سنتعرف في هذا المقال على الغلوتين ومكوناته وتأثيره على صحة الإنسان ومصادر الحصول عليه والمنتجات التي يدخل في تركيبها بالإضافة للمواد التي لا تحتويه وفوائده وأضراره.
الغلوتين
هو عبارة عن مجموعة من البروتينات النباتية الموجودة في الحبوب كالقمح والجاودار والشوفان والشعير، وكلمة "غلوتين" مشتقة من اللغة اليونانية وتعني "غراء"، وليس لها لا رائحة ولا طعم.
تكوين وهيكل الغلوتين
يتكون الغلوتين من نوعين من البروتينات وهما: الغلوتينين والغليادين، وتشكل نحو 80 في المئة من البروتين الموجود في بذرة القمح.
عند تعرض الغلوتين للتسخين، تشكل بروتيناته شبكة مرنة يمكنها من تمديد الغازات وحبسها، ما يوفر تخميرا مثاليا أو يحافظ على الرطوبة والنكهة لفترة طويلة في الأطعمة والمواد الغذائية التي يدخل بصناعتها كالخبز والمعكرونة والأطعمة المصنعة.
تأثير الغلوتين على صحة الإنسان
بالغ الكثيرون في وصف السوء الذي يقدمه الغلوتين حتى تم وصفه بـ"الشرير الغذائي" للقرن الحادي والعشرين، لتوجه له أصابع الاتهام في العديد من الأمراض وأنه سببها ويقف وراءها.
لكن بعد توجيه الاتهامات للغلوتين يتبادر للأذهان أن الأجيال على مدار أكثر من 10 آلاف عام استهلكت وتناولت المواد التي يدخل فيها الغلوتين كالقمح على سبيل المثال، ولم يتم وصفه بأنه سبب لكل الأمراض التي يتم نسبها لها في هذه الأيام حتى أن قليلا من الدراسات أثبتت تسبب الغلوتين بعدد من الأمراض.
مصادر الغلوتين
تعتبر الحبوب من أهم مصادر الغلوتين وتحديدا في القمح ونخالته، الشعير، الجاودار، الشقيم أو التريتيكال، الحنطة، الكاموت، الكسكس، السميد، البرغل، الفارينا.
وتوجد بعض مصادر الغلوتين بنسبة أقل ومنها صلصة الصويا ونشا الطعام المعدل.
تشخيص حساسية الغلوتين
أظهرت عدد من الأبحاث على أنه لا يوجد شيء اسمه "حساسية الغلوتين"، وإنما حساسية تجاه غلوتين القمح، والتي يمكن أن تتطور في أي عمر.
ويعود سبب هذه الحساسية لردة فعل الجهاز المناعي على بروتين الغليادين، الذي عندما يدخل الجسم يقوم الجهاز المناعي بإنتاج مواد تضر بجدران الأمعاء، ما يتسبب بالتهابها وضعف في امتصاص العناصر الدقيقة الأساسية.
تظهر الحساسية الغذائية للقمح على شكل أعراض واضحة بعد تناول منتج يحتوي عليها ليعاني الشخص من عدد من الأعراض الممثلة بالقشعريرة والغثيان والقيء وآلام في البطن والإسهال بالإضافة لاحتقان في الأنف.
كما تشير الحساسية المفرطة والربو لوجود نوع من الحساسية.
ليتم لاحقا وصف نظام غذائي خالي من الغلوتين أو نظام يحتوي على محتوى جزئي من المنتجات التي تحتوي على الغلوتين.
المنتجات التي تحتوي على الغلوتين
يوجد الغلوتين في العديد من الأطعمة الكاملة والمصنعة، وعادة ما تشير الشركات المصنعة إلى وجوده على العبوات.
يوجد الغلوتين في الحبوب بأنواعها، كالقمح، نخالة القمح، الجاودار، الشعير، السميد، الدخن، الشعير، الشعير اللؤلؤي، الكسكس، البرغل، الفارو، الحنطة، الحبوب الصلبة، جنين القمح، السلام (خليط الجاودار والقمح)، كاموت (القمح الطوراني)، الشوفان (الغلوتين يأتي من المعالجة غير السليمة).
وفي الأطعمة المصنعة التي تحتوي على الحبوب مثل: وجبات الإفطار السريعة، العصيدة سريعة التحضير، النودلز، المعكرونة، الخبز والمخبوزات، البسكويت، السيتان، الدقيق، الجاودار، الحبوب الكاملة، المخبوز.
