وقال السعدي في حديثه لـ"سبوتنيك"، اليوم الخميس: "لا يستطيع أحد في تلك الفترة العصيبة أن يتوقع ما يمكن أن تسفر عنه جولة المبعوث الأممي الحالية، في ظل تداعيات الصراع الإقليمي الذي تشهده المنطقة في فلسطين المحتلة والعدوان الصهيوني على غزة، والذي ألقى بظلاله على المشهد العام وطالت تأثيراته اليمن وغيرها من الدول".
وتابع السعدي: "دائما نرى جانبا إيجابيا في أي تحرك لمجرد وجود هذا التحرك، فالسكون من مؤشرات الموت عادة، ولكي تكون هناك نتائج إيجابية وملموسة فإن ذلك يتطلب تمهيدا على الأرض، ونضوجا للظروف الموضوعية والذاتية التي تسهم بقوة في إنجاح أي تحرك، وهو ما أعتقد أنه العامل الغائب اليوم والمتزامن مع توقيت هذه التحركات الأممية".
وأضاف السعدي: "نجد صعوبة في اتهام الأمم المتحدة بمحاولة الهروب من واجباتها وفرض حضورها الحقيقي في مايتعلق بالعدوان الصهيوني البربري على غزة، والموقف الأمريكي المتعنت والداعم بل والمشارك فعليا في الجرائم الصهيونية التي ترتكبها العصابات الصهيونية في غزة، ضد النساء والأطفال والمدنيين، والتي لم تسلم من بربريتها الطواقم الإنسانية التابعة للمنظمات الحقوقية والإنسانية والطبية بما فيها مؤسسات وطواقم الأمم المتحدة ذاتها، وكذلك في مواجهة التصعيد الواضح الذي تقوده الإدارة الأمريكية ومجموعة الدول الأوروبية الدائرة في فلكها في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب، والذي يهدد بتفجر الأوضاع واتساع رقعة الصراع والعنف، ولكن الواقع يؤكد أنه إما أن تكون هذه هي الحقيقة أو أن الأمم المتحدة تتحرك بعيدا عن الواقع".
وفيما يتعلق بفرص السلام في اليمن، يقول السعدي: "هي غائبة من وجهة نظرنا وماسبق العمل عليه قبل أحداث، السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، في فلسطين المحتلة، هو محاولة للخروج الآمن لدول التحالف العربي من المستنقع اليمني مع البقاء على الإشكاليات والقضايا التي تسببت في تفجر الصراع قائمة، وترحيلها إلى ما وصفته الراعية لعملية السلام المملكة السعودية، بمرحلة الحوار السياسي بين الأطراف اليمنية".
وأشار السعدي إلى أن "مرحلة الحوار السياسي بين القوى اليمنية، إذا لم يتم تحت الإشراف الدولي، وأن يخرج خارج إطار الجماعات التي شكلتها ودعمتها ودربتها بعض الأطراف الإقليمية لخدمة مصالحها وينفتح على كافة القوى السياسية والاجتماعية اليمنية، فإنه سيكون مجرد مسكن سينتهي مفعوله بمرور المرحلة الأولى من الاتفاق، هذا إن امتلكت تلك المرحلة إمكانيات المرور والتحقق فعلا".
وشدد السعدي على "ضرورة أن لا يتم إغفال تأثير الأحداث الإقليمية والحرب المعلنة على الشعب الفلسطيني من قبل الإدارة الأمريكية وربيبتها إسرائيل على عملية السلام في اليمن، والتي سيكون لها انعكاساتها، خصوصا بعد أن أصبح أهم وأقوى أطراف الصراع اليمني نفوذا وتاثيرا وحضورا على تلك العملية (جماعة أنصار الله) يمثل طرفا في هذه الحرب، وفي ظل المؤشرات التي تؤكد أن بعض أطراف ودول التحالف العربي المتعاطفة مع الكيان الصهيوني والمنزعجة من حركة حماس، قد بدأت بمنح الضوء الأخضر لأدواتها ومرتزقتها في الساحة اليمنية في عدن والمخاء، بالاستعداد للتحرك وتنفيذ أي مهام توكل إليها في مواجهة التحركات في البحر الأحمر وباب المندب، وذلك تحت مظلة التحالف الأمريكي التصعيدي المزعوم والجديد".
واختتم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى سلطنة عُمان، وخلال اجتماعه مع مجموعة من كبار المسؤولين العمانيين، أعرب غروندبرغ، عن تقديره للدعم القوي الذي تقدمه سلطنة عُمان لجهود الوساطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة في اليمن، بحسب صحف يمنية.
كما التقى المبعوث الأممي بكبير مفاوضي "أنصار الله"، محمد عبد السلام، وركزت المناقشات على الجهود المبذولة لتعزيز التقدم نحو تنفيذ تدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، وتحقيق وقف إطلاق نار مستدام في أنحاء البلاد، وإحراز تقدم ملموس نحو عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله"، إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة، التي استمرت لمدة 6 أشهر.
ويعاني اليمن للعام التاسع تواليًا، صراعًا مستمرًا على السلطة بين الحكومة المعترف بها دوليًا وجماعة "أنصار الله"، انعكست تداعياته على مختلف النواحي، إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة "بالأسوأ على مستوى العالم".
وتسيطر جماعة "أنصار الله"، منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات بوسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 آذار/ مارس 2015، عمليات عسكرية دعمًا للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، بحياة الآلاف، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80 في المئة من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.