"للضغط على الدول العربية"... خبيران يوضحان أهداف مساندة واشنطن لإسرائيل

مجلس الأمن
استخدمت واشنطن في 26 يوليو/ تموز 1973، حق "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع قرار ‏يؤكد على حق الفلسطينيين ويطالب بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل، معلنة ‏بذلك مساندتها الإجراءات الإسرائيلية كافة ضد الفلسطينيين.‏
Sputnik
وكان آخر "فيتو أمريكي" ضد القضية الفلسطينية، في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2017، والذي استخدمته ضد مشروع قرار مصري يرفض إعلان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب، وقد حاز المشروع المصري على تأييد 14 دولة من أصل 15 عضوة في مجلس الأمن الدولي، قبل أن تستخدمه 6 مرات في العملية الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة.
وضمن عشرات المرات التي استخدمت فيها واشنطن حق "الفيتو"، حظيت إسرائيل بحماية أكبر من أمريكا؛ إذ استخدمت ورقة "الفيتو" أكثر من 45 مرة ضد الفلسطينيين، وكانت الورقة دائما بمثابة الضوء الأخضر لإسرائيل للاستمرار في إجراءاتها وعملياتها العسكرية، وفق الخبراء.
وفي الحرب الأخيرة على غزة، استخدمت واشنطن "الفيتو" 6 مرات ضد مشاريع قرارات كانت تهدف لوقف فوري لإطلاق النار، فيما مررت قرارًا، أمس الجمعة الموافق 22 ديسمبر الجاري، يهدف إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للقطاع.
الخارجية الروسية تصف "الفيتو" الأمريكي بشأن غزة بأنه ضربة لآلية الأمم المتحدة
ما هو حق "الفيتو"؟
يمنح حق "الفيتو" في مجلس الأمن، للدول الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية فيه، وهم روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وأمريكا، رفض أي مشروع قرار، حتى وإن كان مقبولا للدول الـ14 الأخرى المكونة لمجلس الأمن.
عرقلة مستمرة
وأمس الجمعة، لم تسمح أمريكا لروسيا بتعديل القرار بشأن تسهيل توسيع إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
ووفقا لنص القرار: "دعا مجلس الأمن الدولي إلى تعليق عاجل للأعمال العدائية "، وكذلك "خطوات عاجلة نحو وقف دائم للأعمال العدائية".
وأصرّت أمريكا على إجراء عدد من التعديلات على النص، ونتيجة لذلك أصبحت الصياغة في المسودة أكثر ليونة.
وفي النسخة النهائية للقرار، يدعو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فقط إلى "اتخاذ خطوات عاجلة لضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق وتوسيع نطاقها، وكذلك لتهيئة الظروف لوقف الأعمال العدائية بشكل مستدام".
يوضح خبيران لـ"سبوتنيك"، أن استخدام واشنطن لحق "الفيتو" ومساندة إسرائيل، يأتي في إطار الضغط على الدول العربية، وأنها تستخدم إسرائيل لتحقيق أهدافها السياسية في المنطقة، في إطار إدارة الصراع مع الصين وروسيا، وخلق بؤر توتر مستدامة في المنطقة.
كوريا الشمالية بعد "الفيتو" الأمريكي: الولايات المتحدة "حجر عثرة" أمام السلام والاستقرار الدوليين
التحكم في قرارات واشنطن
من ناحيته، قال الأكاديمي العراقي، عبد الكريم الوزان، إن "إسرائيل تتحكم في قرار واشنطن نسبيا من خلال "اللوبي اليهودي"، وكذلك في تحقيق أهداف واشنطن بالمنطقة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الموقف الأمريكي يأتي في إطار استخدام "تل أبيب" كورقة بهدف تحقيق مصالحها في المنطقة، في ظل تنافسها مع الصين وروسيا".
ويرى أن "واشنطن تستخدم "ملف غزة" لاستنزاف بعض الدول العربية، والإيعاز لبعض الدول العربية بأنها مهددة ما لم تعترف وتتحالف مع إسرائيل".
واعتبر أن "عدم حيادية واشنطن تجسد منذ عقود طويلة، لكن ملف غزة عزز الصورة بشكل أوضح وفضح الازدواجية".
أبعاد أحداث 7 أكتوبر
من ناحيته، قال المحلل الاستراتيجي اللبناني، محمد سعيد الرز، إن "تداعيات عملية "طوفان الأقصى" لم تقتصر على كشف هزالة الأمن الإسرائيلي والاستحواذ على 250 أسيرًا وعدد من السيرفرات التي تحتوي كنزا استخباريا وحسب، بل سددت ضربة قوية لمشاريع الأطلسي ومخططات إسرائيل ضد المنطقة العربية".
وأوضح الرز أن "مواكبة واشنطن لتل أبيب برفض وقف الحرب على غزة، سببه أن عدم تحقيق أي هدف استراتيجي سيمني أمريكا بفشل مضاعف لفشلها في أفغانستان".

