وفق بيان رسمي للمتحدث باسم الحكومة، العقيد عبد الله مايغا، قال فيه: "إن المجلس العسكري يعزو مسؤولية إنهاء الاتفاق إلى "التغير في مواقف بعض الجماعات الموقعة" وكذلك "الأعمال العدائية" من جانب الوسيط الرئيسي الجزائر".
ورعت الجزائر الحوار الذي قاد لاتفاق عام 2015 بين الحكومة المالية والجماعات الانفصالية التي يتقدمها الطوارق.
توترت العلاقات بصورة غير مسبوقة بين مالي والجزائر خلال الفترة الأخيرة، إذ استدعت مالي سفيرها لدى الجزائر في ديسمبر/ كانون الثاني 2023، بعد أن اتهمت الأخيرة "بالتدخل في شؤونها الداخلية ولقاء مسؤولين جزائريين قيادات من الطوارق الماليين".
وتراجع الاتفاق الذي دخل مرحلة الهشاشة في أغسطس/ آب بعد ثماني سنوات من الهدوء، حيث اندلع القتال بين الانفصاليين والقوات الحكومية المالية.
يقول نبيل كحلوش، الباحث في الشؤون السياسية الجزائري، إن إلغاء اتفاق الجزائر في دولة مالي اتُخذ من طرف المجلس العسكري الانتقالي وفق البيان رقم 064 و065 الخاص بالمجلس بشكل أحادي.
وأوضح كحلوش في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الخطوة تعكس دلالة بأنه رغم مجهودات احتواء الأزمة فإنها لم تفلح، وستضطر الجزائر لتغيير مقاربتها مع الحكومة المالية، التي لا طالما كانت تعول على توجهاتها الوطنية لتوطيد الاستقرار الاستراتيجي في مالي ومنطقة الساحل.
وأشار إلى أن "أحد السيناريوهين بات مطروحا بقوة: إما أن حكومة مالي قد رصدت تورطا جزائريا في حسابات ضيقة معينة مع أحد المحاور المعادية للمنطقة، وإما أن حكومة مالي نفسها هي من بدأت بالتورط مع محاور معادية".
ويرى الباحث أنه في كلتا الحالتين فلن يكون الأمر صدفة، لكن تغيير المقاربة الجزائرية بات ضروريا، إذ أنها تعتمد حتى الآن على الخطاب الدبلوماسي أكثر من الدبلوماسية الاقتصادية مع دول الجوار.
وأشار إلى أن الجزائر ذات تعامل اقتصادي ضعيف جدا مع كل من ليبيا ومالي والنيجر، إضافة إلى أن التبادلات معها ضعفت بشكل كبير بسبب القرارات التجارية ذات النتائج السلبية.
فيما يقول أكرم خريف، الخبير الأمني الجزائري، إن "اتفاق السلام كان يخول للجزائر ضمان تنفيذ الاتفاق، أي أنه من حقها أن تلتقي بكافة الأطراف".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "مالي أرادت الخروج من الاتفاق، لكن لا يمكنها أن تعلن عدم استمرارها في الاتفاق بشكل أحادي، واستثمرت الخلاف الذي وقع مؤخرا بسبب زيارة أطراف مالية معارضة للجزائر"، لافتا إلى أن الزيارة أغضبت الحكومة الانتقالية في مالي، رغم أن الجزائر يحق لها عقد اللقاءات وفقا للاتفاق.
ولعبت الجزائر دور الوسيط الرئيسي في جهود إعادة السلام إلى شمال مالي ورعايتها لاتفاق 2015 بين حكومة مالي والجماعات المسلحة التي يهيمن عليها الطوارق، والتي استمرت لسنوات دون أي إشكاليات.