التظاهرات التي بدأت يوم السبت بمشاركة الآلاف ولا تزال مستمرة حتى اليوم الاثنين، حيث أغلق عدد من المتظاهرين باب الكنيست الإسرائيلي، قبل أن تفرقهم الشرطة، في مطالبة بسحب الثقة عن الحكومة والدخول في انتخابات مبكرة.
وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس وزراء الحكومة السابق، يائير لابيد، إن هناك عددا كافيا من أعضاء ائتلاف نتنياهو لم يعد بإمكانهم تحمل الأمر، مشيرًا إلى أن الانتخابات المبكرة آتية لا محالة إما بحجب الثقة أو تصويت الأغلبية لصالح حل الكنيست.
وطرح البعض تساؤلات بشأن تصاعد الخلافات في إسرائيل، وإمكانية أن تقود التظاهرات الشعبية والضغوط الدولية إلى سحب الثقة من حكومة نتنياهو أو إعلان الانتخابات المبكرة.
خطة نتنياهو
اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار في العلاقات الدولية، أن نتنياهو نجح في رشوة الائتلاف الحكومي الحاكم، عبر تمرير الموازنة العامة لإسرائيل لعام 2024، وهي تتجاوب كثيرًا مع المطالب الدينية.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن هذه الموازنة ترضي الأحزاب اليمينية المتطرفة والائتلاف الحاكم، والتي حصلت على دعم مالي من نتنياهو، إضافة إلى موافقة الموازنة على كل مطالب الجيش، مؤكدًا أن سقوط الحكومة مرهون بانسحاب أي من القوى الائتلافية.
وقال شعث إن انسحاب أي حزب من الأحزاب الائتلافية التي تشكل الحكومة الضيقة والصغيرة هي فقط من تسقط الحكومة، لكن طالما هذه الأحزاب تحصل على ما تريده من مال وقوة ونفوذ لا يمكنها المغامرة بمركزها من أجل تحقيق مطالب المعارضة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن التظاهرات لن تجدي نفعًا في مسألة سحب الثقة ومحاولة إسقاط الحكومة، لكنها قد تحسن شروط وقف الحرب، وتضغط على نتنياهو لوقفها أو تخفيف حدتها، وكذلك إمكانية دفعه لإجراء صفقات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الإسرائيليين.
وأنهى حديثه قائلًا: "الحكومة راضية عن نفسها، ومتماسكة بتأليفها المتطرف واليميني، ولن تقبل بإجراء انتخابات مبكرة، أو فكرة انسحاب شخصيات من الائتلاف الحكومي، وهو ما يؤكد بأن الحكومة قد تستمر لعام 2025، كما يخطط نتنياهو".
إمكانية التغيير
اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن التظاهرات التي تشهدها مدينة تل أبيب وعدد من المدن الرئيسية في إسرائيل، ويشارك فيها الآلاف من الفلسطينيين، تطالب في المقام الأول بإعادة المختطفين لدى حركة حماس، وهي قضية باتت مقلقة لنتنياهو وحكومته.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "الرأي العام في إسرائيل داعم لأهالي المخطوفين، وأصبح يحمل شعارا مركزيًا بإجراء انتخابات مبكرة للكنيست، لأن المطالبة باتت بضرورة تغيير الحكومة اليمينية المتطرفة، حكومة الحرب والدمار وسفك الدماء، في ظل وضع لم يعد مقبولا لدى الإسرائيليين".
وقال إن نتنياهو لا يتعجل في إنهاء الحرب وتقديم الانتخابات، حيث يدرك جيدًا، بأنها ستكون الفترة الأخيرة له كرئيس للحكومة وزعيم لأكبر حزب في البرلمان، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن وضع نتنياهو وحزب الليكود والأحزاب الحاكمة صعب للغاية، وسيكون هناك تغيير برلماني وحكومي، قريب، مؤكدًا أن هذه التظاهرات تعزز وتزيد من إمكانيات تغيير الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة ما بعد انتهاء الحرب.
وأوضح أنه ليس هناك إمكانية لإجراء الانتخابات البرلمانية خلال الحرب، وخاصة أن إسرائيل ستشهد في الشهر القادم انتخابات محلية للمجالس البلدية في كل إسرائيل، عربا ويهودًا، وهذا الأمر عمليًا لا يتيح إجراء انتخابات برلمانية، لكن دون شك، فإن الحرب ونتائجها ستكون لها الدافع المركزي في إجراء انتخابات مبكرة أكثر مما توقع نتنياهو.
وبين أن الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي بات صعبًا، وكذلك توتر العلاقات مع الإدارة الأمريكية بسبب التمادي في القتل والدمار بقطاع غزة، وأن الحرب ليست لإعادة المختطفين والقضاء على حماس، بل للتخلص من المواطن الفلسطيني، والبنية التحتية وكل مؤسسات قطاع غزة، موضحًا أن الضغوط العالمية والمحلية والإقليمية على حكومة نتنياهو قد تدفع لتغيير الوضع السياسي والحكومة في إسرائيل.
يشار إلى أنه خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، تظاهر المئات من الإسرائيليين، للمطالبة برحيل بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء في البلاد، وحكومته أيضا.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن المئات من الإسرائيليين تظاهروا، للمطالبة بإقالة حكومة نتنياهو، والدخول في عملية انتخابات فورية.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة، في 7 أكتوبر 2023، بعد هجمات مفاجئة نفذتها "حماس"على مستوطنات في غلاف غزة.
وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي، واختطاف نحو 240 على يد الحركة الفلسطينية ونقلهم إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية، فيما خلّف القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع دمارًا هائلًا، وتسبب في مقتل نحو 25 ألف فلسطيني، وعشرات الآلاف من المصابين، إضافة إلى التسبب بأزمة إنسانية خانقة.