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "محاولات أمريكا وحلفائها في أوروبا لتنفيذ مخطط "الشرق الأوسط الجديد" أو ما يسمى إعادة رسم خرائط المنطقة العربية لم تتوقف، رغم إصابتها بخسارة قاصمة على يد ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013 في مصر، كما أن الحكومة الإسرائيلية عملت بقوة على تحقيق المرحلة الرابعة من حلمها الصهيوني، وهو السيطرة على كل فلسطين الطبيعية، فجاءت عملية طوفان الأقصى لترفع سدا بوجه هذه المخططات والمشاريع".

ويرى أن "قضية فلسطين عادت إلى المرتبة الأولى في الاهتمام العربي والدولي، فيما جاء الموقف المصري ليعيد البوصلة باتجاه حل الدولتين، ليمثل طوفانا سياسيا ودبلوماسيا إقليميا ودوليا".
وتابع: "لقد حاول الغرب بقيادة واشنطن ترهيب المنطقة العربية، بحشد الأساطيل في البحر الأبيض المتوسط، لكن ذلك لم يوفر الضغط المطلوب على العرب، خاصة وأن الحرب على غزة لم تكن نزهة بل كبدت جيش العدو خسائر غير متوقعة، وهي إلى ازدياد".
"أنصار الله": منع مرور السفن المتجهة إلى إسرائيل ردا على الفيتو الأمريكي ضد وقف الحرب في غزة
ترهيب المنطقة العربية؟
واستطرد المحلل الاستراتيجي اللبناني، محمد سعيد الرز: "حاول الغرب الأمريكي تحويل هذا الترهيب نحو البحر الأحمر عبر تحالف دولي ضم 15 دولة، لكنه تفرّغ من جدواه بعد رفض الدول العربية المشاركة فيه، ولذلك بدأنا نسمع عن تحولات في موقف بعض الدول الأوروبية من حرب غزة، وكانت الصورة مكشوفة في الأمم المتحدة عندما أصبحت أمريكا وحدها مقابل 153 دولة تبنت قرار وقف النار في غزة".
ولفت إلى أن "إسرائيل لم تحقق حتى الآن أي هدف سياسي أو ميداني في الحرب، كما أن أمريكا لم تجد أرضية عربية صالحة لمواصلة مشاريعها ضد الكيانات الوطنية العربية، فيما تتصاعد نقمة الرأي العام الأوروبي والأمريكي على إسرائيل وإدارة بايدن".
وواصل: "في المقابل، تعمل المقاومة الفلسطينية على فرض شروطها بمثل ما يقترب الوضع العربي الرسمي من وحدة الموقف تجاه العدوان الإسرائيلي، بل وإعادة التفكير بجدوى المعاهدات والاتفاقات مع تل أبيب".
ويرى الرز أن "رفض إسرائيل وتحديدا نتنياهو وأركان حربه أي وقف دائم للحرب على غزة بسبب ما سيحدثه من زلزال من الخسائر، التي تدفع نتنياهو وحكومته إلى الخروج من المشهد والمحاكمة".
وأعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، أنه اعتقل أكثر من 200 عنصر من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" داخل قطاع غزة، وتحويلهم للتحقيق داخل إسرائيل.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، في بيان، إن "قوات جيش الدفاع بالتعاون مع الشاباك (جهاز الأمن العام الإسرائيلي)، خلال الأسبوع، اعتقلت مئات المشتبه فيهم بالتورط بنشاطات إرهابية في القطاع ومن بينهم تم تحويل أكثر من 200 عنصر من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لمواصلة التحقيق في إسرائيل".
مناقشة