بعد مرور عقدين على اعتقال صدام حسين... أبرز فظائع الغزو الأمريكي للعراق
08:24 GMT, 13 ديسمبر 2023
قبل 20 عاما، في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2003، ألقت القوات الخاصة الأمريكية القبض على، الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي كان متواجدا في قبو بالقرب من مسقط رأسه تكريت. وبعد ثلاث سنوات، حُكم عليه بالإعدام وشنق في أحد سجون بغداد.
Sputnikفي 20 مارس/ آذار 2003، شن الأمريكيون وحلفاؤهم، تحت ذريعة وهمية، العملية العسكرية "حرية العراق"، وانتهت الأعمال العدائية النشطة في أقل من شهر بالاستيلاء على بغداد والإطاحة بالرئيس صدام حسين.
خلفية الصراع
في عام 1990، عندما اقتحمت القوات العراقية الكويت، رد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على العدوان بعملية "درع الصحراء". وفي ذلك الوقت، اعتقد بعض المحللين الأمريكيين أن الدول الغربية لم تكن تسعى إلى تحرير الأراضي الكويتية المحتلة، بقدر ما تسعى إلى إضعاف النفوذ العراقي في المنطقة.
وانتهت حرب الخليج عام 1991، بالانتصار على صدام حسين. وفُرضت عقوبات صارمة على العراق، وأرسل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لجنة خاصة إلى البلاد للإشراف على إزالة أسلحة الدمار الشامل.
لكن بعد مرور 7 سنوات، رفضت بغداد التعاون مع المفتشين. وفي عام 1998، قام الأمريكيون والبريطانيون بقصف العراق لمدة أربعة أيام (عملية ثعلب الصحراء) لحرمان صدام حسين، من القدرة على إنتاج أسلحة الدمار الشامل.
سبب الغزو
في عام 2001، أصبح جورج دبليو بوش، رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية. وفي 11 سبتمبر/ أيلول من العام ذاته، ضرب الإرهابيون البلاد. أرسل البيت الأبيض قوات أمريكية إلى أفغانستان، وطالب مرة أخرى بغداد بقبول دخول مفتشي أسلحة الدمار الشامل الدوليين، ووافق حسين، ولم يجد متخصصو الأمم المتحدة شيئًا.
وفي هذا الصدد، يقول نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة، سيرغي أوردجونيكيدزه: "لقد سمحوا(للمفتشين) لهم بالدخول إلى كل مكان، ولم يخفوا أي شيء، لكن ذلك لم يؤثر على أي شيء". وأضاف الدبلوماسي أن "رئيس لجنة الأمم المتحدة لنزع سلاح العراق، ريتشارد بتلر، كان تحت تأثير الأمريكيين بالكامل، وهو ما لم يخفه".
أصرت واشنطن ولندن على أن حسين، لا يزال يعمل على أسلحة الدمار الشامل، وفي سبتمبر 2002، قدمت لندن تقريرًا عن ذلك، وقد استقبلت هذه الوثيقة بقدر كبير من الشك في جميع أنحاء العالم، ولم تصدقها معظم البلدان. لقد عطلوا بالفعل المفاوضات بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والعراق. وفي فبراير/ شباط 2003، تحدث وزير الخارجية الأمريكية، كولن باول، في الأمم المتحدة، إذ كان خطابه بمثابة السبب المباشر للغزو، ومن المؤكد أن سمعته كرجل نزيه أسهمت في إقناع الأمم المتحدة بقضية غزو العراق.
مسار العمل
يقول أوردجونيكيدزه: "قرار غزو الولايات المتحدة، بالطبع، لم يتم اتخاذه في يوم واحد. لقد سبق التدخل جهودا دبلوماسية جادة للغاية، بما في ذلك من جانب روسيا، لتحسين الوضع، وكانت هذه مفاوضات عديدة مع كل من البلدين أمريكا والعراق، وعلى مستوى عال".
ومع ذلك، لم تنتظر المملكة المتحدة والولايات المتحدة أي تفويضات خاصة من الأمم المتحدة. الاندفاع أمر مفهوم، لقد قام الأمريكيون منذ فترة طويلة بحشد قواتهم إلى العراق في الكويت المجاورة.
