ومع فشل تبرير دفاع إسرائيل ذرائع الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وقتل أكثر من 20 ألف شخص معظمهم من الأطفال والنساء، يطرح البعض تساؤلات حول إمكانية أن تزيد هذه الخطوة من العزلة الدولية لإسرائيل، وزيادة الآراء الغربية التي تعارض تحركاتها في ظل الدعم الأمريكي اللا محدود.
واتهمت جنوب أفريقيا، في وقت سابق، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب أعمال إبادة جماعية في قطاع غزة، مشددة على أن الهجوم الذي شنته حركة حماس، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه إسرائيل في غزة.
هدف الدعوى
اعتبر محمد كنعان، النائب العربي السابق في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، أن الهدف الأساسي من دعوى جنوب أفريقيا إظهار جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وحرب الإبادة التي تقوم بها، والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "القضية أثبتت أن إسرائيل عمليًا لا تحارب ولم تقتل مقاومي حماس والفصائل الأخرى، إنما هي تستهدف كل البنى التحتية في غزة، من تدمير البنى الصحية والمنشآت المدنية والمستشفيات والمدارس، وقتل النازحين بعد أن توجههم هي نفسها لأماكن النزوح".
وتابع: "ليس صدفة أن يكون هناك أكثر من 20 ألف قتيل المعلن عنهم غير المفقودين تحت الأنقاض، وأكثر من 70 ألف جريح، وأغلبهم من الأطفال والنساء، وهو ما يؤكد أن إسرائيل لا تهدف للرد على ما حدث في 7 أكتوبر، بل تدمير قطاع غزة كليًا".
وقال كنعان إن "الهدف الأساسي للعمليات الإسرائيلية هو تهجير الفلسطينيين من القطاع، وهو ما ظهر جليًا في محكمة العدل الدولية في الدعوى التي قدمت من دولة جنوب أفريقيا لفضح حكومة إسرائيل وممارساتها، والإدارة الأمريكية التي ساهمت منذ اللحظة الأولى في هذه الحرب المدمرة، وسط صمت العالم على ما يجري في القطاع والضفة، فهناك أكثر من 5000 معتقل في الضفة، إضافة إلى تدمير المؤسسات في مدن الضفة، والمحافظات الفلسطينية".
وأوضح أن الدعوى تكشف أمام العالم "الجرائم بحق الشعب الفلسطيني من قبل حكومة وجيش إسرائيل، والمستوطنين الذين يمرحون في الأرض فسادا ويقتلون وينهبون في الأراضي الفلسطينية".
وأشار النائب السابق بالكنيست، إلى أن القضية مهمة جدا وكان من المفروض أن تقوم بها جامعة الدولة العربية وليست جنوب أفريقيا، لكن سيكون لها ما بعدها وستترك أثرا كبيرًا فيما يتعلق بزيادة الضغط على إسرائيل وتنامي عزلتها بين دول العالم.
ضغط وعزل
بدوره، اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حركة فتح، أن دعوى جنوب أفريقيا بما تضمنته من تفاصيل فاقت التوقعات، حيث استجرت المأساة منذ عام 1948 وصمت المجتمع الدولي، وأسباب أحداث 7 أكتوبر، وحاولت أن تبررها بشكل منطقي، نتيجة فقدان الأمل وإرهاب الاحتلال وتصريحات حكومة نتنياهو، وحاولت جنوب أفريقيا قدر المستطاع إغلاق كل الزوايا على إسرائيل.
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن رد الدعوى من قبل إسرائيل كان ضعيفا في الحجة والدليل، وتكررت سيناريوهات وحجج للهروب، بقولها إنها أزمة إنسانية وليست إبادة جماعية، وحاولت أن تزج مصر في الأمر، على الرغم من أن موقف مصر واضح بأن من أغلق معبر رفح ويمنع دخول المساعدات إسرائيل، وهذا واضح للعيان.
وتابع الرقب: "الاحتلال حاول أن يوسع الدائرة ليهرب منها، ونتمنى ألا يطول ذلك، ويكون هناك قرار من محكمة العدل الدولية يتهم إسرائيل بممارسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، ثم نداءات عاجلة بوقف الحرب على غزة، وانسحاب الاحتلال من القطاع، وتحمل المجتمع الدولي مسؤولية إعادة الأمل للشعب الفلسطيني".
وقال إنه في حال نجحت هذه الدعوى، ستكون بمثابة ضغط على إسرائيل وعزل، وسيكون لدى كل من يريد مقاضاة إسرائيل من الـ 138 دولة المنضوية داخل محكمة العدل الدولية، الفرصة للقيام بذلك، بحسب قوانين هذه الدول.
وأكد أن "كل هذه الخطوات مهمة، ومن المهم أن نحقق انتصارا ولو معنويًا، صحيح لا تمتلك محكمة العدل الدولية أداة لتطبيق وتنفيذ الأحكام، لكن صدور قرار بإدانة الاحتلال سيكون انتصارا للشعب الفلسطيني".
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من أكتوبر 2023، حينما أعلنت حركة حماس، بدء عملية "طوفان الأقصى"، وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل في المقابل بضربات انتقامية، وأمرت بفرض حصار كامل على غزة، وشنت توغلا بريا في القطاع الفلسطيني بهدف معلن هو القضاء على "حماس" وإنقاذ محتجزيها لدى الحركة.
وتخللت المعارك هدنة دامت 7 أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، وتم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال من كلا الجانبين، وإدخال كميات من المساعدات إلى قطاع غزة.