ويتزامن ذلك مع استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ أكثر من 3 أشهر دون أن تتمكن من تحقيق أهم أهدافها وهو القضاء على حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" وإعادة المحتجزين لديها.
وزعمت وسائل إعلام إسرائيلية، الأيام الماضية، إجراء محادثات بين تل أبيب وبعض العواصم الأفريقية من أجل نقل الفلسطينيين إلى تلك العواصم.
المشاورات التي زعمت وسائل إعلام أنها تجري بهذا الشأن، شملت دول تشاد والكونغو ورواندا، غير أن العواصم الثلاث نفت إجراء أي مشاورات في هذا الإطار، ومنها من أدان ما يحدث في قطاع غزة بشكل مباشر.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، حاول أعضاء في الحكومة الإسرائيلية ووسائل الإعلام الترويج لسيناريوهات نقل الفلسطينيين إلى خارج غزة، وأعلنوا أكثر من مرة عن نية ترحيلهم إلى سيناء المصرية والأردن، غير أن هذه الدعاوى تم رفضها بشكل قاطع من القاهرة وعمان.
ففي تشاد، لم يختلف الموقف الرسمي ولا الشعبي عن سائر الدول الرافضة لما يحدث في غزة، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية جزمت بإجراء مشاورات في هذا الإطار، في وقت تعالت فيه أصوات الكثير من الدول رافضة خطة التهجير التي تسعى لها حكومة نتنياهو.
الموقف التشادي
اللافت للنظر أن تشاد أعلنت في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، استدعاء القائم بأعمال سفيرها في تل أبيب للتشاور، بسبب الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، معربة عن إدانتها لقتل المدنيين الأبرياء.
وقالت وزارة خارجية تشاد، في بيان حينها: "استدعينا القائم بالأعمال في (إسرائيل) للتشاور، بسبب قتل المدنيين الأبرياء في قطاع غزة".
وأضافت: "تتابع تشاد بأكبر قدر من الاهتمام والقلق الوضع في الشرق الأوسط، ولا سيما موجات العنف المميت غير المسبوق في قطاع غزة".
نفي رسمي
كما نفت مصادر في الحزب الحاكم، إجراء أي مشاورات بين الجانب الإسرائيلي والتشادي بشأن نقل فلسطينيين إلى تشاد.
وقالت المصادر، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، إن "تشاد لم تجر أي محادثات بهذا الشأن، كما أنها لن تقبل بأي مقترحات من شأنها نقل الفلسطينيين إلى أراضيها".
موقف حقوقي
قال العابد مصطفى البشير، ممثل لجنة حقوق الإنسان في تشاد، إن "ما أطلق عبر "قناة 24" الإسرائيلية، هو "مجرد دعاية لتخفيف الضغط على "دولة الكيان" القمعية".
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "تشاد لن تقبل لا رسميا ولا شعبيا بنقل أي فلسطيني إليها استنادا إلى الموقف التاريخي الرافض للكيان المحتل من قبل الشعب التشادي بجميع أطيافه".
وتابع: "رسميا تشاد استدعت ممثلها بعد عمليات الإبادة الجماعية في غزة، إضافة إلى أن الشعب التشادي خرج في مظاهرات ضد دولة الكيان".
وأشار البشير إلى أنه "حسب ما يتوفر من معطيات، فإن تشاد لم تجر مفاوضات في المرحلة الحالية أبدا مع الجانب الإسرائيلي".
الموقف الشعبي
وشدد ممثل لجنة حقوق الإنسان على أن الموقف الرسمي ظاهرا رافض لما يحدث في غزة، خاصة أن رئيس الجمهورية أدان بشكل علني في خطابه للشعب التشادي ما يحدث في غزة، بمناسبة عيد رأس السنة.
وبشأن الموقف الشعبي، أوضح المسؤول التشادي أن "الشباب التشادي الآن يشن حملة إعلامية واسعة ضد ممارسة الكيان الإسرائيلي. مذكرا بأنه في السبعينيات رفض أبناء الشعب التشادي العلاج في مشفى إسرائيلي، شمالي البلاد".
وفي وقت سابق نفت وزارة الخارجية الرواندية ما وصفته بـ"المعلومات المضللة" التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تزعم وجود محادثات مع إسرائيل حول إمكانية نقل الفلسطينيين من غزة إلى رواندا، مؤكدة أنها معلومات "خاطئة تماما".
وقالت الوزارة: "لم يتم إجراء مثل هذا النقاش سواء الآن أو في الماضي، ويجب تجاهل المعلومات المضللة".
كما نفت الكونغو الديمقراطية على لسان متحدث باسم حكومتها مجددا أي شكل من أشكال التفاوض أو المناقشة أو المبادرة مع إسرائيل، بشأن الاستقبال المزعوم للمهاجرين الفلسطينيين على الأراضي الكونغولية، وهو الأمر الذي نفته تشاد أيضا، وهو ما اعتبره الخبراء الذين تحدثت معهم سبوتنيك"، محاولات تضليل تسعى بعض الجهات للترويج لها إعلاميا.
ويواصل الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية ضد قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" التي تسيطر على القطاع بدء عملية "طوفان الأقصى"، حيث أطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل واقتحمت قواتها مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1400 إسرائيلي علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وتخللت المعارك هدنة دامت 7 أيام جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، تم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال وإدخال كميات متفق عليها من المساعدات إلى قطاع غزة، قبل أن تتجدد العمليات العسكرية في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وأسفر القصف الإسرائيلي والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حتى الـ9 من يناير/ كانون الثاني الجاري، عن مقتل أكثر من 23 ألف قتيل ونحو 60 ألف مصاب، إضافة إلى نحو 7 آلاف مفقود، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".