في وقت مبكر من صباح يوم 20 مارس 2003، عبرت أربع فرق وخمسة ألوية الحدود. كانت القوات الأنجلو أمريكية تحت قيادة الجنرال تومي فرانكس، من الولايات المتحدة. ساعدت أستراليا وبولندا من البحر، وشارك في الاقتحام ما مجموعه 309 ألف جندي، وكان هناك أيضًا نحو 70 ألف من الميليشيات المحلية.
وفي المقابل كان عدد أفراد الجيش العراقي يبلغ 375 ألف فرد. ومع ذلك، لا يمكن مقارنة الأسلحة والمعدات. لقد نجح عامل المفاجأة أيضًا، على سبيل المثال، لم يكن لدى الطيران العراقي الوقت الكافي للرد، ونظرًا لعدم مواجهة مقاومة جدية، اقترب المتدخلون من بغداد، في غضون أسبوعين.
في 7 أبريل/ نيسان، قام صدام حسين، الذي كان يتنقل باستمرار في جميع أنحاء البلاد لأسباب أمنية، بتعيين خمسة أشخاص مسؤولين عن الدفاع عن العاصمة. وفي اليوم ذاته، تم تنفيذ غارة جوية قوية على المكان، الذي كان من المفترض أن يكون فيه الرئيس، أربع قنابل تزن كل منها طنًا تقريبًا، أدى هذا إلى إحباط معنويات المدافعين عن المدينة تمامًا.
في 9 أبريل، سقطت بغداد دون قتال تقريبًا. تم هدم تمثال حسين، وانتشرت شائعات عن وفاته، لكن لم يكن هناك أي دليل. وفي 12 أبريل، ظهرت أولى الدوريات الأمريكية العراقية المشتركة في الشوارع لضمان النظام. وبعد ثلاثة أيام، تم الاستيلاء على تكريت، موطن حسين.
"مهمة مكتملة"
وعلى الرغم من التفوق الفني للتحالف والاستسلام السريع للمواقع من قبل العراقيين، إلا أنه لم يكن من الممكن كسر مقاومة الجيش والشعب بشكل كامل. وفي نهاية أبريل، قام المقاتلون الذين بقوا خلف الخطوط الأمريكية بهجمات حرب عصابات عدة.
وفي الأول من مايو/ أيلر، أعلن بوش، أن الحرب قد انتهت. لقد سُجل خطابه على ظهر السفينة "يو إس إس أبراهام لينكولن"، في التاريخ باعتبارأن "المهمة أنجزت". لكن هذه لم تكن سوى بداية تورط الأمريكيين في العراق والاحتلال الفعلي، الذي استمر حتى عام 2011 في البلاد المقسمة إلى مناطق المسؤولية، وأدى التخريب من شهر لآخر إلى مقتل العشرات من جنود التحالف والعراقيين، الذين انضموا إليه. وتم الرد على ذلك بغارات لمكافحة الإرهاب.
أما صدام حسين، فقد وجد في قبو منزل قرب تكريت، في 13 ديسمبر 2003. بدأت المحاكمة في عام 2005، واتهم الزعيم السابق بارتكاب جرائم عديدة لأسباب سياسية وعرقية ودينية. ولم يعثر المفتشون الدوليون قط على أي آثار لأسلحة الدمار الشامل.
هل كان العراق يستحق التضحيات؟
وتم إعدام حسين، في ديسمبر 2006. وبحلول ذلك الوقت، كان عدد الضحايا المدنيين بالآلاف. وفقًا لمنظمة إحصاء الجثث في العراق (IBC) غير الحكومية، فقد قتل أكثر من 7000 شخص، في الفترة من مارس إلى أبريل 2003 فقط.
وعلاوة على ذلك، وفي عام 2008، قدرت شركة الأبحاث "IIACSS"عدد الضحايا بمليون ضحية. وأشار مؤلفو التقرير إلى أنه "إذا أخذنا في الاعتبار هامش الخطأ، فإن النطاق المقدر هو من 946.000 إلى 1.120.000"، دون تحديد ما إذا كان الأفراد العسكريون العراقيون مشمولين في هذا العدد. وتعتقد "IBC" أن "ما لا يقل عن 97 ألف مدني عراقي ماتوا خلال سنوات الاحتلال"، وقد أشارت مجلة "The Lancet" البريطانية، في عام 2013، إلى مقتل 116 ألف شخص.
