ما هدف واشنطن من دعم إسرائيل وتأثير موقفها على علاقاتها مع الدول العربية؟

الرئيس الأمريكي، جو بايدن
أكد الخبيران، أحمد ميزاب ومحمد سعيد الرز، اليوم السبت، أن العلاقات العربية - الأمريكية ‏تتجه نحو "تشنج" غير مسبوق، إثر موقفها من الحرب على ‏غزة، والتي باتت تهدد الأمن القومي للمنطقة العربية بالكامل.
Sputnik
ويرى الخبيران أن الجانب الأمريكي أكد من خلال دعمه للحرب، أن مواقفه تجاه أي أزمة تتعلق بالدول العربية ستكون سلبية، وأنها غير معنية بأمن الدول العربية، بل تعمل من أجل الهيمنة والسيطرة المطلقة على حساب الجميع.
وفي وقت سابق، قال مسؤول إسرائيلي كبير، إن تل أبيب تقدّر أنها تحتاج إلى وقت حتى نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل لإنهاء عملياتها العسكرية في قطاع غزة، لافتا إلى وجود خلافات مع واشنطن حول مدة الحرب.
وحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن الجيش الإسرائيلي يحتاج من 3 إلى 4 أسابيع إضافية لاستكمال العملية البرية في مدينة خان يونس في قطاع غزة وإطار زمني مماثل لاستكمال المرحلة الأولى من الحرب.
كما ورد على لسان المسؤول أن"أمريكا لم تمنح إسرائيل مهلة محددة، لكن واشنطن أبلغت تل أبيب أن الوقت ينفد".
وأمس الجمعة، استخدمت أمريكا حق النقض (الفيتو) خلال تصويت في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ما أثار استياء عدد كبير من الدول العربية.
صحيفة: 5 آلاف جندي إسرائيلي أصيبوا في حرب غزة بينهم 2000 أصبحوا معاقين
البحث عن مخرج
من ناحيته، قال الخبير الأمني الأكاديمي الجزائري، أحمد ميزاب، إن "ما تفعله واشنطن بإمهالها" الكيان الإسرائيلي فرصة حتى نهاية العام لإنهاء مهامها وفقا للتصور الأمريكي، يؤكد أن واشنطن تبحث عن مخرج لحفظ ما تبقى من "ماء الوجه"، إزاء الضربة الاستراتيجية التي تلقتها في السابع من أكتوبر من خلال عملية "طوفان الأقصى"، وتوالي الضربات التي تلقاها بعد فشله في تحقيق الأهداف المعلنة وغير المعلنة".

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الأرقام المعلنة، وفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن الآلاف من المصابين وكذلك غير القادرين على الخدمة، بالإضافة للآثار النفسية والخسائر الاقتصادية والعسكرية، وهو ما دفع أمريكا للبحث عن مخرج وحفظ ماء الوجه".

