مراسل "سبوتنيك" يسرد تفاصيل حرب غزة..."الموت كان في كل مكان"

وصل منذ عدة أيام مراسل وكالة "سبوتينك" في غزة، طارق عليان، مع عائلته إلى روسيا، حيث عمل هناك لسنوات عديدة، ومع بداية الحرب عمل على تغطية الأحداث في القطاع حتى آخر يوم قبل عملية إجلائه مع المواطنين الروس عبر معبر رفح.
Sputnik
وقال المراسل طارق إنه "في صباح يوم 7 تشرين الأول /أكتوبر، استيقظنا على وابل من الصواريخ وتشغيل القبة الحديدية وفي الدقائق الأولى بدا كل شيء طبيعيا. لكن القصف استمر أكثر من 15 دقيقة، ثم ظهر بيان طارئ من ممثل حركة حماس على شاشة التلفزيون، وبعد ذلك أصبح من الواضح على الفور أن شيئًا كبيرًا قد بدأ".
وأضاف طارق بالقول: "في ذلك الصباح، لم يطلق مقاتلو حماس الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية فحسب، بل هاجم مواقع الجيش الإسرائيلي والمستوطنات المتاخمة للقطاع، مما فاجأ الجميع وعلى الفور تقريباً، بدأت إسرائيل بقصف المدن الفلسطينية".
ووفقا له، في الدقائق الأولى كانت هناك مهمتان موضوعيتان في أفكاره - الواجب الصحفي وإنقاذ الأسرة، حيث تم توجيه الضربات بشكل فوضوي وقام موظفو المنظمات الدولية بمغادرة مكاتبهم وشققهم على الفور، مضيفًا أنه "بالتدريج أصبح من الواضح أننا وحدنا في منطقتنا".
وطرحت زوجته سؤالا حول الإخلاء بصراحة: "إما أن يغادر الجميع، أو يبقى الجميع. من المعتاد بين الروس عدم التخلي عن شعبهم في الحرب".
وتفاقم الوضع ولم يضع المراسل اسمه على قائمة الإخلاء خلال الأيام الأولى، وواصل الذهاب إلى مواقع القصف والأماكن التي ودّع فيها الناس عائلاتهم إلى الأبد. كانت تصل إلى مكتب التحرير كل يوم صورة بحجم الدمار والأطفال القتلى والنظرات المدمرة للبالغين، على الرغم من صعوبات الاتصال.
الموت في كل مكان
أشار طارق إلى أنه لم يكن هناك مثل هذا الهجوم الواسع النطاق على القطاع من قبل، حيث انتشر الموت في كل مكان نتيجة الاستهدافات والضربات الإسرائيلية.
ويتابع طارق، بالقول: "لقد رأينا كل هذا بأعيننا وأردنا أن نخبره ونظهره للعالم"، مضيفًا أنه يبدو أن كل تلك الذكريات المأساوية تمر عبر عينيه وحتى الآن، منذ بداية الحرب في قطاع غزة، قُتل ما يقرب من 70 موظفًا في وسائل الإعلام المختلفة. ومن بينهم زملاء عمل معهم مراسل "نوفوستي" الروسية منذ عام 1998.
الجيش الإسرائيلي يستأنف القتال ضد "حماس" في قطاع غزة
ووفقا له، كان هناك أيضا شباب عملوا في قناة التلفزيون الحكومية الفلسطينية من عام 2005 إلى عام 2015.
ولفت المراسل طارق إلى أن الأمر كان مخيفا في البداية، "نعم تعتاد على رؤية الموت والمأساة مرات عديدة، لكن تخشى أثناء تواجدك في العمل أن يتم قتل عائلتك أو تأتي رسالة مفادها أن أحد أفراد أسرتك أو أقاربك وأصدقائك قد ماتوا".
وشرح المراسل طارق عن الحياة خلال القصف الإسرائيلي حيث دفعت بعض العائلات إلى العيش سويا في شقة واحدة، نظرا للدمار الذي لحق بالشقق السكنية للأسر والأقارب في مناطق مختلف من غزة، لافتًا أنه حاول قدر الإمكان أن يتوصل مع أقاربه إلى طريقة لتفريق الأولاد بين عدة منازل وشقق كإجراء طارئ لعدم خسارة الجميع في ضربة واحدة.
ويقول طارق إنه في بداية النزاع، تجمعت العائلات بالعشرات في شقة واحدة، معتقدين أنه من الآمن أن نكون معًا، لكن الصواريخ سقطت ومات الجميع.
وفي سياق متصل، أشار طارق إلى أن أول عملية إجلاء للمواطنين الروس من قطاع غزة في عام 2006، لكن طوال هذه السنوات استمر طارق في التواجد في القطاع، مؤديًا واجبه الصحفي.
ومع ذلك، قرر طارق، بناءً على توصية موظفي القنصلية الروسية، مغادرة المنزل مع عائلته، واصطحب معه مجموعة من المواطنين، بما في ذلك مواطن لديه أطفال طلب المساعدة. وفي اليوم التالي بعد مغادرته، اتصل أحد معارفه بالصحفي وأخبره أن قذيفة أصابت شقته ليلا، ويوضح طارق قائلا: "تعرضت غرفتان لأضرار بالغة".
كما تحدث طارق عن بعض التفاصيل خلال تواجده في الأيام الأخيرة في القطاع، حيث اضطر مثل العشرات من المواطنين الروس، إلى البقاء في المدرسة تحسبا لمزيد من الإخلاء، الذي استمر أكثر من شهر.
العملية العسكرية الروسية الخاصة
حماس تحمل المجتمع الدولي المسؤولية عن استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
وتلقى طارق قوائم بأسماء المواطنين الذين سيتم إجلاؤهم، وتوجّه الناس إليه على أمل سماع أسمائهم. وكان طارق يأمل أيضًا أن يقرأ اسمي زوجته وابنته، لكن الوقت مر وتجمع حوالي ألفي لاجئ في المدرسة، لكن منظمة الأونروا الدولية رفضت منح المدرسة صفة المأوى المؤقت للاجئين، وبدأ الناس يحاولون تزويد أنفسهم بمياه الشرب والطعام بأنفسهم.

وتابع طارق بالقول: "نعم، حتى الأيام الأخيرة كنا نعيش على الأطعمة المعلبة على أمل أن ينتهي كل شيء قريبًا. ثم بدأت الزوجات في طهي البطاطس على النار وما إلى ذلك، وقضت كل واحدة منها من 3 إلى 4 ساعات لإطعام 40-45 شخصا".

ويشير المراسل إلى أنه كان يوما صعبا للغاية عندما ظهرت أسماؤهم في القائمة وتوجهوا إلى المعبر الحدودي، وقف مع عائلته وأقاربه ثلاثة أيام، لكن حدث خلل في عملية الإجلاء ولم يسمح المصريون بالمرور بسبب عدم وجود الأسماء في القائمة".
وعند لحظة العبور تحدث طارق: "كان الأمر صعبًا للغاية لقد عشت طوال حياتي في موطني وأقام أخي وعائلته هناك وتستيقظ ابنتي ليلاً من الكوابيس وقد فقدت اثنين من أقرب أصدقائها في هذه الحرب، لكن يجب أن نستمر في العيش والعمل من أجل المستقبل حتى نعود".
مناقشة