بالإضافة لوجوده في صلصة الصويا، الشعير، الآيس كريم، الحلوى، الزبادي والخثارة (مع المثبتات والحبوب)، النقانق ومنتجات النقانق، الأطعمة المعلبة، خل الشعير، صلصة السلطة، الصلصات والمرق الذي يحتوي على الدقيق أو نشا القمح، مخاليط التوابل ورقائق البطاطس والبيرة والكونياك والنبيذ والمرق الجاهز ومكعبات المرق والأدوية والكاكاو سريع التحضير والشاي المنكه وبعض أنواع الحليب النباتي.
المنتجات الخالية من الغلوتين
ينصح الأطباء وخبراء الصحة الأشخاص الراغبيين بالخضوع لبرنامج غذائي خال من الغلوتين بتناول هذه المواد التي لا تحتوي عليه، وتتضمن القائمة: الأرز، الدخن، القطيفة، الكينوا، الحنطة السوداء، البقوليات، حبوب الذرة، البطاطس، الصويا، المكسرات بأنواعها (اللوز، والفول السوداني، والجوز)، اللحم، السمك، الحليب والجبن، الفواكه المجففة مثل المشمش، الخوخ، التمر، الزبيب، العسل، الخضراوات والفواكه.
ويشير الأطباء لضرورة تضمين النظام الغذائي لهؤلاء الأشخاص بالخضراوات والفواكه الطازجة لتعويض أي نقص في الألياف والفيتامينات المفيدة في الأطعمة الحظر تناولها.
فوائد الغلوتين
يجب على الأشخاص الراغبيين بالتخلص من الغلوتين في وجباتهم الغذائية بإستشارة الطبيب أولا، وإن كان الغلوتين يؤثر على أجسامهم، فتأثيره يختلف من شخص لآخر حتى أن بعض الأجسام لا تتأثر به ويكون الابتعاد عنه ليس بالشيء الصحي.
كون الحبوب بأنواعها كالقمح والشعير والجادورا تحتوي على الألياف وهي مصدر مهم للبروتين وتشبع الجسم بالفيتامينات والعناصر الغذائية المهمة.
تساعد العناصر الغذائية الموجودة في الحبوب الكاملة على الوقاية من السرطان.
في دراسة أجريت عام 2017 على أكثر من 100.000 مشارك لا يعانون من الاضطرابات الهضمية، لم يجد الباحثون أي ارتباط بين استهلاك الغلوتين الغذائي على المدى الطويل وخطر الإصابة بأمراض القلب.
في الواقع، تشير النتائج أيضًا إلى أن الأفراد غير المصابين بالاضطرابات الهضمية الذين يتجنبون الغلوتين قد يزيدون من خطر الإصابة بأمراض القلب، بسبب احتمالية تقليل استهلاك الحبوب الكاملة.
قد يعمل الغلوتين أيضًا بمثابة البريبايوتك، حيث يغذي البكتيريا "الجيدة" في أجسامنا، والـ"أرابينوكسيلان أوليغوساكاريد" هي كربوهيدرات بريبيوتيك مشتقة من نخالة القمح والذي ثبت أنها تحفز نشاط البيفيدوبكتريا في القولون، توجد هذه البكتيريا عادة في أمعاء الإنسان السليمة. ارتبطت التغيرات في كميتها أو نشاطها بأمراض الجهاز الهضمي بما في ذلك مرض التهاب الأمعاء وسرطان القولون والمستقيم ومتلازمة القولون العصبي.
حصاد القمح في شاحنة خلال حملة الحصاد كجزء من "يوم الحقل الجمهوري 2022" في حي فولودارسكي في جمهورية دونيتسك الشعبية، 8 يوليو 2022
© Sputnik . Pavel Lisitsyn
/ أضرار الغلوتين
يتفاعل بعض الأشخاص بشكل مختلف مع الغلوتين، حيث يستشعره الجسم باعتباره سمًا، مما يتسبب في المبالغة في رد فعل الخلايا المناعية ومهاجمته.
إذا استمر شخص حساس دون علم في تناول الغلوتين، فإن هذا يخلق نوعًا من ساحة المعركة ما يؤدي إلى الالتهابات، و يمكن أن تتراوح الآثار الجانبية من خفيفة كالتعب ،انتفاخ في البطن، الإمساك والإسهال بالتناوب، إلى شديدة ممثلة بفقدان الوزن غير المقصود، وسوء التغذية، وتلف الأمعاء كما يظهر في مرض الاضطرابات الهضمية الذي يصيب المناعة الذاتية.
