحلل السياسي، حسام الدين العبدلي، إن الصراع في غرب البلاد صراع نفوذ والأمازيغ برروا ذلك بتصريحاتهم بأن المكون الأمازيغي هو المستهدف لعدة أسباب أبرزها أن الغرفة الأمنية المشكلة من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة لا يوجد بها أي قوى أمنية من المكون الأمازيغي، وبأن إقصاءهم تم بشكل متعمد في الحوارات السياسية أو في الحكومة وكان آخرها بيان الدبيبة بتشكيل قوى حماية في المنطقة الغربية والجنوب الغربي.
وأكد العبدلي أن رئيس الحكومة السابق فائز السراج قام في فترات سابقة بمحاولة السيطرة على المعبر الحدودي مع تونس "رأس جدير" ولكن تم صده عسكريا، أي أن هناك أطماع من الحكومات المتتالية على هذا المنفذ الحدودي نظرا لاستراتيجيته.
وقال العبدلي في تصريحه لـ"سبوتنيك" إن وصف الأمازيغ حكومة الدبيبة بأنها منتهية الولاية، ليس اعترافا منهم بحكومة حماد في الشرق الليبي، وإنما هي رسالة موجه إلى عبد الحميد الدبيبة بشكل خاص مفادها عندما يحاول إقصاءهم ستكون التحالفات الجديدة للمكون الأمازيغي مطروحة.
وأضاف العبدلي أن حكومة حماد أصدرت بيانا مهما لا تلام فيه، لأنها لا تملك أي نفوذ في تلك المنطقة ويبدو أن لهذا البيان أهمية كبيرة وهي الإيضاح للرأي العام للمكون الأمازيغي بأن الحكومة الليبية المنبثقة من البرلمان لا تقصي المكون الأمازيغي وتقف معه.
وبحسب البيان يرى العبدلي أن حماد يحاول إنقاذ المنطقة من حرب عرقية أو شرخ اجتماعي قد ينتج عن أي قرارات متهورة من حكومة الوحدة الوطنية، وهذا ما بات واضحا وجليا عندما أصدر المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي أمرا بتراجع كل القوات كونه القائد الأعلى للجيش الليبي بصفته، أي أن هذا الأمر لا يوجد فيه أي تنسيق بين الدبيبة والقائد الأعلى للجيش بصفته.
وأكد العبدلي أن "أي تحرك في هذا الوقت المصيري وهذه الفترة الانتقالية قد يكون له أثر سلبي والادعاء بأن سبب تحرك القوات إلى وزارة أو رأس جدير هو لمكافحة تهريب البنزين أو أن المنفذ خارج سلطة الدولة هي كلها أعذار واهية".
واختتم العبدلي متسائلا إذا كانت هناك نية من الدبيبة لحماية المعبر فإن هناك أمازيغ الجبل الغربي لديهم قوات تتبع الداخلية وقوات تتبع الجيش في المنطقة الغربية، ولكن على ما يبدو أن التشكيلات الأمنية أصبحت لا تدين بالولاء للدولة أكثر من ولائها للأشخاص، وعملية استبدال زعماء المعبر الحاليين بآخرين هنا سيتكرر نفس السيناريو الذي لن ينتهي ولن يقيم دولة، على حد قوله.
ردود أمازيغية
في هذا الجانب يقول المحلل السياسي، فتحي بوزخار، إن التحرك العسكري نحو المنطقة الغربية لا يخدم ليبيا ووحدة ترابها وخاصة العالم العربي والإسلامي منشغل بالقضية الفلسطينية ومعاناة أهالي قطاع غزة.
وتابع بوزخار في تصريحه لسبوتنيك إن التحرك العسكري لا يخدم مصلحة ليبيا بأي شكل كان، مؤكدا بأن السر والمعلومة ستكون عند من أعطى التعليمات بالتحرك، وقد تكون لكسب رضا أعداء ليبيا، ووصف من قام بالتنفيذ لا يعي خطورة الأمر ومشبع بروح الكراهية تجاه الأمازيغ.
وأضاف إن "التهميش الذي يلقاه الأمازيغ بعد أن دفعوا الشهداء لتحرر من سطوة الكادر العسكري ومن دكتاتورية النظام السابق ورفض عودة الدكتاتورية العسكرية في أي صورة ولو بظاهرها العسكري الرسمي الحكومي لن يسمح بطأطأة الرأس لأي مخلوق".
وقال بوزخار إن "أعداء ليبيا يتمنون التخفيف عن وحل إسرائيل في طوفان الأقصى، وتحييد أنظار العالم المتضامنة مع غزة عنها، ويسعون لتخفيف الضغط عن إسرائيل بإشعال حروب في المنطقة وربما ليبيا مناسبة".
وأردف بأن هناك دولا أخرى تريد الاستقرار في ليبيا من بينها تركيا، التي تحركت نحو غريان عند دخول قوات لعادل دعاب، والتي تحاول أمريكا فتح جبهة عليها من خلال اليونان بالتحشيد العسكري على حدودها.
وقال بوزخار إن "القصة العرقية توظف بشكل بشع في ليبيا بالرغم من أنها آية الله في خلقه للتعارف وليس للتناحر: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم"، مؤكدا إن التنوع العرقي للتعارف وليس للحروب.
وشدد على أن الأمازيغ سيكونون ضربة قاسمة لأي حكومة تحاول التحرش بجغرافيا مناطقهم.
ويعتقد بوزخار أن الدبيبة لا يريد إنهاء حكومته لأنه يطمح للاستمرار في السلطة لاستكمال مشاريعه المعمارية الواضحة للعيان وفي إدارة الدولة الليبية بشكل سلمي بعيدا عن الحرب، فلن تكون هناك حرب أخرى في المنطقة الغربية في عهد الدبيبة.