وتمثل القدرة على التخفي أهم مزايا الغواصات في الحروب البحرية، لكن تلك القدرة تكون محدودة في الغواصات التقليدية التي تعمل بالديزل لأنها تطفو كل فترة محددة لإعادة شحن البطاريات باستخدام الأكسجين، الذي تحصل عليه من الهواء.
وفي المقابل تكون القدرة على التخفي أكبر في حالة الغواصات النووية، التي يمكنها البقاء تحت سطح الماء لفترات غير محدودة لأنها لا تحتاج إلى الطفو على سطح الماء إلا إذا كان الأمر يتعلق بالحصول على احتياجات الطاقم البشري على متنها.
وبينما تعتمد الغواصات التقليدية على محركات الديزل الكهربائية، فإن الغواصات النووية تكون مزودة بمفاعل نووي صغير يوفر لها الطاقة اللازمة لتشغيل محركاتها، حسبما ذكر موقع الموسوعة البريطانية "بريتانيكا"، الذي أوضح أن كون الغواصة نووية، فإن ذلك لا يشترط أن يتم تسليحها بالأسلحة النووية.
ويقول التقرير إن الغواصات النووية تستطيع التحرك تحت سطح الماء بسرعة تمكنها من اللحاق بسفن السطح، وهو ما يعني أنها تستطيع الوصول إلى أي وحدة بحرية معادية دون الحاجة إلى الطفو على سطح الماء.
وفي المقابل، تكون الغواصات التقليدية محكومة بقواعد خاصة لخوض الحروب البحرية، أهمها أنها تحتاج للطفو على سطح الماء في غالبية مسارها نحو الهدف حتى تحافظ على بطاريات الطاقة الخاصة بها، ثم الغوص عندما تصبح في نطاق قريب من الهدف، الذي تقوم بمهاجمته ثم تغير موقعها بالحركة السريعة تحت الماء اعتمادا على البطاريات.
وبينما تستطيع أن تبقى الغواصات النووية لأسابيع تحت سطح الماء، فإن قدرة الغواصات التقليدية على الغوص المتواصل تقتصر على ساعات قليلة، لأن الأولى لا تحتاج الحصول على الأكسجين من الهواء، في حين يعتمد عمل غواصات الديزل عليه بصورة أساسية.
ومنذ ظهورها في حقبة الحرب الباردة، أصبحت الغواصات النووية أحد أضلع "ثالوث الردع النووي" للدول النووية، لأنها تمنح من يمتلكها القدرة على تنفيذ ضربات انتقامية من مواقع غير معروفة في أعماق البحار.
وبينما بدأت بعض الدول التخلي عن غواصات الديزل والاعتماد على الغواصات النووية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، فإن دولا أخرى لا تزال تطور النوعين معها للاستفادة من مزايا كل نوع في المهام القتالية، وتمثل روسيا دولة رائدة في هذا المجال.
يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شارك في مراسم رفع العلم الروسي على الغواصتين النوويتين "كراسنويارسك" و"الإمبراطور ألكسندر الثالث"، وقال إنهما تدخلان الخدمة ضمن أسطول المحيط الهادئ.
وبدأت روسيا تطوير الغواصة "كراسنويارسك" عام 2014، وتم إنزالها إلى المياه في 2021، وتنتمي لفئة الغواصات النووية المتعددة الأغراض "ياسن - إم"، بينما بدأ تطوير الغواصة "الإمبراطور ألكسندر الثالث" عام 2015، وتم إنزالها إلى المياه في 2022، وهي من فئة "بوري-إيه" النووية.
وتنتمي الغواصتان إلى الجيل الرابع من الغواصات النووية، وكلتاهما تم تجهيزها بتسليح وتقنيات رصد وتخفّي متطورة، إضافة إلى قدرة عالية على المناورة.