وتبحث الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعد لاعبا أساسيا في الملف الليبي، عن بقاء نفوذها وتعزيز علاقاتها مع الأطراف الليبية المتخاصمة.
النفوذ الأمريكي
من جهته، يرى عبد الله الديباني، الخبير بالشأن السياسي الليبي، أن "المشهد السياسي في ليبيا يعاني من ركود وانسداد سياسي، ولا يوجد أي نوع من التحريك لهذا الجمود السياسي، لأن كل المبادرات التي قدمتها البعثة الأممية وعبد الله باتيلي، والتي كان آخرها المبادرة التي صرح فيها بأنها الحل للأزمة الليبية وهي مبادرة الأطراف الخمسة والتي لم تكن الحل للأزمة".
وقال الديباني إنها "لم تكن حلا للأزمة لسببين، الأول هو أن باتيلي ظهر كأول مبعوث يتخبط في مبادراته وفي عملية حل الأزمة وهذا الأمر يدل على عدم تحكمه في أدوات إدارة الأزمة في ليبيا، أما السبب الثاني هو غياب الدعم الدولي كالدعم السابق للأمين العام للأمم المتحدة بتكليفه لستيفاني، اليوم باتيلي لا يملك هذا الدعم ولم يستطيع الحصول على قرار دولي لمبادرته وإنما تحصل على تأييد".
وتابع الديباني في تصريحه لـ"سبوتنيك"، أن "هذه الزيارة من الممكن أن تجدد مبادرة الولايات المتحدة في ضرورة وجود حكومة جديدة توحد البلاد وتتحكم في زمام الأمور فيها، كما يرى بأن هذه الزيارة قد تساهم في تعجيل ملف تشكيل الحكومة خاصة وأن جلّ الأطراف في الشرق الليبي هم من طالبوا بهذا الشرط، ومتشبثين بهذا الأمر وهو ضرورة إنهاء الانقسام في السلطة التنفيذية وضرورة توحيدها، لتكون ليبيا ممثلة في حكومة واحدة".
وأضاف أن "أمريكا تريد إدارة الأزمة"، مؤكدا بأنها "تريد إدارة الأزمة بما يتماشى مع مصالحها ويخدم توجهاتها، خاصة بأن هناك تدخلات دولية أخرى في الملف الليبي، وهذا الأمر يتعارض مع مصالح أمريكا في أفريقيا، لهذا أن أمريكا تريد الحفاظ على مصالحها وعدم اتساع النفوذ الدولي لأي منافس لها في ليبيا".
وأوضح الديباني أن "مبعوث البيت الأبيض نورلاند، يميل نحو تحقيق مطالب مجلس النواب وقيادة الجيش الليبي نحو تشكيل حكومة واحدة، كذلك يمكن أن تحسب هذه الزيارة بأن المبعوث الأممي باتيلي، هو في مرحلة التجهيز للانتخابات الرئاسية في السنغال، وبالتالي سوف يؤدي قرب انتخابات السنغال إلى تقدم باتيلي بطلب إعفائه كرئيس للبعثة، وبالتالي أن أمريكا تحاول تمرير مرشحها السابق، الذي تقدمت به لرئاسة البعثة، وأن هذه الزيارة هي دراسة للوضع الحالي لليبيا".
المصالح الأمريكية
في هذا الجانب، يقول المحلل السياسي، إدريس أحميد، إن "الولايات المتحدة الأمريكية لاعب أساسي في العملية السياسية في ليبيا، وكان لها دور كبير لما حدث في ليبيا عام 2011، في إطار البحث عن مصالحها، وهي من الدول التي وعدت الليبيين بالديمقراطية، وبالتداول السلمي للسلطة، مع مرور الوقت أصبح دور الولايات المتحدة الأمريكية مجرد حديث ووعود بإجراء الانتخابات في ليبيا، أي دورها أصبح مرتبط بالتصريحات فقط".
وتابع أحميد في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أن "خير مثال على ذلك هو العشرية الأمريكية التي أطلقها الرئيس الأمريكي بايدن، هذه العشرية التي لم يشاهد منها أي شيء، بسبب انهماك أمريكا في عدة ملفات أكثر أهمية".
ويرى أحميد أن "أمريكا ترى في المشهد الليبي أطرافا معينة موجودة في المشهد وهي المسيطرة، ولم ترى أطرافا أخرى أو ضغطا شعبيا كبيرا، والدليل على ذلك إنها تدخلت في انتخابات 24 ديسمبر 2021، لأنها رأت دخول أطراف أخرى قد تؤثر على سير العملية الانتخابية، عندها وصل إلى ليبيا عدة مبعوثين من الولايات المتحدة في زيارات رسمية منها رئيس المخابرات الرسمية وغيرها من الشخصيات ولم تحقق هذه الزيارات شيء".
ويعتقد أحميد بأن "الولايات المتحدة الأمريكية لها مصالح واضحة في ليبيا، ولكن في هذا الوقت وفي ظل الانتخابات الأمريكية لن تتصرف أمريكا بقوتها المتوقعة، لأنها فترة حرجة، بالإضافة إلى التطورات الأخرى منها الملف الأوكراني وصراعها مع روسيا، وعملية طوفان الأقصى، بالإضافة إلى المتغيرات الأخرى التي أربكت السياسة الأمريكية".
وأوضح أن "الليبيين يعتقدون أن الولايات المتحدة منشغلة بالملف الليبي، كما أن الليبيين مختلفين ولم يتفقوا حتى اليوم، بالإضافة إلى التدخلات الإقليمية في الشأن الليبي، مع العلم بأن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والكبرى تعرف طريق الحل في ليبيا، ولكن ما لم يتحد الليبيون ويكون لهم صوت لن يكون هناك حسم للحل الليبي".
واعتبر أن "الزيارات التي يقوم بها الأمريكان هي زيارات لكل الأطراف الليبية ولكن أبرزها زيارة مبعوثي الولايات المتحدة للقيادة العامة للجيش الليبي، والتحاور معها كونها طرف كبير وأساسي في المشهد الليبي، ويروا بأن القيادة تمتلك علاقات هامة مع دولة روسيا الاتحادية، محاولين فتح آفاق الحديث مع قيادة الجيش في محاولة لاستمالة القيادة العامة للجيش مع المصالح الأمريكية وهذا أمر قد يكون عاملا مساعدا في حل الأزمة الليبية، بالإضافة إلى البرلمان الليبي والعلاقات به".