ما مدى قدرات صنعاء على استهداف سفن أمريكية وإسرائيلية في البحر المتوسط، أم أن الأمر لا يتعدى التصريحات الإعلامية المتبادلة؟
بداية يقول العميد ثابت حسين، الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، إن "القراءة الواقعية لما يجري على الأرض تؤكد أن الحوثيين("أنصار الله")، لا يستطيعون الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط بالوسائل والأدوات المتوفرة لديهم".
القدرات الحقيقية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "ما جرى التصريح به، خلال الأشهر الماضية، من وصول صواريخهم إلى إسرائيل أو إلى قرب إسرائيل، لديّ شك في ذلك".
وتابع حسين: "كل ما يستطيع أن يفعله الحوثيون هو عمليات القرصنة ضد السفن انطلاقا من موقعهم على الشريط الساحلي للبحر الأحمر في منطقة صغيرة جدا بين محافظتي حجة والحديدة، وهي منطقة صغيرة جدا أعتقد أنها لا تتجاوز أكثر من خمسة إلى سبعة ميل بحري".
وأشار الخبير العسكري إلى أن "كل ما يستطيعون فعله هو عرقلة الملاحة في البحر الأحمر، انطلاقا من باب المندب إلى قناة السويس، لكن في إطار المنطقة الصغيرة التي يسيطرون عليها، حيث أن معظم أدواتهم البحرية تتمثل في زوارق الصيادين والتي يستخدمونها في عمليات قرصنة بمعنى الكلمة".
وأردف، قائلا: "ولا ننكر أن لديهم أيضا صواريخ موجهة بر- بحر هاجموا بها عددا من السفن الأمريكية وغير الأمريكية بما فيها السفن التجارية، وحاولوا أنهم يمدوا هجماتهم باتجاه البحر العربي وهو بعيد عنهم، لأن البحر العربي هو شريط ساحلي للجنوب وليس تحت سيطرتهم على الإطلاق، لكنهم يرمون تلك الصواريخ من محافظة البيضاء ومن محافظة الضالع الشمالية وليس الضالع الجنوبية، وهذه الصواريخ تصل بكل سهولة إلى البحر العربي".
الأهداف الأمريكية
واستبعد حسين وصول استهداف "أنصار الله" إلى البحر المتوسط، مضيفا: "يجب أن ندرك جيدا و نفهم أن الأمريكان ليس هدفهم من تلك الضربات التي يقومون بها القضاء على الحوثيين أو حتى تدمير قدراتهم، بقدر ما هدفهم توجيه ضربات تحذيرية و عقابية، أنا أعرف جيدا أن الموقف الأمريكي من الحوثيين موقف مهادن ومتخاذل، وهم يستخدمون الحوثيين كعصا غليظة ضد الجنوب وضد السعودية، وهي لعبة خطرة إذا ما استمرت بهذه الطريقة".
ولفت الخبير العسكري إلى أن "ميناء الحديدة مفتوح لهم والأسلحة الإيرانية تصلهم جهارا نهارا، ناهيك عن التهريب عن طريق عمان وهي معهم قلبا وقالبا والخلاصة أن الحوثيين لا يشكلون خطرا على أي دولة من دول المنطقة باستثناء الملاحة الدولية والجنوب، وليس لدى الولايات المتحدة نية للقضاء على الحوثيين".
مفاجآت قادمة
في المقابل يقول أكرم الحاج، المحلل السياسي اليمني (صنعاء)، إن "أنصار الله والقوات المسلحة اليمنية أصبح اليوم لديها المقدرة على تحقيق أهداف عسكرية واستراتيجية في البحر الأحمر والخليج العربي من خلال الصواريخ الباليستية والطيران المسير، ناهيك عن نوع جديد من الأسلحة لم يستخد في تلك العمليات حتى الآن، سوف تكشف عنه صنعاء بكل تأكيد في عملياتها القادمة".
وأضاف الحاج في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "مسألة استهداف الأسطول الأمريكي وإلحاق الضرر به في البحر الأحمر على سبيل المثال، بل كانت تصريحات وأفعال شاهدها العالم أجمع، وأثبتت البحرية اليمنية أنها تمتلك السلاح المناسب لخوض مثل تلك المعارك".
وأشار الحاج إلى أن "الأهداف التي تتحدث الولايات المتحدة الأمريكية عن استهدافها طوال الأسابيع الماضية، في الحقيقة هي مواقع سبق قصفها وضربها طوال ثمان سنوات من الحرب التي قادتها السعودية وتحالفها على اليمن، واليوم أنصار الله تستخدم الطيران المسير وإطلاق الصواريخ بعد كل تلك التصريحات الإعلامية الأمريكية".
