وقتل نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، صالح العاروري، أمس الثلاثاء، في قصف بطائرة مسيرة استهدف مكتب الحركة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، من وزير خارجيته عبد الله بو حبيب، تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، بعد اغتيالها قادة من "حماس" بينهم صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة في بيروت.
وأكد "حزب الله" اللبناني أن اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، في ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، "لن يمر أبدا من دون رد وعقاب"، واصفًا ما حصل بأنه "اعتداء خطير على لبنان".
وطرح البعض تساؤلات بشأن تداعيات اغتيال صالح العاروري في لبنان بشأن الحرب المستعرة في قطاع غزة، وإمكانية أن يشارك حزب الله بشكل أوسع في المعارك الدائرة، وعن مصير مفاوضات الهدنة التي تجريها القاهرة وعدة دول عربية ودولية.
تداعيات خطيرة
اعتبر شرحبيل الغريب، المحلل السياسي الفلسطيني، ورئيس منتدى "العلاقات الدولية للحوار والسياسات"، أن استهداف نتنياهو لقيادات حماس بالخارج، جاء بسبب فشله في الحصول على مشهد انتصار في قطاع غزة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري من المحتمل أن يوسع دائرة المواجهات مع إسرائيل إلى مستويات أعلى، وربما حرب كبرى، لا سيما وأن عملية الاغتيال جاءت في معقل "حزب الله" اللبناني، في الضاحية الجنوبية.
وأوضح الغريب أن استهداف نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الضاحية اللبنانية، وهي منطقة حساسة أمنيًا، يعد بمثابة خرقا خطيرا للخطوط الحمراء، وانتقالا إلى مرحلة أخرى ومتقدمة من الصراع.
وتوقع الغريب أن يكون هناك رد فلسطيني لبناني مشترك على الأرجح، وفي منطقة حساسة ضد إسرائيل، أو ضد شخصيات إسرائيلية مماثلة، أو مواقع مشابهة، من منطلق العين بالعين، واستنادًا إلى تهديد حسن نصر الله الأخير بهذا الخصوص.
ويرى الغريب أن عملية اغتيال العاروري ستكون لها تداعيات كبيرة تؤثر بشكل مباشر على مجريات الأحداث، والجهود المبذولة من قبل القاهرة التي كانت تخوض جهودًا ضخمة لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار.
قواعد الاشتباك
في السياق، اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، عملية الاغتيال التي تطول قادة المقاومة في لبنان والمنطقة ليست جديدة على إسرائيل التي استخدمت هذا الأسلوب في الكثير من المحطات، وتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي مليء بهذه العمليات التي تكون متصلة بسياق الحرب الدائرة، وقد تكون تصفية لحسابات قديمة مع القادة الذين لديهم سنوات طويلة من الصراع والحرب ضد العدو الإسرائيلي.
وقال وهبي في حديثه مع "سبوتنيك"، إن استهداف العاروري في الضاحية الجنوبية جاء في سياق هذه الحرب، لأن نتنياهو بحاجة إلى تسجيل أي نصر ولو كان على شكل اغتيال قادة بارزين من "حماس"، ووضع هذا الاغتيال في سياق الحرب مع إسرائيل والصراع المستمر والحرب الأمنية والمخابراتية، قد يكون ضمن قواعد الاشتباك.
واستبعد وهبي أن يذهب "حزب الله" إلى التصعيد الاستثنائي، بل سيستمر في عملياته على الحدود وقد يصعد في وتيرة إطلاق الصواريخ والعمليات التي اعتاد عليها جنوب لبنان منذ 7 أكتوبر الماضي.
ويرى الناشط اللبناني أن كلمة نصر الله التي أعلن خلالها أنه سيكون هناك إطار لهذه العملية، لا يتوقع أن تسبب الذهاب لحرب شاملة بين لبنان وإسرائيل، إنما هي محطة ومنعطف خطير لكنه ليس بالضرورة أن يؤدي لحرب شاملة.
وفيما يتعلق بالتسوية السياسية ومحاولة وقف الحرب، قال إن العملية ضغط إضافي من قبل إسرائيل، لتخفيف الضغط الداخلي على حكومة نتنياهو والقول إنها أحرزت نصرا ما، بعد أن عجزت في تحقيق نصر واضح ومحقق في غزة، وبعد أن فشلت في تحقيق الأهداف التي رفعتها منذ 7 أكتوبر، وإنهاء حركة حماس واستعادة الأسرى، وهذه الحكومة عاجزة وتتلقى الضربات وأصبحت مكشوفة أمام الرأي العام الإسرائيلي بأنها لم تستطع تحقيق هذه الأهداف مرتفعة السقف.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد هجمات نفذتها الأخيرة على مناطق وبلدات في غلاف غزة.
وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل نحو 1200 شخص، واختطاف نحو 240 على يد الحركة الفلسطينية ونقلهم إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردًا على ذلك، تشن إسرائيل قصفا متواصلا على القطاع، أسفر عن مقتل أكثر من 22 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفق سلطات القطاع الصحية، وتدمير البنية التحتية للقطاع، ووضعه تحت حصار كامل.
وتخللت المعارك هدنة دامت 7 أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، وتم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال، وإدخال كميات من المساعدات إلى قطاع غزة.