منطقة آمنة على الحدود.. ما إمكانية موافقة لبنان على مقترح إسرائيل للتهدئة في الجنوب؟

مع اشتعال المنطقة الحدودية بين إسرائيل ولبنان، ومع القصف المستمر المتبادل مع "حزب الله"، عادت إسرائيل لتتراجع عن تهديداتها، وتحدثت عن إمكانية التهدئة في هذه الجبهة، شريطة أن يكون هناك منطقة آمنة.
Sputnik
وقال مراقبون إن هناك أحاديث عن مقترحات متعددة، من بينها تعديل القرار رقم 1701، وتضمين إقامة منطقة آمنة بين إسرائيل ولبنان في الجنوب، مع وجود قوات دولية، مؤكدين أن الوضع لا يمكن تطبيقه في الوقت الراهن وبهذه الكيفية، لاسيما في ظل استمرار القصف والعدوان على قطاع غزة.
ونقلت وسائل إعلام لبنانية، عن وزير دفاع إسرائيل، قوله إنه منفتح للتوصل لاتفاق مع جماعة حزب الله اللبنانية، إذا تضمن منطقة آمنة على الحدود وضمانات.
الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ"حزب الله" في الجنوب اللبناني
طروحات متعددة
اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، علي عبدو، أن هناك عدة طروحات بشأن المنطقة الآمنة على الحدود مع إسرائيل، منها تعديل القرار رقم 1701، وهو ما نفاه رئيس مجلس النواب، وكذلك طرح فكرة وضع قوات أمريكية على الحدود الإسرائيلية مقابل أخرى فرنسية على الحدود مع لبنان.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك محاولة لفصل المنطقة وجعلها تتناغم مع ما يطلبه العدو الإسرائيلي بمنطقة آمنة على الحدود مع لبنان، فتعديل القرار 1701 وطرح قوات أمريكية وفرنسية أمور غير واقعية، ولن تأخذ إسرائيل بالمجان ما لم تأخذه في أرض الميدان، بعد خسارتها منذ عام 2006.
وأكد علي عبدو أن "الحروب كذلك تخطت قواعد الاشتباك، وهي ما تورطت به إسرائيل في خرقها الدائم للقرار 1701 منذ العام 2006 ولغاية اليوم، حيث تخرقه يوميًا برًا وبحرًا وجوًا وعبر أذرع العملاء في تحدي وخرق السيادة اللبنانية، معتبرًا أن ما يتم طرحه أمر غير واقعي بالمرة، إذ أن المقاومة في لبنان هم أصحاب الأرض مواطنون لبنانيون محميون وفق القانون الدولي، والقانون الوطني للدولة اللبنانية، ومن غير المنطقي أن يطلب هؤلاء السكان والذين هم بطبيعتهم مقاومون في وجه العدو، الخروج من منطقة الجنوب وأماكن سكنهم وقراهم إلى عمق 40 كيلومترًا ترضية للعدو".
مستوطنات غير شرعية
ومضى قائلًا: "في المقابل، يوجد مستوطنات غير شرعية وأراضي محتلة، يحاولون إخراج المواطنين الجنوبيين خدمة لأشخاص ومستوطنين غير شرعيين، ليس واقعًا، ولا يجوز في القانون الدولي، خاصة أنه في الجنوب لا يزال هناك أراض لبنانية محتلة، بالمخالفة للقرار 1701، الذي لم يطبق من قبل الإسرائيلي الذي لم ينسحب من المناطق المحتلة سواء من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وقرية الغجر، بالتالي للمقاومة كل الحق في مقاومة المحتل الإسرائيلي".
البيت الأبيض يعلق على التقارير حول استخدام إسرائيل "قنابل الفسفور الأبيض" جنوبي لبنان
ويرى علي عبدو أن ما يحدث أمر غير سوي ولا يصح للمقاربة، ولا يحمل أي منطق، ولا يمكن قبوله من قبل السيادة والدولة اللبنانية، أو حركات المقاومة، وهو بالتالي لن يجد طريقه للحل أو التطبيق، معتبرًا أن التهدئة التي تطلبها إسرائيل تؤكد أنها تعيش حالة تناقض شبه يومية، حيث نسمع يوميًا بتصريحات عن فتح جبهة الجنوب وتحويل لبنان إلى غزة ثانية، ثم الحديث عن التهدئة.
