وأضاف في مقابلة مع "سبوتنيك"، أن "أمريكا أسقطت مفهوم الشرعية الدولية للأمم المتحدة، وأثبتت عجز مجلس الأمن في حفظ السلام والأمن الدوليين، وينعقد عليها بجانب إسرائيل المسؤولية القانونية الدولية والمسؤولية الجنائية الشخصية".
وأكد أن "موقف أمريكا وبريطانيا، في إضعاف القانون الدولي يواجهه موقف روسيا، الذي يساند الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويقف بجانب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
نص الحوار..
بداية.. استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق "الفيتو" ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة.. كيف ترى هذه التحركات على المستوى القانوني الدولي؟
يعتبر "العدوان الإسرائيلي" على قطاع غزة من أهم النماذج الحية لانتهاك مبادئ وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومبادئ الشريعة الدولية، بالتالي من خلال التصويت في مجلس الأمن ضد وقف إطلاق النار ووقف هذه الحرب "العدوانية" ضد السكان المدنيين والأعيان المدنية، والتي تدخل في منظومة "الإبادة الجماعية" في القانون الدولي الجنائي، من خلال تصويت الولايات المتحدة الأمريكية واستخدام حق النقض (الفيتو) ضد إحلال السلم والأمن في غزة، عدم التصويت لوقف إطلاق النار والاستناد إلى نص المادة 99 لميثاق الأمم المتحدة والتي دعا الأمين العام للأمم المتحدة مجلس الأمن لتنفيذ مسألة يرى أنها تهدد الأمن والسلم في العالم خاصة في غزة.
الموقف الأمريكي من وجهة نظر قانونية انحاز ضد القانون الدولي وخالف ميثاق الأمم المتحدة خاصة نص المادة 2 بند 4، التي تقول بعدم احتلال أراضي الغير بالقوة، كأن واشنطن من خلال استخدام الفيتو، بشكل تعسفي، تؤكد على استمرار الحرب العدوانية وارتكاب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وكذلك تؤيد وتدعم إسرائيل، من خلال هذا التصويت ودعمها اللا محدود لإسرائيل، تعتبر شريكا أساسيا في ارتكاب هذه الجرائم، وهي محرض أساسي على ارتكاب هذه الجرائم، واستمرار الحرب "العدوانية".
بالتالي، هذا الوضع الأمريكي يدل على حالة التمرد الإسرائيلي على مبادئ وقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ويؤكد على عجز وفشل مجلس الأمن، وضعف النظام الدولي في الحفاظ على الأمن والسلم في العالم، وعلى حالة القصور في الدور الرئيسي لهيئة الأمم المتحدة ممثلة في مجلس الأمن والجمعية العامة في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
كيف ترى موقف المجتمع الدولي من هذا الأمر؟
عجز مجلس الأمن وأخفق في وقف الحرب "العدوانية" في غزة، وهو يؤكد من جديد على تقلص الدور الرئيسي لمجلس الأمن والجمعية العامة، حيث بات حق النقض الفيتو يستخدم بشكل تعسفي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ما يدل على فشل مجلس الأمن في الحفاظ على تطبيق سيادة القانون الدولي ومبادئ العدالة وميثاق الأمم المتحدة في هذا الجانب، وما حدث يدل ويثمر من جديد على أن واشنطن تستخدم هذا الحق بشكل غير متكافئ وانتقائي وازدواجي.
ما الحل برأيك لمواجهة هذه الظاهرة في مجلس الأمن؟
لا بد من إعادة النظر في الهياكل التنظيمية في الجمعية العامة ومجلس الأمن لإعطاء الفرصة والصلاحيات للجمعية العامة، باعتبارها تمثل السلطة التشريعية في هيئة الأمم المتحدة بمقدار 193 دولة، وعندما نقول إذا أخفق مجلس الأمن وعجز باستخدام الدول لحق النقض بشكل تعسفي ضد أي قضية تهدد الأمن والسلم في العالم، من حق الجمعية العامة أن تجتمع استنادا إلى قرار الاتحاد من أجل السلم، لتقول قراراتها وكان هناك سوابق عديدة مثل الحرب الكورية عام 1950، وأزمة السويس 1956 والكونغو وإندونيسيا وبلجيكا ولبنان، وهناك تجارب عديدة نجحت فيها الجمعية العامة كجسم بديل عن مجلس الأمن.
استخدام الفيتو إسقاط لمفهوم الشرعية الدولية من قبل واشنطن، وهو سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة، وينتهك ميثاقها خاصة نص المادة 2 بند 4، حول استخدام القوة في هذا الجانب، والموقف الأمريكي أضعف دور الأمين العام، الذي يجسد تطلعات الأمم المتحدة وإحلال السلام والعدالة، فالأمين العام من خلال دعوته واستناده لنص المادة 99 في تنبيه مجلس الأمن هو مثّل ضمير الإنسانية بشكل عام، لما يتمتع به من صلاحيات.
