جدل حول أداء البعثة الأممية ورئيسها عبد الله باتيلي في ليبيا

دار جدل كبير حول أداء البعثة الأممية ورئيسها عبد الله باتيلي في ليبيا، حيث يرى محللون أن البعثة والمندوب الأممي ساهموا بشكل كبير في زيادة الأزمة الليبية وبأنهم لا يسعون لوجود حل حقيقي يخلص البلاد من ويلات الانقسام السياسي.
Sputnik
تعددت مبادرات البعثة وحواراتها التي لم تسهم في صنع الحل النهائي لإنهاء حالة الانقسام الحالية والوصول إلى الانتخابات التي انتظرها الجميع.
وفي هذا الشأن يرى المحلل السياسي، أحمد البرشا، أن إخفاقات البعثة الأممية متوقعة، لأن "المبعوث ألأممي عبد الله باتيلي شأنه شأن الثمانية مبعوثين الأميين الذين سبقوه، ليس له حرية الرأي ولا يملك القرار، من يملكون القرار هم أنفسهم من صنعوا الأزمة إذا ليس من المعقول أن نتوقع منهم الحل"، وفق قوله.

تمييع الأزمة في ليبيا

وتابع البرشا في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" بأنه لا يتوقع من هذه البعثة ولا من غيرها إلا المزيد من إطالة أمد هذه الأزمة أو الكارثة التي حلت ببلادنا منذ فبراير/ شباط 2011.
وأضاف أن الغريب في هذه المماطلات أن البعثة تتميز بذاكرة ضعيفة جدا ففي بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، أشاد باتيلي بالتقدم الذي تحرزه لجنة 6+6 قائلا، "فرصة لكسر الجنود السياسي"، وأن اللجنة عالجت العديد من المخاوف التي حددتها المفوضية العليا للانتخابات والبعثة الأممية، ثم يتراجع في نهاية الشهر لينتقد القوانين الانتخابية الصادرة من 6+6 بل عارضها وأثبت انحيازا لحكومة الوحدة الوطنية رغم موافقة مجلس النواب والدولة.
ليبيا.. الحكومة المنبثقة عن البرلمان تتهم المبعوث الأممي بأنه لا يصلح لإدارة الأزمة الليبية
وأكد أنه لا يمكن لأحد أن ينهي أزمة هو مستفيد من استمرارها، سواء على مستوى الدول النافذة في الشأن الليبي أو المبعوثين الذين يتقاضون مرتبات خيالية تستمر ما استمرت الأزمة في ليبيا.
وأردف "تمييع القضية الليبية مستمر، وليست البعثة الأممية فقط هي من يريد تميع القضية والابتعاد عن الحل"، مؤكدا أن "جميع ما قامت به البعثة ومن دون استثناء هو حصر للمشاكل فقط، وجميعهم يقوم باستدعاء وجوه بعينها بدل أن يطلب من الأطراف أن ترسل مندوبيها، وغالبا هذه الوجوه هي وجوه خلافية لن تساهم في حل الأزمة في ليبيا".
وأشار إلى أن باتيلي لم يستطع أن يكلف حكومة تنفذ ما جاء في لجنة 6+6، وعليه سوف تستمر الأزمة ولا يوجد إلا حل عسكري أو ثورة شعبية تطيح بكل من تواجدوا في المشهد السياسي في ليبيا، الوجوه التي أهانت ليبيا وأوصلتها إلى حافة الإفلاس، على حد وصفه.

غياب التوافق الدولي

فيما يرى المحلل السياسي الياس الباروني في تصريحه لـ"سبوتنيك"، أن اخفاقات البعثة ألأممية في ليبيا تعتبر نتيجة عدم حدوث توافق دولي حول القضية الليبية، هناك تنافس وصراع في الدول الكبرى حول ليبيا، هذه الدول لها رؤى مختلفة وأبعاد مختلفة أدى هذا التنافس للوصول إلى صراع بين هذه الأقطاب في كيفية إدارة الملف الليبي لصالحها دون النظر إلى الرؤية الليبية الليبية، وأن التصريحات الدبلوماسية تقول يجب أن يكون الحل يجب أن يكون ليبيًا ليبيًا، ولكن في الحقيقة الملف الليبي يدار من قبل الدول المختلفة التي تبحث عن السيطرة في بسط النفوذ والسيطرة على مقادير الدولة الليبية والموقع الجيوسياسي الذي تتمتع به ليبيا.
المبعوث الأممي إلى ليبيا يؤكد ضرورة تشكيل حكومة ومجلس نواب موحدين وإقرار قانون الانتخابات
وتابع الباروني: "هذا الصراع أدى سلبا على عدم دعم البعثة ألأممية التي تتكون من قبل هذه الدول، وانعكس هذا الصراع سلبا على مستوى أداء البعثة الأممية وكافة المبعوثين السابقين لم يقتصر الأمر على باتيلي، وسوف ينعكس هذا الأمر على المبعوث الجديد حتى لو تغير باتيلي وإن لم يحدث هناك اتفاق سوف يؤثر هذا الأمر سلبا على الملف الليبي".
وأضاف: "لا يمكن القول أن البعثة أصبحت عائق في الحل، ولكن طيلة السنوات الماضية ومنذ أكثر من عشر سنوات لم تستطع الأمم المتحدة إدارة الملف الليبي بجدارة خاصة بعد سقوط نظام القذافي، أي أن لبعثة لم تقم البعثة بدور كبير وهام، وهذا الأمر ينعكس بطبيعة الحال على الدول التي تتكون منها هذه البعثة، بالإضافة إلى بعض الإخفاقات السابقة نتيجة بعض الإغراءات التي وجهت لبعض المبعوثين، أدى هذا الأمر إلى غياب المصداقية بين الأطراف الليبية والبعثة ألأممية، وبالتالي أصبحت هناك شكوك تجاه البعثة ونفس الوقت أثر ضعف مستوى الأداء إلى إطالة عمر الأزمة الليبية بدل أن تقوم بالحل النهائي والجذري والصحيح".
واعتبر الباروني أن البعثة أصبحت من الأدوات المعيقة لحل الأزمة الليبية بدل أن تكون داعمة للحل أصبحت معوقة للتقدم نحو الحل.
رئيسا حكومة الوحدة والأعلى للدولة في ليبيا يقبلان دعوة باتيلي لحوار وطني بين الأطراف الليبية
وأوضح أن عدم وجود توافق بين الأطراف الليبية أدى إلى اختلاف الرؤى الولاءات الدولية والإقليمية، وانعكس هذا الأمر على مستوى أداء البعثة ورئيسها الذي أصبح في حيرة للوصول إلى توافق بين هذه الأطراف، حتى بعد أن طرح مبادرة الطاولة الخماسية التي لم تحظى بالقبول نتيجة الاتهامات المتبادلة، ونتيجة إلى غياب الرضا الشعبي بين هذه الأطراف التي يسعى الشعب الليبي إلى استبعادها من المشهد لأنها عملت على العبث بالأمن القومي الليبي أو التعامل مع الجهات الأجنبية التي يجرمها قانون العقوبات الليبي.
ولفت الباروني إلى أن دور البعثة سوف ينتهي في حال حدوث توافق بين الأطراف الدولية وتوافق القوى الدولية المؤثرة في الشأن الليبي، إذا كانت هناك إرادة دولية لحل الأزمة في ليبيا سوف ينعكس هذا الأمر إيجابا على الوضع في ليبيا، ولكن نتيجة الاضطرابات الحالية لن يكون هناك حل يلوح في الأفق.
مناقشة