أهداف غير محققة؟
وشدد ميزاب على أن "واشنطن وإسرائيل لم يحققا أي من الأهداف سوى الإبادة الجماعية بحق المدنيين، وجرائم الحرب التي ترتكب كل يوم".
ولفت إلى أن "واشنطن تتحمل ما يرتكب من مجازر وجرائم حرب واعتداء على القانون الدولي، إذ تدار الحرب من خلال غرفة عمليات مركزية في أمريكا، كما أنها تورد الأسلحة الفتاكة لإسرائيل لتدمير البنى التحتية وقتل الآلاف، ما يجعلها شريكة في كل ما تقوم به إسرائيل".
أزمة مع الدول العربية
ويرى الخبير الأمني أن "واشنطن تتجه نحو خلق أزمة مع الدول العربية، خاصة بعد استخدامها (الفيتو) الأخير بعد تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، من قبل الأمين العام، ما قد يترتب عليه أزمة دبلوماسية مع الجانب الأمريكي".
ووفق ميزاب، فإن "المرحلة المقبلة قد تشهد "تشنجا" في العلاقات العربية الأمريكية، نتيجة المواقف السلبية تجاه ما يهدد الأمن القومي في المنطقة، وبرهنتها عن مواقفها المستقبلية السلبية تجاه أي أحداث قد تتصل بأي دولة من الدول العربية، وأنها قد تكون شريكة في استهداف أي دولة عربية".
وزير الخارجية الإيراني: محادثات مهمة جرت بين رئيسي وبوتين بشأن فلسطين
إعادة صياغة العلاقات
وتابع: "نحن أمام ضرورة إعادة ضبط هذه العلاقات، أو إعادة تصحيح بوصلة هذه العلاقات، حال استمرار أمريكا في نهجها الذي ينسف كل القواعد التي تقوم على أساسها العلاقات بين الجانبين".
واستطرد: "أمريكا تخوض حربا بالوكالة باستخدام المساحة على الأرض الفلسطينية باعتبار أنها ضد إيران وفق تقديراتها، في حين أن الواقع عكس ذلك تماما وينسف أمن استقرار منطقة بأكملها".
ولفت إلى أن "تقدير الموقف الأمريكي أخطأ في حساب التوابع الاستراتيجية، دون النظر للمستوى البعيد".
مواقف متضاربة
في الإطار، قال المحلل الاستراتيجي اللبناني، محمد سعيد الرز، إن "المواقف التي تعلنها أمريكا إزاء الحرب الإرهابية على غزة لا تعدو كونها بروباغندا إعلامية لمحاولة البيت الأبيض غسل سياساته من وقائع الإجرام والانتهاك البربري لحقوق الإنسان الفلسطيني على يد نظام الفصل العنصري الإسرائيلي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "أمريكا سبق لها وأن حذرت إسرائيل من الاجتياح البري لغزة ومن تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه، ومن قتل الأطفال وسائر المدنيين ثم ظهرت حقيقتها في مجلس الأمن حين استخدمت (الفيتو) ضد قرار لوقف إطلاق النار، الذي أجمع العالم عليه".
جنود إسرائيليون قدامى يدعمون الفلسطينيين بعد أن شهدوا واقعا "غير مسبوق"
مزاعم واشنطن
وتابع: "كل مبادئ الديمقراطية وحماية الأطفال والنساء وحق تقرير المصير التي صدعت واشنطن العالم بها، وغزت دولا تحت شعارها، انكشفت وافتضح أمرها، تحت إنقاض 53 ألف مبنى مدمر في غزة، وجثث 12 ألف طفل وامرأة".
واستطرد: "لذلك، كان طبيعيا أن تتراجع نسبة تأييد جو بايدن للرئاسة إلى أقل من 30%، وأن تعلن 6 ولايات حساسة رفضها التصويت لصالحه في الانتخابات المقبلة، فكان لا بد لإدارته أن تحاول تعويم نفسها، وتخرج من سقوطها المدوي الذي ينتظرها".
ويرى الرز أن "نتنياهو كما سبق له أن رفض مثل هذه الدعوات الأمريكية، سيرفض دعوتها الجديدة حتى آخر العام، ضمن لعبة تبادل الأدوار".
وشدد على أن"أمريكا أرادت من وراء دعمها الأعمى لإسرائيل وإرهاب الدولة الذي تمارسه في غزة والضفة الغربية، أن تسيطر على عموم المنطقة العربية كتعويض عن تراجع دورها في أنحاء كثيرة من العالم،إذ تستخدم أسلوب الكاوبوي في السيطرة والسطو".
تحول استراتيجي
ولفت الخبير اللبناني، محمد سعيد الرز، إلى أن "عشرات الاتفاقيات الحيوية والاستراتيجية التي عقدت بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات من جهة، وبين روسيا الاتحادية من جهة ثانية خلال زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للدولتين، اللتين تعتبرهما واشنطن أشد حلفائها تؤكد تراجع حضور واشنطن في المنطقة".
ولفت إلى أن "القمة العربية - الروسية المرتقبة في المغرب تحمل مؤشرات شديدة الأهمية، على طبيعة التغير العالمي المقبل، في حين ترفع مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي سدا عاليا جديدا في وجه المشروع الأطلسي الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية، وتغيير الخريطة العربية".
وشدد على أن "الحقائق الاستراتيجية في المنطقة العربية تسقط مخططات الغرب وإداته الإسرائيلية، رغم كل المناورات التي يقوم بها، ومحاولات تبييض الدور الأمريكي الأوروبي ونزعاته الاستعمارية".
مناقشة