الأردن الذي يعاني من التضخم والأزمات الاقتصادية الكبيرة، ويسعى للتعافي بشكل تدريجي خلال الفترة الماضية، يحذر البعض من تأثره بسبب التوترات التي تشهدها الممرات البحرية.
ودعا رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، الوزارات والجهات المعنية إلى اتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة للتعامل مع الآثار التضخمية المحتملة على السوق الأردنية وعلى العالم، بسبب التطورات الإقليمية الناجمة عن الحرب في قطاع غزة، والتوتر الجاري في البحر الأحمر.
إجراءات عاجلة
اعتبر الدكتور محمد عبدالستار جرادات، المستشار الاقتصادي الأردني، أن تواصل الحرب على غزة والتوترات في البحر الأحمر له تأثير سلبي على الاقتصاد الأردني، والعالم على المستوى القصير، ومن المتوقع أن تتفاقم على المدى الطويل، في مختلف القطاعات الاقتصادية، نتيجة الآثار التضخمية المحتملة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تأتي هذه التحركات بعد أن بدأ الاقتصاد الأردني في التعافي في الربع الأخير من العام الماضي، مع دفع رئيس الحكومة بتوجيه الوزراء لاتخاذ تدابير وإجراءات لمواجهة هذه التداعيات وضمان انتظام سير الحياة الاقتصادية نتيجة الأثر الذي بدأ يظهر بسبب تأخر الشحن وارتفاع كلفته والتأمين.
وتابع: "من هذه الإجراءات توجيه المؤسسة الاستهلاكية المدنية أن تسعى لتوفير مخزون المواد الأساسية للحفاظ على الأسعار، لنهاية شهر رمضان المبارك وأن تتحمل الحكومة ارتفاع أي كلف محتملة بغض النظر عن التكلفة، وكذلك توجيه وزير الصناعة والتجارة بتشديد الرقابة على الأسواق والمحافظة على المخزون الاستراتيجي من المواد الأساسية لردع أي فئات تحاول استغلال هذه الظروف".
وأوضح أن "الحكومة شددت على ضرورة مراقبة أوضاع وانتظام حركة الشحن التي لم تتوقف لحد اليوم، لكنها بدأت في التأخر وارتفعت كلفها من شحن وتأمين وبدأت آثارها تنعكس على التاجر والمستهلك".
وأكد أن البنك المركزي الأردني مستمر في تقديم بعض النوافذ التمويلية للتجار لضمان ديمومة استمرار السلع الأساسية، كما كان هذا البرنامج قائما في فترة كورونا، إضافة إلى اتخاذ تدابير بشأن وضع سقف جمركي على قائمة الحاويات الواردة لسعرها، وتحديد سقفها كما كان قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول أي قبل بداية الحرب على غزة.
ويرى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تسعى لتقديم كل الحلول المطلوبة للحد من أي آثار تضخمية قد تنتج عن التوترات المشتعلة في البحر الأحمر، ومن أجل دعم المواطنين الأردنيين، معتبرًا أن الأردن مستمر في موقفه تجاه القضية الفلسطينية ودعم الأشقاء وإرسال المساعدات والمواد الأساسية التي يحتاجها المواطنون هناك.
المدى المتوسط والبعيد
في السياق، اعتبرت لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية، أن حركة السفن في البحر الأحمر لم تتعثر بشكل حقيقي، باستثناء تلك التي أوضحت جماعة "أنصار الله" اليمنية، ومنها المرتبطة بإسرائيل، أو طبقا للشروط ما بعد الحرب الأمريكية البريطانية.
وبحسب حديثها لـ "سبوتينك"، حركة السفن بطيئة لكنها ليست بالسلبية التي تثيرها آلة الإعلام الغربية والإسرائيلية والأمريكية، التي تتعامل بأسلوب التضخيم لكل من يعاديها.
وترى العبسة أن الخطر رغم ذلك لا يزال قائما، وعلى المدى المتوسط والبعيد في حال استمر الصراع ستتأثر المنطقة بدون استثناء، لكن الأثر في الوقت الراهن محدود جدًا.