وتعرض الموقف الأمريكي الرسمي بشأن الضحايا لانتقادات شديدة. ودافعت كوندوليزا رايس، التي شغلت منصب مستشارة الأمن القومي للرئيس الأمريكي، عام 2003، ثم وزيرة للخارجية. وفي رأيها أن "غزو العراق كان الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله وكان يستحق التكلفة لأنه أفاد المنطقة".
وبعد ذلك تذكر الجميع تصريح سلفها، مادلين أولبرايت، في عام 1996، عندما سألها أحد الصحفيين عما إذا كانت وفاة نصف مليون طفل بسبب العقوبات في العراق مبررة، إذ قالت: "إنه خيار صعب، لكننا نعتقد أن الأمر يستحق العناء".
"سياسة قصيرة النظر"
أعلن الجنرال فرانكس، عند دخوله العراق، عن ثمانية أهداف رئيسية للعملية: "الإطاحة بنظام صدام حسين، وتدمير أسلحة الدمار الشامل وطرد الإرهابيين وجمع المعلومات الاستخبارية عنهم والبحث عن معلومات حول الشبكة العالمية للإنتاج غير القانوني لأسلحة الدمار الشامل وتسليم المساعدات الإنسانية، ومساعدة العراقيين في تشكيل الحكومة وضمان أمن حقول النفط". وأشار منتقدو بوش، إلى أن السيطرة على النفط هي الهدف الوحيد للغزو.
ونتيجة لذلك، وباستثناء الإعدام الفعلي للصدام، لم تحقق الولايات المتحدة ما أرادته. ووفقًا لأوردجونيكيدزه (نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة)، فقد أظهرت الولايات المتحدة سياسة قصيرة النظر، قائلا: "ماذا حصلوا؟ الصفر الكامل. بالنسبة للعراق، كانت العواقب كارثية، لقد تم تدمير البلاد ببساطة".
ويشير الدبلوماسي إلى أن "الأميركيين أظهروا مرة أخرى التزامهم بالمعايير المزدوجة، كما فعلوا من قبل، في كوريا وفيتنام. ووجدت الولايات المتحدة مبرراً لكل حالة. بالنسبة لحرب فيتنام، كانت الحرب ضد الشيوعية وبالنسبة للعراق، كان الأمر يتعلق بتدمير أسلحة الدمار الشامل، والآن يروجون أيضًا لفرضية "احتواء" روسيا والصين وأي دولة غير مرغوب فيها.
وفي العراق أنفقت الولايات المتحدة نحو 800 مليار دولار وخسرت أكثر من أربعة آلاف جندي. لقد تلقوا احتجاجات جماهيرية في البلاد وعارًا على المسرح العالمي، ففي نهاية المطاف لم تكن هناك أسلحة دمار شامل في العراق.
يعد بوش أحد الرؤساء الأقل شعبية في التاريخ الأمريكي، وعلى الرغم من أنه ظل يتمتع في ولايته الأولى بتأييد المواطنين، بل وفاز في الانتخابات مرة أخرى، إلا أن الانخفاض اللاحق في معدلات شعبيته ضرب كلا من الحزب الجمهوري والولايات المتحدة ككل.
وفي العراق، بدلا من الاستقرار، هناك تطرف الجماعات المتمردة، التي نشأ فيه التهديد الرئيسي، في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وهو تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (المحظور في روسيا وعدد من دول العالم). وهذا بدوره أدى إلى تفاقم الفوضى في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، على الرغم من أن رايز (كونداليزا رايز) وعدت بعكس ذلك.
وغيّر غزو عام 2003، السياسة العالمية برمتها. ويؤكد أوردجونيكيدزه أن "الولايات المتحدة نفسها دافعت عن مبادئ الأمن الجماعي، لكنها انتهكت هذه المبادئ بنفسها وكانت هذه ضربة هائلة للقانون الدولي".