وسط تقارير عبرية تؤكدها... ما حقيقة تخطيط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين من غزة؟

مع النفي المستمر للتصريحات والتقارير التي تتحدث عن محاولات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى بلدان أخرى، لا يمكن إنكار النية الإسرائيلية حول هذه الخطوة في الوقت الراهن.
Sputnik
فإسرائيل التي تحدثت عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، صرّحت قيادات كبيرة داخلها عن ضرورة اتخاذ هذه الخطوة، فيما كشفت تقارير عن مباحثات سرية مع بعض الدول لإتمام هذه الصفقة.
ونقلت صحفية "تايمز أوف إسرائيل"، عن مصدر في مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، قوله إن "إسرائيل تجري مباحثات مع الكونغو ودول أخرى لقبول مهاجرين من قطاع غزة"، فيما نفت الصحيفة ذاتها على لسان مصدر رفيع هذه الخطوة.
وطرح البعض تساؤلات بشأن الخطط الإسرائيلية وموقف القانون الدولي، وكذلك مواقف الدول العربية والغربية، في حال صدقت هذه التقارير.
صحيفة: إسرائيل تجري مباحثات مع الكونغو ودول أخرى لقبول مهاجرين من غزة
مساع حقيقية
اعتبر الدكتور جمال نزال، المتحدث باسم حركة "فتح" وعضو مجلسها الثوري، أن التقارير العبرية التي تتحدث عن محادثات سرية بين إسرائيل مع بعض البلدان لاستضافة المهجرين الفلسطينيين، لا يمكن تكذيبها بالكلية، أو نفي نية إسرائيل في ذلك.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تسعى إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة ومن الأراضي الفلسطينية بشكل حقيقي، وليس موضع شك أبدًا.
وقال إن إسرائيل هندست كل المسرح وفخخت كل هذا المشهد وما يحدث في قطاع غزة، من أجل الوصول في النهاية إلى الظرف الذي يدفعها لتنفيذ خططها بتهجير الفلسطينيين.
غالانت: إسرائيل لن تسيطر على غزة مدنيا.. والمتحدث باسم الجيش: من الخطأ الكشف عن خططنا للعدو
صمت عربي
ويتفق المفكر السياسي الفلسطيني، عبد القادر ياسين، مع حديث نزال، حيث لم يستبعد أن تجري إسرائيل محادثات مع بعض الدول من أجل استيعاب بعض الفلسطينيين ممن سيتم تهجيرهم خارج قطاع غزة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يمكن لإسرائيل أن تُقدم على أي خطوات يراها البعض غير منطقية وغير معقولة، وما يجري في قطاع غزة من قتل المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، عبر سلاح الطيران "الجبان"، وهدم المنازل والبنى التحتية خير دليل، حيث تزعم أنها تقتل "حماس" على عكس الواقع.
وفيما يتعلق بإمكانية تدخل الدول العربية وممارسة ضغوط على هذه الدول لوقف مخططات التهجير - في حال صدقت التقارير العبرية - يقول ياسين، إن "هذه الدول صامتة صمت القبور، ولا يمكن انتظار أي موقف منها في صالح فلسطين والقضية، أو في صالح إنقاذ أرواح الفلسطينيين في قطاع غزة من آلة القتل الإسرائيلية".
أما عن سماح القانون الدولي بهذه الخطوات، وكذلك المجتمع الغربي وعلى رأسه أمريكا، أوضح أن "القانون الدولي هو مجرد صوت في يد القوي، يجلد من خلاله الضعيف، وفلسطين في هذه المعادلة هي الطرف الأضعف، والتي يتم استخدام القانون الدولي ضدها"، معتبرًا أن "الصمت الرسمي العربي والدولي على المجازر الإسرائيلية يدفع الاحتلال لارتكاب أي أعمال بكل راحة ودون أي معارضة أو ضغوط".
مسؤول إسرائيلي: الحديث عن تهجير سكان غزة "أوهام لا أساس لها"
حرب نفسية
بدوره، اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري، وخبير الشؤون الإسرائيلية، أن إسرائيل سبق لها تجربة مشروعات تهجير الفلسطينيين الوهمية والمخالفة للقانون الدولي، باعتبارها قائمة على نقل السكان أو ما يسمونه بالهجرة الطوعية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تحدث أكثر من مسؤول في إسرائيل عن تهجير الفلسطينيين، من بينهم ليبرمان، الذي أشار لنقل مليون ونصف مواطن فلسطيني من قطاع غزة، والحديث عن ضرورة فتح السياج الفاصل بين سيناء وغزة، ما يؤكد أن ما يحدث ليس هجرة طوعية بل قسرية ضمن مخططات إسرائيلية.