وأوضحت أن التأثير على الأردن لا يزال سطحيًا وبعيدًا، وبانتظار أن تطوى هذه الصفحة بشكل أو بآخر، والاستماع من قبل أمريكا إلى الأطراف الأخرى.
وبينت أن الحكومات عليها اتخاذ التدابير اللازمة، خاصة في الأردن من أجل كبح جماح التجار، والذين قاموا برفع الأسعار ما بين 40 إلى 60%، حتى قبل الضربة البريطانية الأمريكية على جماعة "أنصار الله".
وترى أن رفع الأسعار والعودة لمربع التضخم يزيد أعباء الاقتصاد الأردني، وعلى الحكومة مراقبة الأسعار وإيجاد طرق بديلة وفورية للشحن وإن كانت أكثر تكلفة، لكنها الأكثر موضوعية.
وقال رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، إنه وفق التقديرات الأولية، بالإضافة إلى تقديرات وزارة النقل ووزارة الصناعة والتجارة والتموين في الأردن، فإن تكاليف شحنات النقل ارتفعت بواقع 160 إلى 170%، تقريباً للشاحنات القادمة من جنوب شرق آسيا، فيما ارتفعت التكاليف من 60 إلى 100% للشاحنات والحاوية الواردة من أمريكا الشمالية وأوروبا، بالإضافة إلى رسوم تأمين البضائع المستوردة التي ارتفعت هي الأخرى.
وقال إن هذا الحال إذا استمر سيحدث أثرا تضخميًا، ينعكس على أسعار السلع والبضائع.
ودعت "أنصار الله" اليمنية، الثلاثاء، شركات الشحن البحري التي تسلك مسار البحر الأحمر لاستمرار عملياتها بشكل طبيعي.
وحسب وكالة "سبأ" التابعة للحركة، قالت "أنصار الله" في بيان: "ندعو شركات الشحن التي تبحر بالبحر الأحمر لاستمرار عملياتها بشكل طبيعي طالما أنها لن تتجه إلى إسرائيل".
وأضاف البيان أن "العمليات في البحر الأحمر مرتبطة بإنهاء العدوان العسكري ودخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والوقود إلى قطاع غزة".
وتصاعد التوتر جنوبي البحر الأحمر، بعدما أعلنت "أنصار الله" اليمنية استهداف سفن تقول إن لها صلة بإسرائيل أو متجهة إليها أو قادمة منها، ردًا على الحرب الدائرة في قطاع غزة.
وردًا على ذلك، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا هجوما واسعا على مدن يمنية عدة، استهدف مواقع تابعة لـ "أنصار الله".
وأعلن البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) أن سلاح الجو الأمريكي نفذ ضربات متعمدة على أكثر من 60 هدفا تابعا لـ"أنصار الله" واستخدم أكثر من 100 قذيفة موجهة بدقة من مختلف الأنواع في الهجوم.
وبحسب البنتاغون، تعرضت مراكز القيادة والتحكم ومستودعات الذخيرة ومنشآت الإنتاج والرادارات التابعة لـ"أنصار الله" للهجوم.
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، تصنيف حركة "أنصار الله" اليمنية، "منظمة إرهابية عالمية"، وذلك على خلفية استهداف الحركة سفنًا تجارية في البحر الأحمر.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان: "نعلن إدراج حركة أنصار الله في قائمة الجماعات الإرهابية في قرار سينفذ بعد 30 يومًا"، مضيفة أن "الحوثيين شنوا هجمات غير مسبوقة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وضد القوات المتمركزة في المنطقة".
من جهتها، اعتبرت "أنصار الله"، أن قرار أمريكا إعادة تصنيفها منظمة إرهابية "لا قيمة له"، مشددة على أنه لن يغير من موقفها المتضامن مع الشعب الفلسطيني، من خلال منع السفن المرتبطة بإسرائيل من المرور في البحرين الأحمر والعربي.