تظهر الأبحاث أن الأشخاص المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية لديهم أيضًا خطر أعلى قليلاً للإصابة بهشاشة العظام وفقر الدم بسبب سوء امتصاص الكالسيوم والحديد، على التوالي، العقم، اضطرابات الأعصاب، وفي حالات نادرة السرطان.
ويتسبب الغلوتين لدى بعض الأشخاص بما يعرف بـ"اعتلال الأمعاء الحساس"، حيث لا تتحمل أمعاء بعض الأشخاص كميات مرتفعة من الغلوتين.
كما يتسبب الغلوتين بما يعرف بـ"التهاب الجلد الحلئي الشكل"، حيث يكون هناك طفح جلدي نتيجة لتناول الغلوتين تظهر على شكل طفح جلدي أحمر اللون مصاحبا بحكة وظهور نتوءات وبثور.
أظهرت بعض الأدلة أن الأشخاص الذين يتناولون الغلوتين ولكن لديهم عدم تحمل شديد له، كما هو الحال مع مرض الاضطرابات الهضمية، لديهم خطر أعلى قليلاً للإصابة بالضعف الإدراك.
مرض الاضطرابات الهضمية
مرض الاضطرابات الهضمية هو عدم تحمل الغلوتين، وهو البروتين الموجود في بعض الحبوب كالقمح والجاودار والشعير. وأي طعام يحتوي على الغلوتين يثير ردود فعل من الأمعاء مع تطور عملية التهابية، وتلف الجدران، مما يعوق امتصاص المكونات الغذائية.
الاسم الثاني لهذا المرض هو اعتلال الأمعاء الاضطرابات الهضمية، وتنتقل الحساسية للبروتين على المستوى الجيني، من الآباء إلى الأبناء، ويتجلى في كل من الأطفال والبالغين.
يكمن خطر المرض في أنه بسبب تلف الأمعاء، لا يحصل الجسم على ما يكفي من العناصر الغذائية الضرورية والمكونات المعدنية والفيتامينية، وفقدان الوزن، وتحدث أعراض غير سارة مختلفة.
الأشخاص الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الأمعاء، وخاصة سرطان الغدد الليمفاوية، يحدث هذا النوع من السرطان في نحو 6-8% من الحالات المؤكدة، خاصة عند الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا.
من المضاعفات المحتملة الأخرى لمرض الاضطرابات الهضمية على المدى الطويل ظهور آفات تقرحية، مصحوبة بظهور عيوب تقرحية. المظاهر النموذجية لهذه المضاعفات هي الحمى وآلام البطن. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر كبير لحدوث نزيف داخلي والتهاب وانثقاب جدار الأمعاء. بالإضافة إلى ذلك، يضعف امتصاص الحديد، مما يؤدي إلى فقر الدم الشديد. في بعض الأحيان يكون فقر الدم المستمر هو نقطة البداية في التشخيص.
يمكن أن تؤدي متلازمة سوء الامتصاص طويلة الأمد إلى اضطرابات تناسلية، ونقص البروتين، واضطرابات استقلاب المعادن، ونقص الفيتامين. يحدث انخفاض في كثافة العظام وهشاشة العظام، ويزداد حجم الطحال، ويكون انخفاض ضغط الدم نموذجيًا.
يتم علاج هذا المرض من خلال مساعدة الطبيب بتحديد قائمة ما لا يجب على المريض تناوله.
يحظر استخدام أي منتجات تحتوي على القمح أو الشعير أو الجاودار أو دقيق الحبوب المتعددة. كما لا يُسمح أيضًا بالمعكرونة التقليدية والسميد والعصيدة المصنوعة من حبوب الغلوتين.
من المهم قراءة الملصقات الخاصة بالنقانق والنقانق والسلع المعلبة والحلويات والصلصات. قد توجد آثار الغلوتين في القهوة سريعة التحضير، والكاكاو، ومنتجات الصويا، والحساء المعبأ.
يوجد اليوم عدد من المنتجات الخالية من الغلوتين في المتاجر والتي يمكن اختيارها للمرضى الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية. يمكن استبدال الدقيق العادي بالحنطة السوداء والأرز والشوفان والذرة. هذه الحبوب خالية من الغلوتين.
ويجب اتباع النظام الغذائي لمدة ستة أشهر على الأقل، وخلال تلك الفترة تعود الحالة إلى وضعها الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج إلى تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن وبعض المكونات.
إذا لزم الأمر، يوصي الطبيب أيضًا بالأدوية التي تثبط الالتهاب المعوي.