وبيّن أن هذا يدل على حجم الإرباك الكبير الذي تعانيه الحكومة الإسرائيلية، والتي لا تعرف كيفية الخروج من المأزق الذي تعاني منه في غزة، وأن أي طرح أو احتمال توسيع الحرب في لبنان غير واقعي، المقاومة في لبنان منضبطة بشكل عالٍ، وتحافظ على قوتها وعلى سيادة الدولة اللبنانية والمواطنين اللبنانيين، ولا تعطي العدو فرصة لتحديد ساعة الصفر لأي حرب ضد الجنوب اللبناني.
مرحلة ما بعد الحرب
في السياق ذاته، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن إسرائيل طرحت المنطقة العازلة لأنها تعتقد أن هذه المنطقة يمكن أن تشكل الأمان للمستوطنين الذين غادروا بيوتهم وتركوا المنطقة خوفًا من وجود المقاومة في الجنوب، حيث غادر ما يزيد عن 125 ألف مستوطن المنطقة ولن يعودوا رغم الاجتماعات مع الحكومة ونتنياهو.
إعلام: مقتل إسرائيلي جراء إصابته بصاروخ مضاد للدروع أطلق من لبنان
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، نتنياهو بدأ في بحث هذه المنطقة لإعادة المستوطنين، ضمن سلة متكاملة شارك فيها الفرنسي والأمريكي وبعض الأطراف العربية، حيث ربط البعض القضية بالقرار 1701 على أساس تطبيق القرار مع بعض التعديلات، من ضمنها انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، على أن يعيد النظر بترسيم الحدود البرية خاصة في بعض النقاط التي لا تزال اختلافا.
وتابع: "على ضوء هذا الموضوع، طلب من حزب الله أن ينسحب لحدود 20 كيلو مترًا للداخل، حتى يكون هناك منطقة آمنة، إضافة إلى طرح آخر بأن حزب الله يشدد بأنه لن يشارك في أي تسوية سياسية أو حل طالما المعركة في غزة لا تزال مستمرة، بالإضافة أن بعض اللبنانيين يطرحون أن هذا الانسحاب من الجنوب يجب أن يوازيه مساحة موازية من الجانب الإسرائيلي، على أن تتولى قوات اليونيفيل والجيش اللبناني حماية المنطقة".
تهديدات إسرائيلية
وقال إن هذه الطروحات ترافقت مع تهديدات إسرائيلية، تقول إذا لم تتم التسوية بشكل سياسي ربما ستلجأ إسرائيل إلى اجتياح محدود لفرضه، فيما ردت المقاومة أنها لن تتراجع وستضرب العمق الإسرائيلي، ما يمكن أن يولد هناك أضرارًا وخسائر كبيرة، مشيرًا إلى أن البعض يعتبر الموضوع جزءًا من مؤتمر دولي يعقد من أجل التسوية في المنطقة تشمل غزة وفلسطين بعد وقف الحرب، مع بحث موضوعات أخرى وبمشاركة بعض الدول الإقليمية والدولية والعربية.
ويرى أبو زيد أن كل هذه الأمور مجرد أفكار للاختبار ورصد رد الفعل، من أجل صياغة مرحلة ما بعد الحرب، وفي النهاية لا تزال النتائج الميدانية غير واضحة المعالم.
تجاوبا مع الدعوة العالمية للإضراب من أجل غزة... لبنان يغلق مؤسساته الرسمية كافة
وتشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل توترًا متزايدًا، منذ بدء التصعيد في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ يتبادل "حزب الله" والجيش الإسرائيلي هجمات عابرة للحدود تزامنًا مع العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
استئناف العمليات القتالية
وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباح يوم 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، استئناف العمليات القتالية ضد "حماس" في غزة، وذلك على خلفية اعتراض صاروخ أُطلق من القطاع، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل بمثابة خرق للهدنة الإنسانية المؤقتة ووقف للأعمال القتالية ضد القطاع.
وحمّلت حركة "حماس" المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، المسؤولية عن استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وانتهت الهدنة المعلنة بين إسرائيل والفصائل المسلحة الفلسطينية، والتي استمرت لسبعة أيام، عند الساعة 7:00 من صباح يوم الجمعة 1 ديسمبر الجاري، تخللها إطلاق سراح المئات من المحتجزين والأسرى بين الطرفين.
مناقشة