ويعد ذلك الاكتشاف أول دليل على وجود الإنسان العاقل في شرق آسيا، ما يشير إلى أن الإنسان العاقل قد تأسس في "شيبو" بحلول ذلك الوقت، ويثير ذلك تفسيرًا جديدًا للتحف الثقافية التي تم العثور عليها سابقًا في الموقع.
وقال عالم الآثار فرانشيسكو ديريكو، من جامعة بوردو: "يعكس الموقع عملية التحليل الثقافي، الاتصال بين المجتمعات والشعوب التي تم نقلها، حيث يمزج السمات الموروثة مع الابتكارات الجديدة، ما يعقد الفهم التقليدي للتوسع العالمي للإنسان العاقل".
اشتهرت "شيبو" منذ عقود بأنها مكان ذو أهمية أثرية، حيث كانت مأهولة لفترة طويلة، ويبلغ عمق التسلسل الرسوبي فيها 30 مترًا (98 قدمًا)، وقد ترسبت الطبقات فيها على مدى عشرات الآلاف من السنين، حيث وجد علماء الآثار مجموعة متنوعة غنية من الأدوات والتحف التي صنعها واستخدمها الأشخاص الذين عاشوا هناك، مدفونة في الرواسب.
وأفادت مجلة عليمة بأن تحديد هوية هؤلاء الأشخاص والمدة التي عاشوا فيها، كان مشروعًا مستمرًا، حيث أسفرت الحفريات الأولى، في عام 1963، عن آلاف الأشياء منها 15000 قطعة أثرية حجرية، وآلاف القطع من العظام والأسنان، وأحفورة واحدة لأسلاف الإنسان، وقطعة من عظم الجمجمة تم تحديدها على أنها تنتمي إلى الإنسان العاقل.
وأكد العلماء أن التأريخ كشف أن أقدم طبقة من التسلسل ترسبت، منذ نحو 45000 سنة، وكشف تحليل القطع الأثرية عن مجموعة من المهارات التكنولوجية، مثل تقنية "ليفالوا" لقطع الحجر، التي تم تطويرها في أوروبا منذ نحو 250 ألف سنة، بحسب مجلة "ساينس أليرت" العلمية.
وقال عالم الآثار مايكل بيتراغليا، من جامعة غريفيث في أستراليا، إن "فهم تعقيدات ماضينا القديم يمكن أن يقدم رؤى لا تقدر بثمن حول المسارات المتنوعة التي سلكها أسلافنا وثراء التكيف البشري".
وختم، بالقول: "يكشف هذا الاكتشاف في "شيبو" قصة آسرة عن الهجرة البشرية المبكرة والاندماج الثقافي، ما يوسع معرفتنا بأصولنا القديمة والقدرة الرائعة على التكيف لدى الإنسان العاقل".