وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تقف عند حد التسريب، وتحدثت صراحة عن بدء التشغيل التجريبي للخط البري بشكل فعلي، ما أثار الكثير من التساؤلات حول ما يجري، في ظل هذا الصمت العربي، تجاه ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة.
ومع تأكيد المراقبين على دور الآلة الإعلامية الإسرائيلية في التشويش على دور بعض الدول في دعم فلسطين، ومحاولة صرف الأنظار عما يحدث من استهداف السفن في البحر الأحمر، يرون أن النفي الأردني القاطع لا يمكن الابتعاد عنه، ما دام لم يكن هناك رصد فعلي لحركة الشاحنات عبر هذا الخط.
وأوضح خبيران، أن المسألة لا يمكن تقبلها عربيا، في ظل الانتهاكات الإسرائيلية غير المسبوقة في قطاع غزة، بيد أن الموقف العربي غير القوي تجاه ما يحدث يثير الكثير من التساؤلات والشكوك.
وأعلنت إسرائيل، نجاح التشغيل التجريبي لخط نقل بري جديد بالشاحنات عبر موانئ دبي، مرورا بالسعودية والأردن، ليكون بديلا عن قناة السويس المصرية.
وقال موقع "واللا" الإسرائيلي: "توّج التشغيل التجريبي لخط نقل بري جديد بالشاحنات عبر موانئ دبي مرورا بالسعودية والأردن بالنجاح خلال الأسابيع الأخيرة، فيما أكملت الشاحنات العشر الأولى الطريق الطويل من موانئ الخليج العربي إلى إسرائيل".
وأوضح أنه "من المتوقع أن يوفر الجسر البري، الذي حصل على موافقة وزارة الدفاع وحكومة إسرائيل، بديلا أسرع للمرور عبر قناة السويس، بل وأسرع من ذلك بالنسبة للمسار الطويل لاستيراد البضائع على متن السفن التي يتعين عليها الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح وتمديد المسار بنحو 3 أسابيع في المتوسط للابتعادعن تهديد الحوثيين".
نية سابقة ولكن
اعتبر المستشار الاقتصادي الأردني، محمد جرادات، أن "إعلان إسرائيل عن بدء التشغيل التجريبي لخط نقل بري جديد بالشاحنات عبر موانئ دبي مرورا بالسعودية والأردن، ليكون بديلا عن قناة السويس المصرية، محض كذب، معتبرا أن "الإعلام الإسرائيلي في الوقت الراهن وهمي".
وقال في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "الأردن نفى فعليا وجود هذا الخط البري لنقل البضائع إلى إسرائيل بشكل رسمي، وهو ما يعززه موقف الحكومة الواضح بشأن دعم الأشقاء في فلسطين والوقوف بجانبهم بكافة الوسائل الممكنة، حيث نفذ الطيران الأردني عمليات إنزال جوي لمساعدات غذائية وطبية أكثر من مرة".
وتابع: "الأردن كذلك عبر عن موقفه المتضامن مع فلسطين، وسحب سفيره من إسرائيل، بعد مطالب شعبية كبيرة بإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمّان، وقطع العلاقات، وإلغاء معاهدة السلام الموقعة، مع مطالبة الحكومة المستمر بالوقف الفوري لإطلاق النار، ووضع حد للنكبات والمجازر الإسرائيلية في غزة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية".
وفيما يتعلق بدوافع وأسباب الإعلان الإسرائيلي عن بدء التشغيل رغم النفي الأردني، قال إنه "يأتي من أجل التشويش على الموقف الأردني تجاه ما يحدث في قطاع غزة، وبسبب الأزمات التي تواجهها تل أبيب في البحر الأحمر حيث ضربات الحوثيين المستمرة تجاه السفن التجارية".
وأوضح أن "الإعلان وهمي في المرحلة الحالية، وأن الجسر البري غير موجود بشكل فعلي على الأرض، لكن الأوضاع المتوترة في البحر الأحمر تمثل دافعًا لإسرائيل وراء إصدار تلك التصريحات غير الصحيحة".
وعن التصريحات القديمة بشأن وجود مثل هذا الجسر لفوائد اقتصادية، أكد جرادات أنه "كان هناك نيّة سابقة لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات لتفعيل الخط في المنطقة، بهدف دعم اقتصاديات الدول المشاركة، لكنه لم يتم"، معتبرا أنه "بدون اتفاقيات سلام وهدوء في العمليات العسكرية في المنطقة لن يسمح الأردن بمرور البضائع من خلاله".
خذلان عربي
في السياق، اعتبر نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار غباشي، أن "المشهد فيما يتعلق بالخط البري بين دبي والسعودية والأردن وإسرائيل لا يزال ضبابيا، إذ هناك نفي أردني فيما يصر الإعلام الإسرائيلي على التأكيد، والحديث عن التشغيل التجريبي".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "ما يتم تسريبه بشأن آليات الصراع وما تفعله إسرائيل في معركتها ضد قطاع غزة يقول إن هناك الكثير من الأمور التي تتم وغير معلنة، لكن مدى جديتها وصحتها، مرتبط بشكل أساسي بما يحدث على أرض الواقع، وإمكانية رصد حركة شاحنات على هذا الممر البري الفترة المقبلة أم لا".
وتابع: "الملفت في الأمر هذا السكوت العربي تجاه ما يتم تسريبه من إسرائيل، وهو ما يحمل الكثير من علامات الاستفهام، هذا الموقف المتخاذل من قبل الدول العربية، خاصة المؤثرة تجاه ما يحدث في قطاع غزة وفي ظل الدمار والمجازر التي ترتكب، يحمل الكثير من علامات التعجب بشأن حجم ردود الأفعال من قبل الدول العربية، وعن سبب عدم اتخاذ موقف أكثر تشددا من إسرائيل".
وفيما يتعلق بإمكانية صحة التصريحات الإسرائيلية حول إبرام اتفاقيات بشأن هذا الخط البري، قال غباشي إنه "مستبعد ومن الصعب تقبله عربيا، مثلما من الصعب تقبل مسألة تهجير الفلسطينيين، معتبرا أن "موقفا مثل هذا قد يصل إلى درجة الخيانة لم يمكن الجزم بصحته أو عدم صحته، بيد أن الفترة المقبلة، وما يحدث على الأرض سيوضح كافة هذه الأمور".
ونفت مصادر في وزارتي النقل والصناعة والتجارة الأردنية، تقارير منسوبة لوسائل إعلام إسرائيلية ومتداولة على مواقع التواصل، بشأن وجود جسر بري بديل للبحر الأحمر، عبر موانئ دبي، مرورًا بالمملكة العربية السعودية والأردن، لنقل بضائع إلى إسرائيل.
وأكدت المصادر، يوم السبت الماضي، أن "موقف الحكومة الأردنية واضح بشأن دعم الأشقاء الفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم بكل الوسائل، وأن مثل هذه الادعاءات مرفوضة وهي منشورات هدفها التشويش على الموقف الأردني الثابت تجاه ما يجري في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي غاشم"، وفقا لوكالة الأنباء الأردنية "بترا".
يشار إلى أن سلاح الجو الأردني نفذ حتى الآن 5 عمليات إنزال جوي للمساعدات في قطاع غزة، كما أرسل الأردن 20 طائرة محملة بالمساعدات الإنسانية.
وفي مطلع الشهر الماضي، استدعى الأردن سفيره لدى إسرائيل، كما أبلغ تل أبيب بعدم إعادة سفيرها، الذي سبق أن غادر المملكة.