خبيرة في الشؤون الصينية: خطاب الرئيس بوتين يؤكد التوجه مع بكين نحو التعددية القطبية

قالت الدكتورة نادية حلمي، الأكاديمية المصرية والخبيرة في الشؤون السياسية الصينية والأسيوية، إن خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ركز على نقاط مهمة، أبرزها الشراكة الاستراتيجية مع الصين.
Sputnik
وأضافت لـ"سبوتنيك"، أن الخطاب سلط الضوء على ضرورة التحول إلى نظام عالمي جديد، حيث يتشكل مستقبل البشرية من خلال الصراع الحاصل بين الأغلبية العالمية، التي تدعو إلى توزيع أكثر عدالة للمنافع العالمية والتنوع الحضاري، وأولئك القلائل الذين يستخدمون أساليب القهر الاستعمارية الجديدة للحفاظ على هيمنتهم الزائلة كالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
ولفتت إلى أن الخطاب وجه انتقادات شديدة اللهجة للقادة الغربيين لانتهاكهم تعهداتهم، التي تنص على عدم تعزيز أمنهم على حساب أمن الآخرين وعدم السماح بالهيمنة العسكرية والسياسية في أوروبا لأي دولة أو مجموعة دول أو منظمة، وذلك من خلال توسيع عضوية تحالف الناتو نحو حدود بلاده في مواجهة روسيا، معبرًا عن الاتجاه السائد بين غالبية دول العالم في تعزيز السيادة والدفاع عن المصالح والتقاليد الوطنية وعدم الرغبة في العيش تحت إملاءات أحد.
وقالت إن الرئيس الروسي وجه رسالة للمجتمع الدولي عبر خطابه مفاداها أن نظامًا دوليًا جديدا قيد التبلور وهو متعدد الأقطاب، على أنقاض نظام الأحادية القطبية وبزوغ عهد جديد في العلاقات الدولية، وأن العلاقات الروسية الصينية استراتيجية، وستتعزز أكثر من الآن وصاعدا، وستشكل قاطرة تأسيس التعددية القطبية العالمية.
بوتين: من المرجح أن الأميركيين هم من فجروا خط الغاز "التيار الشمالي"
ولفتت إلى اتهام بوتين لواشنطن بالعمل على إنشاء تحالفات عسكرية وسياسية صغيرة تابعة لها في منطقة أسيا والمحيط الهادئ، مما يستهدف أمن روسيا والصين ويهدف إلى انهيار البنية الإقليمية الشاملة التي تطورت حول دول الآسيان، وهو ما يخلق خطر ظهور بؤرة متفجرة جديدة من التوتر الجيوسياسي، إلى جانب بؤرة التوتر الأوروبية الساخنة بالفعل.
وفيما يتعلق بتركيز الرئيس الروسي على العلاقة مع الصين، وأهمية التحول نحو التعددية القطبية دوليًا، قالت، إن الهدف الأساسي للدبلوماسية الروسية والصينية يتمثل في إضعاف النظام العالمي الغربي بقيادة واشنطن، مع دعم وتأييد الرؤية التي ترى أنه من الضروري إنشاء نظام عالمي بديل عن النظام الحالي القائم الذي واشنطن وسياساتها الظالمة حول العالم.
وتابعت: "وهو المشروع الذي يتقاسمه بشكل خاص الإيرانيون والكوريون الشماليون، ومن أجل ذلك، عززت الصين وروسيا في السنوات الأخيرة التعاون الاقتصادي والدبلوماسي بينهما، وازداد التقارب بينهما منذ أزمة أوكرانيا، رغم إصرار بكين على أنها تلتزم الحياد تجاه النزاع الدائر، كما أن لدى الرئيس الصيني "شي جين بينغ" هدفاً أكبر، يتمثل في تحقيق رؤيته للصين كقائدة للجنوب، والذى يتكون من كافة الدول النامية والأفريقية والآسيوية والعربية والإسلامية، وهو ما يتيح له وضع نظام دولي جديد لصالح الصين وحليفتها الروسية في مواجهة واشنطن والغرب".
