وتابع الشلالدة، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "الدعوى ستظل رمزا لانتصار مبادئ وقواعد القانون والأخلاق الدوليين، والضمير الإنساني والتي تسود على أحكام القوة".
وأضاف أن "نجاح المرافعة باتخاذ التدابير المؤقتة هي انكشاف لدولة الفصل العنصري "الأبارتهايد"، وصفعة قانونية للفكر الصهيوني، وهذه الدعوى ترسيخ لقيادة القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
واعتبر أن "التدابير المؤقتة التي اتخذت اليوم من قبل محكمة العدل الدولية الغرض منها حفظ حقوق الأطراف، وعدم اتخاذ ما من شأنه أن يفاقم النزاع أو يتسبب في وقوع ضرر لا يمكن إصلاحه، أو لا يمكن لأي شكل من أشكال الجبر تداركه، حتى يصدر الحكم النهائي، وهذه التدابير المؤقتة تعني الحيلولة ومنع الاستمرار في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني".
وأردف، قائلا: "الشق الثاني والأهم في هذه الدعوى المرفوعة هي تأخذ فترة لإثبات ركني الجريمة المادي والمعنوي لجريمة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، وسيصدر حكما قضائيا بتحميل إسرائيل المسؤولية القانونية عن ارتكابها جريمة الإبادة الجماعية، وسيتم إلزامها بجبر الضرر والتعويض على كافة الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني جراء الجريمة".
وفيما يتعلق بعدم تضمين الحكم وقفا فوريا للحرب في غزة، قال الشلالدة: "اتُخذت العديد من المطالب لدى دولة جنوب أفريقيا، ولكن كان على رأس هذه الطلبات تعليق العمليات العسكرية على الفور، لكن للأسف الشديد لم يتم اتخاذ الطلب، ولم يتم مناقشته من قبل قضاة المحكمة، لكن على أرض الواقع نعتبر أن كافة التدابير المؤقتة التي اتخذت من قبل المحكمة، هو نجاح لهذه القضية، ونشكر دولة جنوب أفريقيا وقضاة المحكمة عن النزاهة والشفافية في اتخاذ هذه التدابير التي مستقبلا ستصل لحكم قضائي عادل للشعب الفلسطيني".
ويرى أنه "بناء على مثول إسرائيل أمام المحكمة وهي طرف مصادق على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وهي طرف كذلك في النظام الأساسي لمحكمة العدل، فإنها ملزمة بتنفيذ كل ما يترتب من آثار تتخذها المحكمة من تدابير مؤقتة أو أحكام قضائية".
وأشار وزير العدل الفلسطيني إلى أن "التدابير تتمتع بقيمة قانونية بمستوى الحكم القضائي الذي سيصدر، وإسرائيل ملزمة بتطبيق واحترام هذه التدابير، ووفقا للقانون الدولي إذا أخلّت أو لم تلتزم إسرائيل بتنفيذ أي بند من هذه البنود، من حق دولة جنوب أفريقيا أن تلجأ إلى مجلس الأمن، الذي يتخذ بدوره القرارات حسب الضرورة، سواء توصيات أو أمر القصر بالقوة الجبرية لدفع إسرائيل لتنفيذ القرار".
وأوضح الشلالدة أن "هذه القضية ستسهل مهمة الضحايا الفلسطينيين بملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، باعتبار أن محكمة العدل هي محكمة دول وذات طابع مدني تحمل مسؤولية مدنية، بينما المحكمة الجنائية الدولية للأفراد وسيتم ملاحقة مجرمي ومقترفي هذه الجرائم، سواء الإبادة الجماعية أو جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب أمام القضاء الجنائي الدولي، أو أي محاكم أخرى مماثلة في أفريقيا وأوروبا، باعتبار أن هذه الجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم".
وفي وقت سابق من اليوم الجمعة، أمرت محكمة العدل الدولية، إسرائيل باتخاذ تدابير منع وقوع أعمال "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، لكن القرار لم يتضمن نص "وقف إطلاق النار".
جاء ذلك خلال جلسة عقدتها المحكمة للبت بطلب جنوب أفريقيا اتخاذ تدابير احترازية في دعوى "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضد إسرائيل.
وذكرت محكمة العدل الدولية: "نحن على علم بالمأساة في غزة وقلقون للغاية بشأن خسائر الأرواح هناك، ونؤكد ولايتنا القضائية للبت في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل".
وأضافت أنه "لجنوب أفريقيا الحق في رفع الدعوى ولا يمكن قبول طلب إسرائيل بردها، لدينا صلاحية للحكم بإجراءات طارئة في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل".
وشددت المحكمة على أن "إسرائيل عليها اتخاذ إجراءات من أجل منع ومعاقبة ووقف ارتكاب الإبادة الجماعية ضد المجموعات الفلسطينية".
وتابعت: "أخذت المحكمة بعين الاعتبار عددًا من التصريحات لمسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى بشأن رفع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين".
وأردفت، بالقول: "إسرائيل عليها اتخاذ إجراءات فورية لتوفير الخدمات الأساسية المطلوبة في حالة الحرب للفلسطينيين، الذين يعانون من ظروف صعبة، واتخاذ تدابير لمنع تدمير الأدلة حول ارتكاب إبادة جماعية".
واتهمت جنوب أفريقيا، في 11 كانون الثاني/ يناير الجاري، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بارتكاب "أعمال إبادة جماعية" في قطاع غزة؛ وشددت على أن الهجوم الذي شنته حركة حماس، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه إسرائيل في قطاع غزة.
وطالبت جنوب أفريقيا بالتعليق الفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، مع ضمان حصول سكان القطاع على الغذاء والماء والمساعدات الإنسانية.
كما دعت جنوب أفريقيا المحكمة إلى إلزام إسرائيل بالامتناع عن أي أعمال يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع وعرقلة عمل المحاكمة.
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 26 ألف قتيل وأكثر من 64 ألف جريح فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال أكثر من 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل في أنحاء القطاع.