ما دلالات تشكيل حكومة ليبية جديدة؟

ليبيا
حكومة ليبيه جديدة تلوح في الأفق تحدثت عنها عدة أطراف سياسية، كما أن الحكومة ‏الجديدة كانت من أبرز محاور لقاءات رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، في أنقرة، أثناء مقابلته ‏الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.‏
Sputnik
وطال انتظار الحكومة المرتقبة، بعد مماطلات من الأطراف السياسية والعسكرية المتنازعة في البلاد.
يرى المحلل السياسي، حسام العبدلي، أن "تشكيل حكومة جديدة تقود البلاد إلى انتخابات هو الأمر الوحيد الذي اتفق عليه مجلسي النواب والأعلى للدولة، وبدأت في أيام حوارات المستشار، عقيلة صالح، وخالد المشري، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، وكذلك في عهد الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة".
تحركات دولية
وقال العبدلي، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، إن "الأمر يحتاج إلى مفاوضات كبيرة، كون أن الأخيرة تختلف عن سابقاتها في الأفكار، وفي نفس الوقت حتى حوار "لجنة 6+6" الذي رعته البعثة الأممية وطال أمده إلى شهور طويلة، وتم الاتفاق عليه وإعلانه في الجريدة الرسمية جرى تهميشه من البعثة الأممية نفسها التي رعته، والتي كانت إحدى نقاط هذا الاتفاق المهمة هو تشكيل حكومة جديدة عمرها 240 يوما لتقود البلاد إلى الانتخابات".
وأضاف: "من هنا نجد بأن تشكيل حكومة جديدة ليس صعبا، بقدر أن تتنازل الأطراف عن بعض النقاط لينجح الأمر في تشكيلها".
وتابع: "لا ننسى بأن الأمر لن ينجح دون شعور الدول التي لها مصالح في ليبيا بالارتياح للحكومة المقبلة، التي ستتولى زمام الأمور في البلاد خوفا على مصالحها في هذا الوضع السياسي الهش".
محللون: زيارة رئيس مجلس النواب الليبي إلى أنقرة خطوة سياسية مهمة
وأكد أن "اتفاق مجلسي النواب والأعلى للدولة وحده لا يكفي، لأن حكومة الوحدة الوطنية في غرب البلاد عرفت كيف تتمكن من السيطرة على المفاصل المهمة في العاصمة، وأصبح لها قرار وضغط على أي خارطة طريق تتم في المستقبل، وهذا ما رأيناه عندما اختارها المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، على طاولة حوار خماسية، ما أثار استغراب واستهجان مجلس النواب".
وأشار حسام العبدلي إلى التحركات الدولية الأخيرة في نهاية هذا العام، للمستشار عقيلة صالح، وتحركات محمد تكالة، و"استنتج بأن تكالة ممثل مجلس الدولة الحليف السياسي لتركيا يتفاوض ويفتح آفاق الحوار في موسكو مع القيادات السياسية في روسيا، وبأن عقيلة صالح القريب هو ومجلس النواب لدولة روسيا ذهب في زيارة إلى تركيا، واللقاءات كانت مع أعلى مستوى، إذ تقابل مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي أكد أن لا بديل من تشكيل حكومة جديدة تقود البلاد إلى انتخابات، وهذا يدل أن روسيا وتركيا تحاولان أن تكونا على مسافة واحدة بين الأطراف لتنبثق من أي حوار قادم بحكومة جديدة قوية تختلف عن سابقاتها".
المحاصصة
لكن لفت العبدلي إلى إنه "في حال تشكيل حكومة جديدة سوف يفاجأ رئيسها بمشكلة اختيار الحقائب الوزارية، التي فوجئ بها كل الرؤساء السابقين، لكي ينال رضا مجلسي النواب والأعلى للدولة وحصوله على الثقة، وهذا الأمر قد يسبب ظهور حكومة أخرى وستكون ضعيفة، مهمة وزرائها هو نهب المال العام، لأنها لم يتم اختيار مناصبها الوزارية بسبب الكفاءة، بل تم الاختيار على المحاصصه السياسية".

وأضاف أنه "إذا تم تشكيل حكومة جديدة بنظام المبادرات، مثلما دعا بها باتيلي في السابق لتعيين لجنة رفيعة المستوى، قد يتسبب ذلك في ولادة حكومة ضعيفة يتم ابتزازها قبل التصويت، مثلما حدث مع حكومة الوحدة الوطنية، عندما تفاجأنا بأنها تقوم بتكليف عدد من أعضاء حوار لجنة الـ75 في سفارات وإدارات ومناصب، وهذا دليل على وجود شبهات، قد يعاد هذا المشهد مرة أخرى إن لم يكن هناك إجراء سليم وجدية من مجلسي النواب والأعلى للدولة لتشكيل حكومة جديدة قوية".