"أكذوبة كبرى"
وأوضح المحلل السياسي أن "صنعاء تمتلك أسلحة يمكن أن تطلق من أي مكان ولا تحتاج إلى قواعد وسكنات عسكرية، الأمر الذي يعني أن الوضع الراهن لا يمكن الطيران الأمريكي والبريطاني من استهدافهم، وفي العادة ما يتم إطلاق الصواريخ اليمنية من المحافظات المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن".
وأردف الحاج أن "الحديث عن ضرب أهداف استراتيجية في اليمن هو أكبر أكذوبة تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية، والدليل على تلك الأكاذيب ما قامت به القوات المسلحة اليمنية وتقوم به من عمليات استهداف للبوارج الحربية والسفن الأمريكية، والتي تنكرها الولايات المتحدة رغم أنها واضحة أمام الجميع، وهذه هي أكبر مغالطة تقودها واشنطن والدليل على ذلك ما تقوم به من طلعات جوية مكثفة ردا على تلك الاستهدافات من جانب القوات المسلحة اليمنية".
تعليقا على تصريحات "أنصار الله" بأنها جاهزة لتوسيع عمليات استهداف السفن ليس فقط في البحر الأحمر، بل في البحر المتوسط والبحر العربي، يقول الحاج: "لا أستبعد ذلك وأتوقع أن يكون للألغام البحرية دور في مثل تلك العمليات، كل الاحتمالات جاهزة وهناك مؤشرات تؤكد أن هناك أسلحة نوعية جديدة لدى صنعاء سوف تدخل المعركة، وأعتقد أن استخدام تلك الأسلحة يتوقف على مدى استمرار الغارات الأمريكية على صنعاء، وليس منطقيا أن تستخدم أنصار الله كل ما لديها من أسلحة نوعية في عمليات متتالية، بل يتم في البداية جس النبض".
الأسلحة النوعية
وأكد المحلل السياسي أن "عمليات صنعاء البحرية أحدثت وجعا كبيرا للملاحة في البحر الأحمر، خاصة ما يتعلق بالسفن الأمريكية والإسرائيلية، كما أن هناك نسبة كبيرة من السفن لم تعد تدخل إلى البحر الأحمر والخليج العربي، وهناك مصانع وشركات أغلقت أبوابها بسبب عدم وصول المواد الخام، الأمر الذي أدى إلى ترنح اقتصاديات العديد من الدول، علاوة على ارتفاع تكاليف النقل، ما يعني أن القوات المسلحة اليمنية استطاعت أن تلعب دورا كبيرا في نصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
واختتم، بقوله: "تصريحات قائد الثورة اليمنية عبد الملك الحوثي، وتصريحات القوات المسلحة تحمل الكثير من الدلالات بأن هناك الكثير من المفاجآت والاستراتيجيات وأن هناك أسلحة نوعية جديدة سوف تدخل إلى المعركة".
وصرحت جماعة "أنصار الله" اليمنية، أمس السبت، بأنها "ستواصل استهداف السفن الأمريكية في البحرين الأحمر والعربي، إلى حين السماح بدخول الغذاء والدواء إلى الفلسطينيين في قطاع غزة".
وقال عضو المجلس السياسي الأعلى المشكل من جماعة "أنصار الله"، محمد علي الحوثي، في كلمته خلال وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، وللتنديد بالضربات الأمريكية والبريطانية على اليمن، حسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" في صنعاء، التي تديرها الجماعة: "نقول للأمريكي إن كل ما حشدته وكل المعارك، التي أشرفت عليها والطائرات والصواريخ التي قصفت بها بلدنا لم تثنينا على الإطلاق عن مواجهتك بشكل مستمر".
وأضاف الحوثي: "إذا أرادت أمريكا الحفاظ على هيبتها وسفنها، فإن المعادلة بسيطة، وهي إدخال الماء والدواء والغذاء لأبناء غزة وفك الحصار عنهم وإيقاف العدوان عليهم".
وتصاعد التوتر جنوب البحر الأحمر، بعدما أعلنت جماعة "أنصار الله" اليمنية، استهداف سفن تقول إن لها صلة بإسرائيل أو متجهة إليها أو قادمة منها، ردا على الحرب الدائرة في قطاع غزة، بينما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل تحالف دولي للتصدي لهجمات "أنصار الله" في البحر الأحمر، لكنها لم تتمكن من الحصول على دعم جميع حلفائها لدعم هذا التحالف.
وأعلنت جماعة "أنصار الله"، في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، "بدء اتخاذ إجراءات عملية للتعامل المناسب مع أيّ سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر"، مشددة على أن "العمليات ضد إسرائيل لن تتوقف حتى يتوقف عدوانها على غزة"، المستمر من الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأسفر القصف الإسرائيلي والعمليات البرية الإسرائيلية حتى الـ28 من يناير/ كانون الثاني 2024، عن مقتل أكثر من 26 ألف قتيل ونحو 65 ألف مصاب، إضافة إلى آلاف المفقودين، بحسب بيانات وزارة الصحة في قطاع غزة.