أثبت الواقع العملي عجز مجلس الأمن عن اتخاذ التدابير الخاصة بحفظ السلام والأمن الدوليين في غزة، بسبب حق الاعتراض من قبل واشنطن وما تبعه من تعطل العمل بالاختصاص الأصيل من قبل مجلس الأمن، وعلى الجمعية العامة أن تقوم باختصاصاتها المنصوص عليها، وهو ما يسمى بالاختصاص الاحتياطي.
ما قامت به أمريكا نعتبرها شريكا أساسيا وينعقد عليها المسؤولية القانونية الدولية والمسؤولية الجنائية الشخصية، وهي مسؤولة عن أعمال سلطاتها الثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية.
ما الذي يعنيه استناد الأمين العام للأمم المتحدة للمادة رقم 99 للمرة الأولى تجاه ما يحدث في غزة؟
الأمين العام يعتبر دعامة دبلوماسية للأمم المتحدة، في حل النزاعات الدولية، وذلك بالتنسيق مع مجلس الأمن، والأمين العام يستمد سلطته من ميثاق الأمم المتحدة لصون الأمن والسلم الدوليين، واستنادا للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، تنص على أن للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم، وهو ما حدث في قطاع غزة، بالتالي الأمين العام لفت انتباه المجلس للخطر الحقيقي الذي يهدد الأمن في غزة لكي يتخذ المجلس الإجراءات القانونية اللازمة، وكان هناك سوابق عديدة للأمناء العامين، كالحالة بين العراق وإيران عام 1980، وفي عام 1999 بأزمة احتجاز الرهائن في إيران، وأزمة السويس وغيرها من الأزمات.
ووفقا للمادة 99 منح للأمين العام هذا الحق، وهو مارس الاختصاص في أكثر من مرة، وهو له صلاحية أن يقوم بتقديم تقارير شفوية أو مكتوبة حول أي مسألة، فالأمين العام له دور رئيسي وعلى مجلس الأمن أن يأخذ بالتوصية وفقا لهذه المادة، حيث هو المسؤول عن كافة أجهزة الأمم المتحدة، لكن أمريكا كانت السبب الرئيسي في إخفاق وعجز مجلس الأمن عن تنفيذ توصية الأمين العام.
في ظل موقف مجلس الأمن المتعنت.. كيف يمكن لفلسطين التحرك على مستوى القانون الدولي؟
نحن كشعب فلسطيني تحت الاحتلال لا نيأس وسوف نتمسك بكافة مبادئ الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة وكافة قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بغض النظر إسرائيل كسلطة قائمة بالاحتلال تتذرع بنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وهذا غير قانوني لأن هذه المادة مقصورة على الدول كاملة السيادة، وحركات المقاومة التي تناضل من أجل حق تقرير المصير لها أحقية المقاومة بكافة الوسائل السلمية وغير السلمية في أي وقت ولا يعتبر ما تقوم به من أعمال مقاومة يتم التذرع استنادا لها من قبل الاحتلال.
إسرائيل أعلنت الحرب على قطاع غزة وهو مخالف للقانون الدولي، فلا يجوز للدولة المحتلة أن تعلن الحرب على الإقليم المحتل، وإسرائيل انسحبت من قطاع غزة، عام 2005، وأعلنته كيانا معاديا وهو كذلك مخالف للقانون الدولي.
قطاع غزة لا يزال يحكمه قانون الاحتلال الحربي لاتفاقية لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف لعام 1949 والبروتوكول الأول.
أمامنا العديد من الآليات القانونية، وسيكون لنا أحقية الملاحقة لمجرمي ومقترفي جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية أمام القضاء الجنائي الدولي ممثلا في المحكمة الجنائية الدولية، وأمام محكمة العدل الدولية لرفع قضية ضد إسرائيل، استنادا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية وتعاقب عليها وفقا للمادة 9، وسنقوم بتفعيل مبدأ الاختصاص القضائي العالمي في الدول التي تجيز تشريعاتها الجزائية الملاحقة وأمام القضاء الوطني، باعتبار أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم وسوف نلاحق إسرائيل، ونناضل لحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لأن هناك مشروعية لنضال الشعب الفلسطيني وهناك فرق وتمييز ما بين الإرهاب الدولي، الذي تقوده إسرائيل بما يسمى إرهاب الدولة، وعززت بالمليشيات العسكرية كمجموعات تدفيع الثمن وشباب التلال.