وأكد أن هذا يضاف إلى تخريب البنية التحتية في قطاع غزة، بمهاجمة المستشفيات والمحاكم والجامعات، ما يدل على تخريب متعمد وبالتالي عدم استطاعة المواطن في غزة أن يعيش حياة طبيعية، وكذلك مع عزوف الدول الثرية العربية عن إعادة تمويل ترميم وإعمار القطاع، في ظل العدوان الإسرائيلي المتكرر وفي ظل الضبابية التي تحيط بموقف إسرائيل من اليوم التالي للحرب، حول من يدير غزة، وإمكانية أن يقبل أحد أن يأتي على ظهر دبابة إسرائيلية لكي يدير القطاع.
ورأى أنور أن هناك حربًا نفسية تشنها حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وكذلك لتهدئة الرأي العام الإسرائيلي الغاضب الذي سجل فشلا أمنيا واستخباريًا واقتصاديًا مع تفشي الفساد وانقسام المجتمع، ويحمّل مسؤولية كل ذلك للحكومة الإسرائيلية.
وتابع: "الحكومة الإسرائيلية تقول إن السبب ليس كل هذا ولا حتى في عدم جهوزية جيش الاحتلال واستمراره للشهر الرابع دون تحقيق نجاح في غزة، وتزعم أن هناك حلولا أخرى متمثلة في الهجرة والتهجير والترحيل الجماعي، لكن هناك دولًا تعترض، من أجل أن يكون هناك مسوغ أو مبرر لاستمرار هذه الهجمة الشرسة ضد قطاع غزة، وفي نفس الوقت تستطيع الحكومة أن تستمر في توليها للسلطة لفترة أخرى، وبالتالي تتهرب من الإقالة والمحاكمة".
فرنسا تندد بالتصريحات الإسرائيلية الأخيرة حول غزة
تهجير طوعي
وكان أحمد مجدلاني، وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني، قد قال إن ترويج إسرائيل وحكومة نتنياهو لفكرة التهجير الطوعي للفلسطينيين من غزة، نتاج طبيعي لما حدث من تهجير قسري فرضته إسرائيل بقوة النيران.
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن إسرائيل دفعت مليونًا و900 ألف فلسطيني للهجرة من شمالي إلى جنوبي قطاع غزة، وتحديدًا من مدينة رفح، معتبرًا أن هناك حالة من فقدان الأمل مع جعل غزة غير قابلة للحياة، وعدم توافر كل الظروف والممكنات التي تجعل من الحياة قابلة للاستمرار حتى بعد وقف إطلاق النار ووقف العدوان.
وأعلن وزيرا الأمن القومي والمالية الإسرائيليان، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، دعمهما لـ"التهجير الطوعي للفلسطينيين" من قطاع غزة.
وزير فلسطيني يوضح لـ"سبوتنيك" تداعيات التصريحات الإسرائيلية بشأن التهجير الطوعي للفلسطينيين من غزة
وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباح يوم 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، استئناف العمليات القتالية ضد "حماس" في قطاع غزة، وذلك على خلفية اعتراض صاروخ أُطلق من قطاع غزة، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل بمثابة خرق للهدنة الإنسانية المؤقتة ووقف للأعمال القتالية ضد القطاع.
وحمّلت حركة حماس المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، المسؤولية عن استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وانتهت الهدنة المعلنة بين إسرائيل والفصائل المسلحة الفلسطينية، والتي استمرت لسبعة أيام، عند الساعة 7:00 من صباح يوم الجمعة 1 ديسمبر الماضي، تخللها إطلاق سراح المئات من المحتجزين والأسرى بين الطرفين.
وتخللت المعارك هدنة دامت لمدة سبعة أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، وتم خلالها تبادل للأسرى من النساء والأطفال، وإدخال كميات متفق عليها من المساعدات إلى قطاع غزة، قبل أن تتجدد العمليات العسكرية، في الأول من ديسمبر الماضي.
مناقشة