وأشار العبدلي إلى خلافات الدبيبة مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، والتي وصفها بأنها "نتيجة طبيعية لعدم الاستقرار السياسي، لأن الجميع يحاول بسط نفوذه بطريقته، ولكن هذه المرة كانت مع الصديق الكبير الذي يمتلك أدوات السلطة المالية، التي تمكنه من الضغط على الحكومة، خصوصا أن الأنباء تفيد بأنه أوقف أي أموال للتنمية والمشاريع واقتصر الأمر على المرتبات".

واعتبر أن "وجود الصديق الكبير في تركيا وعدم عودته للبلاد سوف يتسبب بمشاكل ليس للحكومة فقط، وإنما للوضع المعيشي للمواطن، خصوصا بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الدينار في السوق السوداء"، مشيرًا إلى أن هذا الأمر "سوف يكون له تأثير سلبي على حكومة الدبيبة، ما سوف يساعد مجلسي النواب والأعلى الدولة لتغييرها، ويضع الدبيبة في موقف محرج أمام العالم بوجود محافظ أكبر سلطة مالية في البلاد هاربًا إذا صح التعبير خارج وطنه خوفا من التهديد، وإن لم يتدارك الدبيبة نفسه، فإنه سوف يقع بين سندان المواطن ومطرقة مجلسي النواب والأعلى للدولة، وسوف يجد نفسه خارج المشهد".

عضو النواب الليبي لـ"سبوتنيك": المجلس يستعد لعقد أول جلسة له في الغرب الليبي منذ انتخابه عام 2014
مسألة التغيير
من ناحيته، يرى المحلل السياسي، محمد محفوظ، أن "زيارة عقيلة صالح إلى تركيا تأتي في محاولة إقناع تشكيل حكومة جديدة عن طريق مجلس النواب والأعلى للدولة، كما كان مخططا بين عقيلة والمشري، لقد أرسل الأتراك رسالة واضحة لعقيلة صالح، وهي أنهم لا يدعمون هذا المسار، وأنهم بصدد دعم مسار مبادرة باتيلي التي دعا إليها".
وتابع في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "تركيا في حال رأت أنه يجب تغيير الحكومة فإنها سوف تبحث أن هذا المسار يجب أن يطرح فوق الطاولة وليس من خلال مجلسي النواب والأعلى للدولة، الأمر لا يتوقف على تركيا أو غيرها، هو موضوع دولي تردد على لسان الأطراف وسفراء الدول المؤثرة في الشأن الليبي، وهذه مسألة محسومة".
وقال إن "هذا الأمر سيجعل من تشكيل حكومة جديدة مسارًا ليس سهلاً، ولكنه مطروح من الكثير من الأطراف أمام العديد من التحديات التي يتعامل معها الغرب، ربما يحتاجون فيها لحكومة جديدة، خاصة فيما يتعلق بملف الانتخابات".
القضايا الخلافية
وفي هذا الجانب، يقول محفوظ: "إذا ما تم حلحلة القضايا الخلافية فيما يتعلق بموضوع الانتخابات، فإن مسألة الحكومة سوف تصبح تحصيل حاصل، وسوف يتم إنهاؤها بشكل أسرع مما عليه الآن، وأن الأحداث مرتبطة ببعضها البعض".
وأضاف أن "الخلافات بين محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير والدبيبة، والدبيبة وأطراف أخرى وحلفاء سابقين، سوف تدعم فرضية الذهاب نحو الحكومة، ولكن السؤال من سيكون معني بتشكيل هذه الحكومة".
وقال: "من حيث المبدأ، فإن الأطراف متفقة على تشكيل حكومة جديدة، ولكن من حيث التفصيل، هناك خلاف على من يشكل الحكومة، وبالتالي هذا سيكون عائقا في إنهاء ملف السلطة التنفيذية، الذي لن يحدث فيه تغيير، ما لم يكن هناك حل للقضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، وانطلاق القوانين الانتخابية بشكل فعلي بعيد عن الحبر على الورق".
وتشهد ليبيا أزمة سياسية متصاعدة مع نزاع بين حكومتين، الأولى برئاسة فتحي باشاغا، والثانية حكومة الوحدة الوطنية الليبية ويترأسها عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية.
مناقشة