أنواع الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل كسلطة قائمة بالاحتلال هو الإرهاب العسكري سواء في غزة أو الضفة الغربية، والإرهاب الاقتصادي عن طريق تجويع السكان المدنيين في غزة وعدم وصول الإمدادات الغذائية والطبية، وخصم أموال المقاصة الذي يؤدي إلى جريمة التجويع.
يسمى في القانون الدولي سياسة القهر والانتقام، وهي بحد ذاتها جريمة. وكذلك الإرهاب السياسي باتهام الرئيس الفلسطيني بأي تعابير أو اتهام السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
بالتالي إسرائيل تمارس الإرهاب على الشعب والحكومة والسلطة الفلسطينية، وهو إرهاب تمارسه الحكومة والشعب ممثلا في المستوطنين.
لكن هناك من يعتبر أن الحرب الإسرائيلية تأتي كرد طبيعي على استهداف الفصائل الفلسطينية لإسرائيل.
ينبغي عدم الخلط ما بين إرهاب الدولة ونضال الشعب الفلسطيني المحتل، الذي يناضل من أجل التحرر والاستقلال وتقرير المصير، وهناك الكثير من قرارات الأمم المتحدة عام 1972 استنادا لنص المادة 1 بند 4 من البروتوكول الأول الملحق باتفاقية جنيف عام 1977، والتي تنص على أن حركات المقاومة التي تناضل ضد الاحتلال الأجنبي والسيطرة الاستعمارية، والحرب التي تقودها تعتبر نزاعا مسلحا دوليا.
حق المقاومة للشعب الفلسطيني مشروع ضد إرهاب الدولة المحتلة، لأنه دفاعا عن حق تقرير المصير، وتستند هذه المشروعية في مقاومة الاحتلال إلى عدم مشروعية الاحتلال، وفقا للقانون الدولي، باعتبار الاحتلال جريمة وحق غير مشروع ومختلف للقانون، احتلال أراضي الغير بالقوة.
إذا كان الاحتلال الإسرائيلي العسكري عمل غير مشروع وجريمة ضد السلام العالمي فإنه يترتب على ذلك سقوط الحق المشروع للشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.
وهو ما يسمى في المادة 51 حق الدفاع عن النفس مقصور على الشعب الفلسطيني وليس على المحتل، كيف يجوز للاحتلال التذرع بحق الدفاع عن النفس أمام الشعب الذي يقاوم، ما أكد عدم مشروعية إسرائيل في الدفاع عن النفس وفقا للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية عام 2004.
وكيف ترى التحركات العربية في سياق دعم قطاع غزة؟
يوجد الحد الأدنى من التضامن العربي تجاه حل القضية الفلسطينية وتجاه وقف الحرب العدوانية في غزة، وهو ما ظهر من خلال مؤتمر القمة العربية الإسلامية ومن خلال التصويت داخل مجلس الأمن، أو الجمعية العامة.
الموقف العربي واضح الحيلولة دون التهجير القسري للشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى سيناء وهذا واضح من خلال مواقف مصر والأردن وكافة الدول العربية ودول العالم. وقوف الدول العربية بتسهيل الإمدادات الغذائية والطبية والإنسانية إلى السكان في قطاع غزة لكن هذا هو القانون الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. نأمل أن تتغير الأوضاع وأن يكون هناك التعددية القطبية وليس الأحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
نأمل يتغير النظام العالمي حتى يتم تطبيق مبادئ العدالة وأن تنتصر سيادة القانون الدولي والإنصاف. إذا لم يكن هناك حماية قانونية للسكان المدنيين في فلسطين فهناك نص قانوني، وفقا لشرط ماركينز وهو فقيه روسي وضع في اتفاقيات لاهاي نصا يقول: يظل السكان المدنيون محميون إذا لم يكن هناك نص قانوني يحكمهم مبادئ القانون الطبيعي والعدالة والأخلاق.
هناك ضرورة لأن ينطلق المجتمع الدولي في حماية الشعب الفلسطيني استنادا للضمير الإنساني ومبادئ العدالة.
وكيف ترى الموقف الروسي من ما يحدث الآن؟
نحن نثمن كافة مواقف الدول وعلى رأسها روسيا الاتحادية، وموقف الرئيس بوتين ليس في التضامن فقط بل من الموقف الثابت في مجلس الأمن.
كل الاحترام للمندوب الروسي في مجلس الأمن، الذي يقف مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويقف مع القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بعكس أمريكا وبريطانيا، التي تضعف مبادئ القانون الدولي وتساهم في تهميش الدور الرئيسي للأمم المتحدة من خلال الدعم اللا محدود الحرب العدوانية على قطاع غزة ودعم النزاعات الدولية ليس، وفقا للفصل السادس من ميثاق مجلس الأمن وإنما باستخدام القوة.
أجرى المقابلة: وائل مجدي