بوتين: كثيرون في الغرب يؤمنون بأن روسيا تتصرف بالشكل الصحيح في كل شيء
وتشير إلى أن روسيا والصين قد أعدتا مسبقًا لذلك الفصل من النظام الدولي الجديد، عقب لقاء القمة بين الزعيمين في عام 2022، والإعلان عن دخول العلاقات الدولية حقبة جديدة، وأعرب الرئيسان عن قلقهما حيال تحالف "أوكوس" الدفاعي النووي، والذي يضم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأستراليا، كونه يزيد من خطر سباق التسلح في المنطقة، ويخلق أخطار انتشار الأسلحة النووية.
وأوضحت أن موسكو وبكين تمكنتا من خلق ما يعرف بـ "الشرعية الموازية أو القطب الموازي"، وتنحية عالم القطب الأوحد المهيمن من قبل أمريكا، مؤكدة أن دورهما سيكون فعالا في حل جميع الأزمات الراهنة في العالم، من خلال دور الأمم المتحدة وعبر القنوات الثنائية للمساعدة في تخفيف كافة الأزمات السياسية والإنسانية الراهنة.
واستطردت: "نجد هنا الدور الصيني والروسي في تزايد الضغط على واشنطن في العواصم الغربية قبل الشرق أوسطية الرافضة لسياساتها، كما بات من المتوقع أن يزداد انخراط الصين وروسيا في الشرق الأوسط، وتأمين مصالحهما الاقتصادية، كما أنهما تريدان الاستفادة من إحباط الدول العربية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية لترسيخ نفسهما باعتبارهما قوى عظمى في المنطقة، وبناءً عليه، فإن نهج بكين وموسكو المعلن يخاطر بإزعاج الولايات المتحدة الأمريكية وشبكة الحلفاء الغربيين، ومخططاتهم تجاه العالم.
ولفتت إلى أن الخطاب يشير إلى أن موسكو وبكين ستردان بقوة على وقع التغييرات التي أدخلها حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال قمته الأخيرة في مفاهيمه وسياساته الاستراتيجية، عبر إعلانه إدخال دول آسيوية ولا تنتمي بالأساس للكتلة الأطلسية، بدعوى احتواء وتقييد النفوذين الصيني والروسي، متوقعة أن يدفع هذا المفهوم إلى تعزيز تحالف روسيا والصين في وجه الناتو.
بوتين: زيادة استخدام العملة الوطنية في التعاملات يعزز سيادة البلاد وقدراتها
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحفي السنوي، اليوم الخميس إن مستوى العلاقات مع الصين مرتفع بشكل غير مسبوق وسيتجاوز حجم التجارة هذا العام 200 مليار دولار، معتبرًا أن الدفعة الرئيسية في العلاقات الروسية الصينية كانت زيارة الرئيس الصيني في مارس/ آذار الماضي.
وعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الخميس، مؤتمره الصحفي السنوي حيث عرض نتائج العام 2023 وأجاب عن أسئلة الصحفيين وكذلك المواطنين الروس حول الأوضاع المحلية والعالمية.
وتزامن معه برنامج "الخط المباشر مع فلاديمير بوتين"، حيث أجرى فيه بوتين حوارا مباشرا مع المواطنين الروس والأجانب عبر "الخط المباشر"، أجاب فيه على الأسئلة التي طرحوها، وشملت مختلف المواضيع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وتم تنظيم "الخط المباشر" لأول مرة في عام 2001، وتم عقده سنويا، باستثناء عامي 2004 و2012.
وفي عام 2020، تم للمرة الأولى الجمع بين الخط المباشر والمؤتمر الصحفي الموسع التقليدي لبوتين؛ الذي يحضره المئات من الصحفيين من روسيا، وممثلو وسائل الإعلام الأجنبية في موسكو، وتبثه القنوات التلفزيونية مباشرة.
مناقشة